شيخ الساعاتية العم عثمان عبده أحمد لا يزال يفخر بصنعة آبائه، فوالده عبده الساعاتي كان له دكان مشهور بسنجة لصيانة الساعات خاصة السويسرية .. وتنقّل والده في جميع مدن السودان وترك ذكرى طيبة هناك. فأهل مدينة بابنوسة لهم شارع مثلاً يسمى (شارع عبده الساعاتي). وأخذ العم عثمان مهنة والده وهو طفل في الخامسة من عمره.. حيث بدأ في مساعدة والده في صيانة الساعات.. الحوار أدناه أجريناه مع شيخ الساعتية من داخل محله بالسوق العربي بالخرطوم فإلى مضابطه. { هل تعلمك لصيانة الساعات أبعدك عن التعليم؟ لا.. فأنا درست كل مراحل التعليم الأولي والوسطى ثم المعهد الفني بسنجة.. { احكِ لنا.. عن الساعة التي قمت بصيانتها لأول مرة.. أول ساعة قمت بإصلاحها ماركة (نوسينا) وكان أجري فيها 25 قرشاً. وكانت حدثًا وسط الساعاتية وقتها فهي نفسها كانت صعبة الإصلاح وقبضي لهذا الأجر الكبير وقتها (عام 1954) جعلني لم أنم تلك الليلة. { ومن هو صاحب تلك الساعة؟ صاحبها العم سليمان فضل المولى وهو سائق قطار، وكانت هذه الساعة لها قيمة كبيرة عنده. { هل مثل لك هذا الحدث نقلة كبيرة؟ نعم.. جعل والدي يثق فيّ ويدفعني لدخول هذه المهنة. { ما الفرق بين الساعات في السابق والآن؟ الساعات في السابق وخاصة السويسرية مصنوعة من خامات جيدة لذلك فهي متينة، أما الآن فهي نفايات إلكترونية لا غير.. { علاقة الجيل الحالي بالساعة هل تشبه الجيل السابق؟ الساعة ليست جماليات وزينة فقط فهي قيمة لضبط إيقاع الحياة وبالتالي ضبط الزمن.. وبمجرد انفراط هذا الانضباط فقدت الحياة قيمتها.. فالجيل السابق كان أكثر انضباطاً.. أما الجيل الحالي فالساعة عنده اكسسوار. { ما هي أجود الساعات في السوق؟ هي( الرولكس، الاوميقا، زوديك، باتك ڤلب،رومر، جوڤيال، وست آند، لوسينا). { وما هي أغلاها سعراً؟ الساعات السويسرية ماركة شوبار.. فقيمتها تصل إلى (15) ألف دولار. { من هم أبرز الشخصيات السودانية اهتماماً بالساعة (ساعة اليد)؟! (نميري، وقرنفلي، دكتور ياجي، المرحوم عبد العزيز شدو، الطيب عبد الله رئيس نادي الهلال السابق)، فالرئيس نميري كان أكثر اهتماماً بالساعة والزمن وكان يبعث لي معارفه وأصدقاءه بمذكرة منه ويمنحني عشرة أضعاف ما أطلبه مقابل صيانتي لساعاته. { عرفنا أن الأدوات التي تستخدمها الآن هي هدية من مصنع جوڤيال السويسري للساعات. احكِ لنا قصتها؟ في العام 1976م عند افتتاح معرض الخرطوم الدولي أتى صاحب مصنع ساعات جوڤيال السويسرية (بيرقون) تعرفت عليه وعندما وجدني أجيد صيانة الساعات (جوڤيال) أهداني معدات صيانة ودعاني لزيارة سويسرا.. وظل متواصلاً معي.. { ألا توجد سيدة تهتم بالساعة ظلت تتواصل معك؟ في السابق كانت السيدات اللائي يهتممن بالساعات قليلات ما عدا السيدة ثريا زوجة المرحوم هاشم ضيف الله.. أما بنات هذا الجيل فالساعة عندهن تكملة زي (اكسسوار).. { ما هي أغلى ساعة قمت بصيانتها؟ ساعة الرئيس نميري وهي ماركة (أومقا) وهي من الذهب الخالص. { أنت قلت إن المعروض من الساعات الآن عبارة عن نفايات.. فأين اختفت الساعات الجيدة؟ الساعات الجيدة سعرها فوق الألف جنيه وهي معروضة في عفراء وشركة جوڤيال بالخرطوم (2). { هل ذلك يعني أن الذوق السوداني تدنى؟ نعم.. فالمصانع الأوربية كانت تنتج حسب الذوق السوداني فصنعوا لنا ساعة الجيب خصيصاً كما صنعوا لنا ساعة (هنا أم درمان). { ألا تتفق معي أن الساعاتية الجيدين قليلون؟ نعم.. لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة بالخرطوم. { ومن أتى بهؤلاء الأفارقة الذين يعملون في صيانة الساعات بالسوق العربي؟ هؤلاء كنغوليون من بقايا جنود لومامبا فوجدوا أن صيانة الساعات (النفايات).. فهم فقط يغيرون الحجر.. { العم عثمان عبده.. أمنية في البال؟ وضع الإنجليز في الخرطوم أربع ساعات كبيرة في مبانى (محلية أم درمان.. البوستة.. القصر الجمهوري.. مدرسة وادي سيدنا).. وهي ساعات على غرار ساعة (بك بن) ومنها ثلاث ساعات لا أعرف أين ذهبت الآن (القصر، محلية أم درمان، البوستة أم درمان).. وأمنيتي أن أعيد ساعة مدرسة وادي سيدنا إلى سيرتها الأولى.. { ولكن ساعة محلية أم درمان تمت صيانتها؟ لم تتم صيانتها وإنما استبدالها بأخرى إلكترونية.. استُجلبت ب 20 ألف دولار.. لتعمل خمس سنوات فقط وتتوقف بعد ذلك.. وحتى الآن متوقفة. {وأين ذهبت الساعة القديمة؟ لا علم لي.. فهي ساعة أثرية..