الآن فقط أيقنت تمامًا مثل الكثيرين بأن جهابذة الفساد، وأكابر المجرمين ولصوص المال العام يلجون أبواب السياسة ويدخلون هذا العالم الغامض من أجل البحث عن غطاء لنشاطاتهم المشبوهة، وغاية هؤلاء هي الحصول على «الحصانة» التي تمثل الضمان الكافي لحماية الممارسات المخالفة للقانون والضمير الإنساني والوجدان السليم، وهؤلاء يستغلون ذكاءهم الإجرامي مثلما يستغلون نفوذهم والسلطات الممنوحة لهم في تحقيق منافع ذاتية، أو شهوة عابرة، لذلك لا يخالجني شك في أن من يسعى إلى السلطة بنهم وبأي ثمن ويخاصم ويفجُر في الخصومة ويضرب تحت «الحزام»، فهو متسلل إلى هذا العالم الساحر، ليس من أجل خدمة الشعب، ولا من أجل سواد عيون الوطن كما يدَّعي، وإنما لتغطية الوجه القبيح لأفعاله، وإيجاد فضاءات آمنة لممارسة الرذيلة وكل ما هو قبيح ومخالف للفطرة السليمة... ومن عجب أن هؤلاء الداخلين إلى عالم السياسة من هذا الباب يتوهمون أن الناس لا يشكون مطلقًا في تصرفاتهم مهما كانت مشبوهة، ويظنون أن العامة يُحسنون بهم الظن في كل الأحوال، وأنهم بعيدون من كل الشبهات، نعم هكذا يتوهمون شفاهم الله أقول ذلك وبين يدي فضائح لمسؤولين كبار أهانت كرامتهم شهوات عابرة فوقعوا في أحضان الرذيلة والفاحشة، وآخرون هزمتهم شهوة المال فراحوا يجمعون القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والدولارات والإسترليني، ويتطاولون في البنيان، مستغلين في ذلك السلطة والنفوذ، أقول ذلك وقد تقافز إلى ذهني أن أكثر أصحاب الشيكات المرتدة والمعسرين، وناهبي البنوك بالضمان الشخصي من أصحاب الحصانات وأهاليهم وأصدقائهم، ولا تخالني أيها القارئ الكريم سأحدثك عن النهب بالقانون مثل الحوافز الخرافية والمخصصات والامتيازات و«الكوميشنات» وما أدراك ما هذه الأخيرة.