لم يكن الابن «ن» يحرص على أداء الصلاة في ميقاتها وإذا صلى قضاها في البيت الامر الذي كان يؤرق مضاجع والده الذي كان يكثر من القول له يا ابني لا تفوت صلاتك لا ترتكب جرماً يباعد بينك وبين الله تعالى لا تختم حياتك بأمر يبغضه الله وقد تُدخل نفسك النار، والابن يقول لأبيه: «إن شاء الله حاضر. ولكن دون أن يحرك ساكنًا ثم اتخذ الأب قراراً بعد أن شعر أن الأمر استفحل، وكان قراره هو طرد ابنه من البيت وان لا يعود له إلا إذا التزم بصلاته، وفي يوم من الأيام استجمع الأب قواه لينطق بكلمة «لا تدخل البيت» برغم قسوتها على نفسه. فلماذا يطرد الآباء أبناءهم؟ وكيف تعالج المشكلات بين الطرفين؟ وماهي أفضل السبل للحوار مع الأبناء؟ البيت الكبير طرح القضية على عدد من المختصين فماذا قالوا.. فريسة سهلة يؤكد عبد الرحمن محمد/ أب لثلاثة أبناء أن جيل اليوم يختلف كثيرًا عن الأجيال السابقة ففي الماضي كان الأب يطرد ابنه لأي سلوك لم ينل رضاءه في المجتمع ويقوم الأجاويد بالصلح بينهما ويسعون الى رأب الصدع ويعيد الابن للبيت مقابل وعد منه بالحرص على بر الوالدين وترك ما يغضبهما وكان الطرد في السابق يمثل هزة لأركان المنزل ولكن ما يفعله بعض الآباء اليوم يجهلون أنهم يقعون في خطأ فادح عندما يقررون في لحظة غضب أن يطردوا أبناءهم من البيت متخيلين أن في هذا الطرد حلاً وفي ذاكرتي ابن احد الجيران في فترة المراهقة تعرف على شلة من الشباب الفاسدين فتعلم منهم تعاطي الخمر والسجائر وغيرها من السلوكيات التي أزعجت الجيران فبعد أن أعياه الوصول معه الى حل قرر طرده من البيت ظنًا منه انه الحل وللأسف تمادى ووصل الى حال يرثى لها وأصبح فريسة سهلة للوقوع في الأخطاء لذلك لم يكن ولن يكون الطرد حلاً، وبرغم جلوسي مع الابن عدن مرات لإقناعه بالعودة ألا انه كان يرفض بحجة كرهه للمنزل. الافتقار إلى لغة الحوار فيما يرى عثمان حسن/ موظف أن هذا السلوك يقدم عليه في الغالب بعض الصالحين في حال تقصير الابن عن أداء الصلاة أو لاكتشاف أن ابنه يدخن في محاولة منه للمحافظة على الأعراف والتقاليد الصحيحة المستمدة كثير منها من تعاليم الشرع الحنيف، وفي اعتقادي ان الافتقار الى لغة الحوار بين الاب والابن خاصة في فترة المراهقة وهي من أصعب الأشياء فهي الفترة التي يجب ان تسود فيها روح النقاش وليس الصراع الدائم فما دام المراهق يتجه نحو الاستقلال والاعتماد على الذات، فمن الطبيعي ألا نقيد حريته وإحاطته بكل وسائل الأمان والمهم أن يبتكر الأب نقاطًا للالتقاء أو مساحة للاتفاق حتى لا يصلوا لمرحلة طرد أبنائهم. أسلوب ناجح وكان لأسحق محمد / رأي مخالف حيث قال إن طرد الابن من المنزل أسلوب ناجح يُقدم عليه الأب في حال عصيان الابن للتوجيهات التي لا تخلو من الشدة التي من شأنها ان تنهاه عن ارتكاب ما يراه الأب مخالفًا لقواعد التربية او أعراف المجتمع أو الدين كالسهر خارج المنزل لساعات متأخرة خاصة مع انتشار الفساد ومخافة الأب من وقوعه في المحظور، وعن نفسي جربت هذا مع ابني المتوسط الذي شب عن طوقه وجاء بما لم يأتِ به أشقاؤه ورفض الاستماع الى نصيحتي فقفلت الباب في وجهه ليبيت خارج المنزل ورفضت كل التوسلات من الأسرة وتوسلاته عندما شعر بجدية الأمر وحتى لا يكبر الأمر تكفل احد أفراد الأسرة بفتح الباب له ومن يومها لم يفعل ما نهيته عنه مجددًا. استنكار خديجة عبد الله / ربة منزل استنكرت سلوك طرد الأبناء من المنزل وقالت إن من شأنه إن يجعله فريسة سهلة للفساد والمفسدين كما ان قفل الباب في وجه يمكن انه يفتح عليه ألف باب للشر والفساد وقد يقوده الى العناد وهذا السلوك يقوم به الآباء أكثر من الأمهات فلم نسمع يومِا بأم طردت ابنها فمن الأخطاء التي نرتكبها كآباء تجنب الحوار بشفافية مع الأبناء مما يجعل المراهق يبحث عن أي وسيلة أخرى مهما كان ضررها ليعرف ويفهم ما لا يعرفه، وأن يكون هناك قدر من التفاهم بينهم حتى تنشأ العلاقة السليمة التي تبنى على الثقة بين الطرفين. الطريق إلى الانحراف ويؤكد أستاذ محمد احمد المتخصص في علم الاجتماع ان الكثير من الآباء يعتقد أن أسلوب الطرد يربي الابن العاق وغير المطيع وأنه سيعود بعد يوم أو يومين من طرده من المنزل غافلين ان ذلك قد يسبب فجوة أكبر مما كانت عليه لانهم بذلك يفتحون عيونه على الطريق وأصدقاء السوء وبالتالي يكتسب سلوكيات ضارة وخطيرة قد تقوده الى الانحراف والتمرد على أسرته وقد يصل الأمر به الى التفكر باتخاذ عدم العودة إلى المنزل مرة أخرى، وعندها تحدث الكارثة غير المتوقعة بدفع الابن إلى الانحراف وطريق الفساد.. وينصح الأستاذ محمد بضرورة إذكاء روح الحوار الهادف داخل الأسرة لأن أسلوب القمع والطرد من الأساليب غير المجدية واتباع أساليب التربية السليمة التي تبنى على الاحترام المتبادل بين الطرفين وزرع بذور الثقة منذ الصغر، ويؤكد ان أصحاب السوء قد يجرونهم إلى أنواع الانحرافات في ظل إحساسهم بالنفي من الأجواء العائلية فيقعون في شرك السلوكيات السلبية التي هيأها لهم رفاق السوء.