واجه السودان في عام (2012)، تحديات كثيرة في شتى المجالات في ظل استمرار مؤامرة دولية وإقليمية استهدفت أمنه واستقراره حتى بعد انفصال الجنوب وما زالت مستمرة في إثارة القلاقل والمشكلات داخل أرجائه، رغبة في زيادة تفككه وتعرضه للتقسيم مرة أخرى ورغمًا عن ذلك فقد تحققت إنجازات عديدة كان لها الأثر الواضح في إيجاد مخارج من الأزمات التي ظلت محدقة بالبلاد ومع أفول شمس آخر يوم للعام (2012) يوم أمس انطوت صفحات من الإنجازات والإخفاقات ولعلها تكون محطات تتجدد عندها الآمال العراض إنجازات رغم الأزمات رغم الأزمات التي تعيشها البلاد فقد استطاع الاقتصاد السوداني أن يبرهن للكثيرين من الداخل والخارج أنه برئ من اتهاماتهم له بالانهيار.. ورغم تهويل أزمة الاقتصاد السوداني إلا أنه سجل إنجازات كبيرة خلال هذا العام المنصرم يجملها د. محمد الناير الخبير الاقتصادي إنشاء وتشغيل مصنع سكر النيل الأبيض بمعدل إنتاج (140) ألف طن في العام الأول على أن تصل طاقته القصوى إلى (500) ألف طن عام (2014) هذا إلى جانب أهدافه الاقتصادية الأخرى بتوفير الطاقة الكهربائية (50) ميقاواط للشبكة القومية وتوفير الخدمات الاجتماعية من طرق وصحة وتعليم لأهالي المنطقة هذا المشروع العملاق هزم كل المشكلات التي وقفت في طريقه وكان آخر المشكلات هي عجز الشركة الهندية عن توفير «برمجيات» التشغيل للمصنع متعللة بأنها تعاقدت مع شركة أمريكية لتوفير هذه البرمجيات لكن الشركة لم توفِ بوعودها لأنها تخضع لنظام الحظر الاقتصادي الأمريكي على السودان مما أدى إلى تأخير افتتاح المصنع من يوليو الماضي إلى يناير القادم لكن المصنع تجاوز هذه المشكلة وبدأ الإنتاج والتوزيع إلى الولايات.. ورغم أن تكلفة المشروع وصلت إلى (5.1) مليار دولار إلا أن التوقعات تقول إنه سوف يوفر حوالى (300) مليون دولار سنوياً لخزينة الدولة. ٭ حصاد المياه والسدود المشروع العملاق الثاني الذي عزز قوة الاقتصاد السوداني وصموده هو مشروع تعلية خزان الروصيرص ذلك الحلم الذي ظل حبيسًا لأكثر من (40) عامًا ويقول د. الناير في سرده ل «الإنتباهة» إن مشروع التعلية قد أوفى بأهدافه الاقتصادية بتوفير حوالى (3) مليارات متر مكعب من مياه الري التي سوف يستفيد منها مشروع الجزيرة الذي يعاني من العطش وتستفيد منه المشروعات الزراعية بالنيل الأزرق وولاية النيل الأزرق كما هو معلوم هي ولاية زراعية تضم مشروعات شراكة مع دول عربية ومع الشركة العربية للإنتاج الزراعي تعلية الخزان تزيد كذلك مساحة الجروف التي تنشأ في البحيرة بحوالى (71.4) ألف فدان بزيادة (100%) عمَّا هو قائم كما تمكن التعلية السودان من استغلال حصَّته من مياه النيل، التي تبلغ (18.5) مليار متر مكعب، أيضاً تزيد تعلية الخزان من التوليد الكهربائي بنسبة (50%) ليرتفع إنتاج خزان الروصيرص من الكهرباء من (1200) قيقاواط/ ساعة في العام إلى (1800) قيقاواط/ ساعة في العام. كذلك ستزيد تعلية الخزان إنتاج الكهرباء في سد مروي بمقدار (1000) ميقاواط/ ساعة ويعتبر الخبير الاقتصادي د. الناير أن استمرارية العمل بسدي أعالي عطبرة وستيت في ظل هذه الظروف يعد إنجازًا يحسب للحكومة كما أجازت الحكومة والبرلمان إجراءات تقشفية بتخفيف الإنفاق الحكومي وإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة ورفع الدعم جزئياً عن المحروقات بجانب بعض السياسات الاقتصادية الأخرى المتمثلة في زيادة الضرائب والجمارك. لم ترض السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها بعض الشرائح خصوصاً الطلاب المحتقنين ذاتياً بمشكلات سياسية تتعلق بالصراع السياسي على المنبر