الإرهاصات بدخول إيران في تحالف عسكري مع السودان جعل إسرائيل تنظر بعين التوجس لما يدور في ردهات التعامل التجاري والعسكري بين الخرطوم وطهران، ولعل ما يفسر القلق الإسرائيلي هو وصول سفن أمريكية لذات الموقع الذي ربما يتحول إلى ساحة للصراع الدولي خاصة بين أمريكا وإيران، وحسب المفهوم الإستراتيجي المتعلق بالممرات المائية أو حراك السفن التجارية يعد البحر الأحمر من أخطر البحيرات والمنافذ التي تعبر القارات، ولعل المشكلة الرئيسة تكمن في أن الحراك المائي أقل تكلفة من غيره، وأرخص للنقل وشراء القطع الحربية إن كانت بغرض التجارة أو الحروب خاصة وأن الحراك المائي يعتبر ملكاً مشاعاً لكل الدول حسب الاتفاقيات الدولية فيما عدا المياه الإقليمية والممرات المملوكة كقناة السويس، نظراً لأنها حفرت في أراضٍ خاصة بمصر وبالتالي أصبحت مملوكة لها، وهذا ما يميزها ولو أرادت أي من القارات العبور الى اليابسة عليها أن تلتزم بالشروط المملوكة، ومن حق الدولة أن لا توافق، ويرى الخبراء الإستراتيجيون أن لحراك السفن العسكرية أو الحربية له أسس عديدة. الأساس الأول هو ضرب من ضروب استعراض القوة البحرية، فمثلا إيران عندما تحرك بوارجها استعراضاً لقوتها، خاصة وأن الحراك يكون روتينياً أو تجريبياً لهذه البوارج، وربما يأتي الأساس الثاني للتسابق العالمي بسبب التوتر في المنطقة، خاصة وأنها منطقة مليئة بالتوترات العسكرية، هذا الى جانب أن أي موقف يتخذ له معنى ودلالات وخطورة خاصة أن المنطقة ملتهبة جداً لا تستطيع أن تقف مع إسرائيل لأي ضرب من الضروب، وأن الدولة لها هيمنتها وفيها استقطاب حاد بمحاور التركي الأقرب الى الغرب، فالمحور الإيراني معه جزء كبير من الكيان الروسي، وبعض دول كتلة الاتحاد السوفيتي التي تفككت، وهذا تمحور إقليمي بعيد كل البعد عن التمحور العالمي، وإذا نظرنا لإيران نجد أنها تدعم من الصين وروسيا، لذلك مجرد ارتباط إيران والسودان يثير مخاوف دول الخليج العربي، الى جانب تعمق الفتق القائم بين السودان والدول الغربية، وهذا ما قاد محللين سياسيين أن تكون المياه جزءاً من الحرب. غير أن هناك سؤالاً مطروحاً، ما مدى تأثير البحيرات الخطرة في أي حرب، كخطورة البحر الأحمر خاصة وأن أي انفتاح يكون متأثراً ومؤثراً. غير أن الزيارة المتكررة للبوارج الحربية الإيرانية لميناء بورتسودان خلال اليومين الماضيين وقبل ذلك وبالرغم من وصف الناطق الرسمي للقوات المسلحة الصوارمي خالد سعد أنها زيارة عادية في إطار التبادل العسكري والدبلوماسي، ويرى محللون وخبراء أمنيون أن هذه الزيارات أزعجت دولة الكيان الصهيوني بشكل واضح وهو ما اتاح الفرصة لإسرائيل في أن تعتقد أن السودان صار بؤرة لما تصفهم ب »الإرهابيين« وأن الموانيء السودانية تستقبل الأسلحة من سفن ترفع أعلام دول أخرى، ولم تستبعد ضربات إسرائيلية لأهداف سودانية في اشارة لاحتمالات ضرب ميناء بور تسودان. المعروف أن للسودان علاقات مع إيران هذا ما ذهب اليه الخبير الأمني العميد حسن بيومي في حديثه ل»الإنتباهة« ، والعلاقات مفترض أن تكون مبنية على أسس المصلحة القومية للدولتين، واحترام سيادتهما وعدم تعرض أي من الدولتين للخطر. ويمضي بيومي الى ان تجربة السودان مع إيران سواء أردنا أو لم نرد، تؤكد أن السودان متهم بعلاقة غير واضحة ولا تصب في المصلحة، مشيرا الى ان المبررات لزيارة البوارج الإيرانية في ظرف شهر غير مقنعة من وجهة نظر المحللين، وهذا ما قاد اسرائيل للاعتداء للمرة الثالثة في معقل الأمن القومي السوداني »اليرموك« ويمس سيادة السودان وبالتالي عرضت مصالحها للخطر، ويقول بيومي، يستوجب علينا إعادة النظر في العلاقة مع إيران، وحذر بيومي من إعتداء اسرائيل على ميناء بورتسودان المرة القادمة، لافتا الى انها القصبة الهوائية التي يتنفس بها الاقتصاد السوداني... الجدير بالذكر أن ميناء بورتسودان استقبل خلال شهرين فقط سفن حربية إيرانية لثلاث مرات، وأخرى باكستانية، وثالثة أمريكية، مما يعكس إتجاهات صراع النفوذ الدولي وسباق المصالح الإستراتيجية الدولية، الأمر الذي يطرح السؤال: هل يصبح ميناء بورتسودان ساحة لسباق الإستخبارات الدولية؟