أجد نفسي متفقاً مع الأخ الشيخ كمال رزق بنسبة مائة بالمائة، بشأن الذي يبث من قبل بعض الفضائيات، خاصة تلك الصور الفاضحة التي تعكس مجوناً وانحرافاً بالحفلات الخاصة بالزواج التي تقيمها بعض الأسر بالأندية والصالات. ومع أننا مع إتاحة الحريات وعدم التجسس والتحسس بالتنصت على الناس عبر الشبابيك باعتبار أن الذي يمارسه الأفراد داخل بيوتهم وبعيداً عن أعين النَّاس هو أمرٌ من قبيل الأسرار التي لا يجوز الاطلاع عليها، ذلك لأن الذي يستتر بتغطية عورته، فإن الله سيستره. أما المجاهر بها الذي لا يتورع من كشفها وإحاطة الكافة بها فإنه هو والفضيحة سيَّان، كما أن الذي لا يستحي من العيب هو الذي نزع الله منه قيمة الحياء. فلا والله لا في النَّاس خيرٌ ولا في الدنيا، إذا ذهب الحياء. فأجهزتنا الإعلامية التي تنقل الحفلات الخاصة التي تقام داخل الصالات، إنما تفعل فعلاً كان ينبغي حصره في أولئك الذين تلوثوا به، وألا تسهم القنوات الفضائية ببث صور عارية وصدور بارزة، ورؤوس حاسرة، لأناس لجأوا بسوءاتهم إلى أركان مظلمة، وهو أمرٌ يخصهم ولا يخص المشاهدين عموماً بأي حال. ونعلم أن ديننا الحنيف ينهى عن التجسس والاطلاع على عورات العباد، ولا يجوز لحاكم أن يتسور البيوت، أو يتلصص على رعيته، حتى إذا كان أحد الرعية قد آوى إلى داره معاقراً للخمر حتى سالت قطراتها من بين شفتيه. والقنوات الفضائية ببلادنا، خاصة تلك المملوكة ملكية عامة، لا أجد أن لديها أدنى درجة من الحق والصلاحية، لتعكس لنا ممارسات تمارسها جماعات تحت مظلة حرية الرقص والبهجة، في الوقت الذي فيه أن مثل تلك الممارسات، تلعب دوراً سالباً ومؤثراً في البناء الأخلاقي، و تدمر أعمدة راسخة حافظنا عليها بالتربية والأصالة، الأمر الذي أدى إلى حصر السلوك المنحرف في زوايا ضيقة، وأزقة لا يرتادها إلا الذين ابتلوا بسوء الأخلاق وخصائص الانحطاط. والبرامج التي درجت الوسائط الإعلامية المشاهدة على بثها باعتبار أنها تعبّر عن التراث السوداني والثقافة المجتمعية،لا ينبغي أن تكون بمثل هذا الذي يبُث، ذلك لأن الأغاني الهابطة ليست تراثاً سودانياً، والملابس العارية ليست هي الثقافة المرعية، وإنما كل الذي نشاهده يتنافى مع القيم والصفات السوية. وكان الأجدر بأجهزة إعلامنا أن تعكس ما يتمتع به هذا المجتمع من رقي و طهارة وعفة، ويبذل جهدٌ آخر في إطار تعميم الرسالة التي من شأنها أن تصحح المفاهيم، وتقضي على العرف الفاسد وتقتلع ما أصيب به بعض النَّاس من إبتلاء يحسبونه جزءاً من تقليد وهو ليس إلا جزءاً من ضلال قديم. والشيخ كمال رزق، معه ألف حق، في دعوته إلى ضرورة تصحيح مسار أجهزة الإعلام، لافتاً الانتباه للعاملين فيها، وذلك من أجل ألا تكون أجهزة لإشاعة الفاحشة، بينما هي محاصرة في الأركان، وألا تعلي وتزيّن مناظر لا تلقى القبول من شعب تعمقت في وجدانه الكراهية للتفسخ والتحلل، ومن يذبحون القيم وكريم المعتقدات والأخلاق.