وأن يكون وزيرها من الطبقة الغلبانة.وأن تكون مدة رئاسته للوزارة ستة أشهر فقط، يستبدل بعدها بغلبان آخر.ذلك خشية أن «يرطب» الغلبان، ويبيع الجماعة.ولكن ينبغي أولاً أن نعرف مكانة القفة هذه والذي دعي لاستيزارها.يقول المصريون في أمثالهم: «ما صانع إلا صانع القفة، تقع من الجبل ما تتكسرش»! ذ يُدلُ على أن «القفة» قوية جداً والقوة كما نعلم تكمن أكثر في اللين.. كالماء والهواء.. وما العواصف والفيضانات التي ضربت أمريكا واليابان إلا مكون من تلك العناصر الناعمة. انظر كيف «جهجهت» الدول العظمى! لذلك مجدها المصري الذي بكى من سطوتها فأصبحت «القفة» رمزاً للمعايش.. وما أدراك ما المعايش.. يقولون: «المعايش جبارة». وعندنا مقولة شائعة تقول :«فلان شيلوهو القفة». وهذ تضرب للفتى الذي كان قبل «شيل القفة» حراً طليقاً قبل أن يتزوج.. ثم بعد أن دخل القفص الذهبي وبعد شهر العسل مباشرة، شاهده أقرانُه الذين لم يدخلوا القفص بعد، فيداعبونه ساخرين: «خلااااص شيّلوك القفة؟ طبعاً صاحبناً حيدخل السوق ويدخل إيدو في جيبو.. وبعدها زي ما بقولو: حيعرف «درب الله واحد». ولكن هنالك مثل آخر أكثر طرافة: «يا أخوي أنت كده حتمرق بي قد القفة». وكل شيء يمرق بي قد القفة خسارة. هذا يدل على أن «القفة» هي كل شيء في حياة الناس، لذلك فالذي يسقط من قد القفة يفقد الكثير. والذي يؤكد ويدعم المعاني والقيم السابقة مثل شعبي آخر أكثر قوة يقول:«ليه.. أنت قفة وألا أضان قفة»؟! قد يتبادر للذهن أن الفهم هنا هو التقليل من شأن الشخص.. لكن الواقع يؤكده ما تفعله القفة اليوم من ثورات شعبية تُهدد أنظمة وحكومات، وأطاحت بدكتاتوريات. وكما هو معلوم نحن نتبجح وندعي ونقول: «السودان سلة غذاء العالم» والسلة هي اسم آخر للقفة.. يعني نحن «قفة غذاء العالم» لكن الواقع يقول نحن «مارقين بي قد القفة»!! ومن خطورة القفة أنك إذا لم تعطها حقها أو استهنت بها، أو عجزت عن التزاماتها، أقعدك هذا عن التقدم أو الارتقاء واللحاق بالأمم المتقدمة فأصبحت عبداً للقفة. نقول في أمثلتنا الدراجة: «نعمل شنو.. «بقينا من الشماره للخُمارة» بضم الخاء ومعلوم أن الخُمارة هي «خمارة العجين».. وذلك في الطحين الذي تحمله القفة أصبح الشغل الشاغل مختصرًا فقط في الكد من أجل لقمة العيش.. لا زيادة في علم .. ولا جهاد.. ولا بناء مصانع أو منشآت استثمارية جديدة.. ولا ولا ولا.. والبعض يقولون: نصبح من الصباح «الدرشة ورا الدرشة»!! والدرشة من الدريش «من الذرة» وأيضاً هو ما تحمله القفة. فالقفة أو «وزارة القفة» هذه تحمل في داخلها اللحوم والخضروات والعيوش والبقوليات، والبهارات والزيوت والفواكه والالبان ومشتقاتها ذلك غير السكر والملح والصابون.. الخ هذه القفة الجبارة يعمل من أجل أن تمتلئ ردهاتها المصنوعة من «سعف»، يعمل تحت سموها مزارعون ومهندسون ودكاترة وفنيون وجزارون وسماسرة وايييييك «قيامة رابطة».. و«ما صانع إلا صانع القفة، تقع من الجبل ما تنكسرش»!! { الوالي ينشئ وزارة للقفة ولكن!! في المؤتمر الصحفي الذي عقده الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم أمس الأول أعلن عن اتخاذ جملة من الإجراءات والسياسات لحل أزمة المعيشة التي استعرت بارتفاع جنوني للأسعار أهمها إنشاء وزارة للاقتصاد وشؤون المستهلك وهي بالأكيد وزارة القفة التي ذكرناها وحتى لا يخرج القرار بي «قد القفة» ينبغي أن نحيطه بالآتي: أولاً أن الشرائح المتضررة حقاً هم الفقراء معظمهم أصحاب الدخل المحدود والمربوطون على وتد المرتبات وفيهم المعاشيون.. هؤلاء حينما تزاد الأسعار وترتفع تنخفض حسابياً مرتباتهم، وهذه مصيبة أو خدعة المرتب أو «الماهية» غير المحمية، وبطريق غير مباشر تكون كل الجبايات الحكومية والسمسرة الطفيلية والبلطجة المحلية هي التي سرقت الماهية يعني يا حضرة الوالي ينبغي وبصراحة كده أن تبني الوزارة المقترحة على آليات تؤمن وصول الخدمات والتسهيلات والتدابير اللازمة لتثبيت الأسعار وفقاً لمقدرة الحد الأدنى، وتصل للمستهلك مباشرة. يكون ذلك وفق تجربة كروت التأمين الصحي فكون هنالك تأمين غذائي أيضاً هذا يبعد تماماً السماسرة والنفعيين كما يؤمن أن الدعم الحكومي «إن وجد» سيصل للشرائح المستهدَفة. ان تعرف الوزارة المذكورة أنها وزارة الغلابى .. جاءت من أجلهم لحمايتهم، وحتى يتحسس السيد الوالي نبضها فليكن هو المشرف الأول عليها والمتابع ليوميات إنفاذ سياساتها. زمان كان الحد الأدنى للمرتبات هو تيرمومتر الأسعار.. يعني تبنى المرتبات على الأسعار. ثم بدأت الأسعار التي عادت في سباق غير متكافئ، وخرجت المرتبات من السباق معطوبة مغلوبة. ثم استنبطت آليات أخرى لترتق الفجوة الشاسعة ولكن هيهات هيهات.. لا جن ولا سحرة بقادرين على أن يلحقوا أثره. والمواطن يئس من كثرة المبادرات والتداوي ولسان حاله يقول: بكل تداوينا فلم يشف مابنا. المصيبة ليست في ضل الفيل.. المشكلة أصلها في الفيل. الآن هذه الحلول التي حدت بالحكومة أن ترفع الجمارك والضرائب والجبايات ثم تدعم بالاستيراد نخشى ونخشى أن يُلتف حولها. اللهم إلا إذا كان صاحبة الجلالة «القفة» تتمتع بالاحترام ولها الأفضلية والأسبقية.. لأن القفة أعزائي تُحمل على الرأس، فهي إذاً ذات مكانة سامية. وينبغي أن تنال من المسؤولين اهتماماً أكبر من ذلك فتكون على العين والرأس.