عندما قررنا أن نأخذ معنا المصقوع للخرطوم لكي نشتري له الركشة كإحدي دعائم مشروعنا الكبير لإزالة الأمية الكروية، فجأة رأينا غباراً من بعيد ظنناه إعصاراً، إلا أن الغبار انجلى عن عربتي لانكروزر تسابقان رياح دار الريح التي جاء منها النازحون. وترجل منهما رجال كنا نظنهم من أخيار رجالات الإغاثة، ولكن عندما لمحنا «كديرو المافي غيرو» تأكدنا أن في الأمر شيئاً جللاً. كديرو أحد كوادر نادي الهلال الذين يقومون بالأعمال إياها. فهو مكلف بإخفاء اللاعبين المراد تسجيلهم للنادي في أماكن لا يجد الجن الأزرق لمخبئهم سبيلاً حتى تنتهي فترة التسجيلات، كما إن له عيوناً ينقلون له أدق المعلومات عن التحركات المريبة التي تصدر من الفريق المنافس «المريخ». ولازالت لجنة نادي المريخ التي استعانت بكل أناطين الدنيا تبحث عن اللاعب «ستة شنكل» الذي تعاقدوا معه من قرية أبو شناكل ولم يتم إكمال تسجيله في المفوضية بعد أن دفع النادي لذويه ملياراً من الجنيهات لازالت القرية كلها تعدها جنيهاً جنيهاً فلم تنته من العد، ففاتهم خريف هذا العام ولم يزرع أحد شيئاً. كديرو المافي غيرو أخفى ستة شنكل، فلم يتمكن أحد أن يعرف أين أخفاه. ولجنة النادي أرسلت وفد مقدمة لأوزبكستان لأن هناك عرافاً «قاطعاً» اسمه «كشاف الدين معرفوش» يرد النملة التائهة إلى خليتها. ولكن السيد معرفوش خرج إلى خلاء أوزبكستان واختفى هناك فلم يعرف له مكان. واتضح أخيراً أن أعوان كديرو المافي غيرو اختطفوه وفروا به إلى منغوليا السفلى، ورجع وفد المقدمة بكدارة ستة شنكل كان قد أحضرها خدام السيد معرفوش ليدلوا بها على براعته في استكشاف المستخبي مما أخفاه كديرو الما متربي. فما الذي أتى به إلى قرية النازحين هذه؟ جاء كديرو المافي غيرو وسلم علينا وابتسامة خبيثة تتدلى من شفتيه: إن شاء الله تكونوا لقيتوه؟ فصحنا كلنا: وهو منو اللقيناهو؟ مالكم ما عارفينو؟ وطيب جايين هنا تعملوا شنو؟ جماعتي ليهم أسبوع براقبوا تحركاتكم المريبة دي وكلها مصورة في فيديو وعملنا ليها ورشة وحللناها.. بس ورونا لقيتوه ولا ما لقيتوه؟ إنت قاصد منو؟ إنتو عارفين أنا قاصد منو؟ تقصد ستة شنكل الإنت أخفيتو.. وناس المريخ بفتشوا ليهو؟ يا أخ ستة شنكل بتاع فنيلتك؟.. أنا بقول سمبريرو بتاع فاسكو دا قاما.. القالوا جا وناس المريخ أخفوه بجاي.. وهنا صاح المصقوع: نحنا جانا واحداً هني بقولولو «سمبو» حتى أنا سميتو «سمبو في جنبو». وصاح كديرو: طيب سمبو ده وين هسع؟ وأجاب المصقوع: تدفع كم كن سقتو جبتو ليك؟ وأجاب كديرو بضيق: يا أخوانا ده جبتوا من وين كمان؟ ورد المصقوع: جابوني؟ أنا كمان بجيبوني؟ يا زول إت ماك نصيح؟ تجيني في محلي وتقول لي جابوك من وين؟ على الطلاق إن ما عدلت كلامك واتعضرت لي قدام الرجال ديل.. سكيني علا تاباك.. وتأزم الموقف وبرز من وسط النازحين بعض الرجال وهم يهزون عصيهم وسكاكينهم بينما أحاط بعض منهم باللاندكروزرين وحملوا بعض الحجارة الضخمة وثبتوا بها اللساتك. وشعرت أن مشروع إزالة الأمية الكروية في خطر بسبب جهل كديرو الذي استخف بهؤلاء القوم فقلت لكديرو: شوف إنت لازم تعتذر للمصقوع دا وإلا ما حيحصل طيب.. وصاح المصقوع: يعتذر لي؟ زي كلام الأفندية يعني؟ أنا بقول يتعضر لي.. ما يعتذر.. وإذي كان وابصر إيه وما عارف إيه.. يتعضر لي بكلام رجال.. مو شغل الأفندية. وقلت للمصقوع : يا أخ إتعضر ليهو بكلام رجال.. وقول لو يا اخوي أنا بتعضر ليك وواقع وراك إن ما عفيت مني.. وأذعن كديرو للأمر وقال: يا أخوي أنا بتعضر ليك وواقع وراك إن ما عفيت مني.. وتدخل شيخ خدر كبير القوم قائلاً: أيا.. كدي تراهو دا تعضر الرجال.. وإت يا المصقوع سامحو.. باقي المسامح كريم بعد ما قال لك واقع وراك.. عاد جاي تنطوا؟ عيب عليك. وقبل المصقوع «تعضر» كديرو وعادت الابتسامة لوجوه الرجال. وقال شيخ خدر: وإتو بتدوروا شنو؟ ورد الصقوع: يا شيخ خدر الناس ديل بروغو لم زول إسمو سمبو.. داك الليلة جانا مع ناس الإغاثة جاب الجبنة الرومي.. السوت ليك وجع البطن.. خابرا؟ أيا.. هي المسنوحة.. وهسع زولهم دا عندنا هني؟ أيا.. موجود وأنا بخبر محلو .. وسعيلي الله إن ما أدونا الشي الفلاني ما بنوريهم يا. وسألت كديرو: وإنتو القال ليكم سمبريرو هنا منو؟ ورد بوقاحة: القال ليكم إنتو وهسع جابكم بجاي.. وصحت فيه: إنت ما عايز تخلي لداحتك دي؟.. نحنا جايين في مشروع إزالة الأمية الكروية وما عندنا دخل بسمبريرو ولا غيرو.. ده على فرعون يا هامان !!! طيب ما تزيلوا إنتو أميتكم الكروية أولاً وتعرفوا سمبريرو لاعب فاسكو دا قاما المشهور اللي العالم كلو ببحث عنو.. وأخرج كديرو صورة للاعب سمبريرو وقدمها للمصقوع: أسمع.. الزول سمبو.. شكلو زي ده؟ يا هو ذاتو.. حتى عندو فلجة.. كدي شوف يا حامد.. دحين ده مو الزول الأنا قلت ليكم سمبو في جنبو؟ يا هو ذات نفسو.. لكين أنا ما شفت ليهو فلجة. ونشأ جدال حاد بين أفراد حلة مسيخيتة للاجئين حول فلجة سمبو أم عدم وجود فلجة عند سمبو.. وتضايقنا كلنا لأن القضية الجوهرية انحرفت عن مسارها . لقد جئنا لكي نزيل الأمية الكروية ولم نجيء للتأكد من فلجة سمبو .. ولهذا صحت فيهم: يا أخوانا بي فلجة أو بدون فلجة يا هو ده الزول الإسمو سمبو.. ولا لا؟ أجابوا برد قاطع: أيا يا هو. وتساءل كديرو؟ بتعرفوا محلو وبتقدروا تجيبوه لينا؟ أيا.. بلحيل.. بس بتدونا كم كان جبناهو؟