بات تراجع العملة الوطنية مقابل سعر الصرف أمر أقل ما يوصف بالطبيعي في بلد يشهد فيه اقتصاد متهالك وميزانية وجدت رفضًا واسعًا من قبل أهل الاختصاص الأمر الذي شكل هاجسًا كبيرًا على القائمين بأمر الاقتصاد بالبلاد، حيث شهدت الأيام الماضية ارتفاعًا جنونيًا في سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه بالسوق الموازي لم يشهده تاريخ مسيرة الاقتصاد السوداني عبر العصور المنصرمة والحكومات المتعاقبة فالقفزة الأولمبية لسعر صرف شراء الريال السعودي من التجار بالسوق الموازي إلى جنيهين، فيما تجاوز سعر صرف الدولار (7) جنيهات أحدث هزه قوية للجنيه أثرت سلبًا في ارتفاع العديد من السلع الاستهلاكية على خلفية الزيادة في وقت عزا مجموعة من التجار الارتفاع الى غياب الرقابة المفروضة في السوق موضحين أن عددًا من التجار يعمدون إلى فرض سعر للريال دون الرجوع إلى أسعار البورصة الأمر الذي قاد إلى تذبذب سعر الصرف في وقت نشطت فيه حملات تفتيشية من قبل إدارة الأمن الاقتصادي إلى محاربة ظاهرة السوق الموازي والحد من تجارة الشنطة لاسيما في منطقة وسط الخرطوم إلا أن الأمر ما زال متفشيًا في مناطق نائية تبعد عن أيدي السلطة نشط فيها التلاعب بسعر العملات بصورة كبيرة الأمر الذي حدا ببنك السودان المركزي إلى تطبيق قرار بحظر مصرفي على كل تجار العملة في السودان، كاشفًا عن أجهزة تقوم بجمع معلومات يتم بمقتضاها إصدار قرار الحظر في ظل تأكيدات مراقبون اقتصاديون أن نشاط الاتجار بالعملة يتركز خارج البلاد لجهة اعتماد المغتربين في تحويل مدخراتهم خارج القنوات الرسمية للاستفادة من فرق السعر إلا أن قلة العرض من العملة مع تزايد الطلب يفند ما ذهب إليه المركزي في تحميل سبب ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية بربط تجار العملة سعر الدولار بسعر الذهب. الأمين العام لاتحاد الصرافات جعفر عبده حاج أكد اختفاء السوق الموازي لجهة الحملات المكثفة من قبل إدارة الأمن الاقتصادي مشيرًا الى ان التجار يعمدون لزيادة سعر العملات لحذرهم الشديد من تلك الحملات، وأضاف ان سعر الريال في الصرافات بلغ (1،680) جنيه، في ذات السياق وصف الخبير الاقتصادي د. محمد الناير ارتفاع اسعار العملات بالاستغلال من قبل تجار العملة للظروف الراهنة بغرض الحصول على أكبر قدر من الأرباح مشيرًا إلى أن نهاية العام تشهد مضاربات على العملات الأجنبية تنتهي مطلع العام القادم، وحذّر من تركها دون حسم مما يعود بارتفاع سعر الصرف أمام العملة الوطنية داعيًا لوضع سياسات عاجلة لمتبقي العام ومطلع العام القادم للحد من الارتفاع بضخ عملات أجنبية عبر الحصول على قرض عاجل يساعد في تمكين البنك المركزي للضخ، وقال إن سياسة الحملات لن تجدي نفعًا لوحدها. رئيس غرفة المستوردين باتحاد الغرف التجارية سمير أحمد قاسم رسم واقعًا باهتًا لوضع المستوردين، وأكد عدم تلبية رغبات المستوردين في الاستيراد الأمر الذي قاد الى اللجوء للسوق الموازي للحصول على مبتغاهم وطالب بضرورة توفير العملة الأجنبية مقابل الطلب، واعتبر زيادة سعر الصرف امرًا طبيعيًا في ظل قلة العرض وكثرة الطلب والذي ربط توفير العملة للقطاعات المختلفة بالحد من نشاط تجار العملة.