الطلابي بالجامعات فخرج بعض الطلاب في مظاهرات محدودة رافضين لهذه الإجراءات إلى جانب بعض القوى السياسية المعارضة التي تسعى إلى استغلال مظاهرات الطلاب لتوسيع دائرة الرفض العام لارتفاع الأسعار وتحويله إلى حركة احتجاج أوسع ضد الحكومة. ٭ الزراعة كبش الفداء ولم تكن هناك إشراقات واضحة لإعادة مشروع الجزيرة إلى سابق عهده من واقع الانتقادات المستمرة لسياسة الدولة تجاه الزراعة وفشل هذا القطاع أن يسد النقص من صادر البترول كما كان متوقعًا غير أن الموسم الزراعي شهد نجاحًا واضحًا في المحاصيل النقدية مثل السمسم والذرة والحبوب الزيتية وغيرها وفيما يلي الثروة الحيوانية فقد بلغت صادراتها حتى نهاية الأسبوع الماضي «3» ملايين و692 ألف جنيه.. وقال وزير الثروة الحيوانية د. فيصل حسن إبراهيم إن القطاع شارف على تحقيق أهداف البرنامج الثلاثي في عامه الأول الذي يهدف إلى زيادة الصادرات غير البترولية، وقال إن ما تم تصديره في قطاع الأبقار حوالى (26) ألف رأس بنسبة لا تتجاوز ال 30%، مؤكدًا حرص وزارته على مضاعفة صادر الأبقار خلال العام المقبل، مشيرًا إلى التقدم الكبير الذي أحرزه قطاع صادر الأغنام الذي بلغ (160) ألف رأس بجانب (550) ألف طن لحوم، وأشار الوزير إلى أن إنتاج اللقاحات وصل إلى (53) مليون جرعة، بجانب (30) مليون جرعة أخرى معدة، وقال إن عائد صادرات الولايات بلغ (48) مليون جنيه، موضحاً أن وزارته تستهدف خلال العام المقبل (2013م) نسبة نمو(10%) بجانب ما تحقق خلال العام الحالي البالغ (66%) في الصادر، وزيادة في صادر الماعز والأبقار بصورة أساسية، مؤكدًا أهمية تطبيق الجودة الشاملة باعتبار أن التنافسية في السوق العالمي أضحت كبيرة، مؤكداً أن صادرات السودان من اللحوم إلى المملكة العربية السعودية هذا العام فاقت الصادرات الاسترالية. ٭ التركيز على النفط أكد وزير النفط د. عوض الجاز قوله أن إنتاج السودان النفطي قد وصل إلى نحو (136) ألف برميل لليوم الواحد لافتًا إلى سعي البلاد إلى توسيع الاستكشاف النفطي لزيادة الإنتاج بعدد من الحقول.. وكان إنتاج السودان من النفط قد انخفض من (500) ألف برميل إلى (120) ألف برميل لليوم الواحد بعد إعلان انفصال دولة جنوب السودان لكنه تزايد بعد تشغيل حقلين جديدين للنفط بولايتي جنوب كردفان وشرق دارفور الأسبوع الماضي. فقد افتتح الرئيس السوداني عمر البشير الخميس الماضي حقل (أم حديد) النفطي بشرق دارفور الذي وصل إنتاجه إلى (10) آلاف برميل. ٭ احتلال هجليج وبينما كان السودان يستعد لعقد قمة بين الرئيس عمر البشير وسلفا كير، فقد فاجأ الجيش الشعبي الجنوبي الجميع، وقامت حكومة جوبا باحتلال حقل هجليج الغني بالنفط، في نهاية شهر مارس الماضي، ويرى مراقبون أن الحكومة بمواقفها الهشة أمام حكومة الجنوب وتقديمها تنازلات هي ما حفزت الجيش الشعبي لاحتلال هجليج الأمر الذي جعل الحكومة ترفض مبدأ التفاوض مع دولة الجنوب ما لم يتم تحرر هجليج وهذا ما حدث بالفعل في العشرين من إبريل وهذا ما وجد التأييد من جموع الشعب السوداني. ٭ العلاقات الخارجية في مقابل انحياز المجتمع الدولي السافر، فإن مصر تدخّلت بقوة، وطرحت مبادرة للوساطة بين البلدين، لوقف القتال وانسحاب الجيش الجنوبي، وبالفعل فقد قام وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، بزيارة الخرطوم وزيارة جوبا، وأسفرت جهود الوساطة هذه المرة عن تهدئة الأجواء بعض الشيء، وفتحت الباب أمام استئناف المفاوضات بين الطرفين بينما كانت العلاقات السودانية الليبية متوترة، إبان حكم العقيد معمر القذافي، لكن الثورة الليبية، التي أطاحت القذافي، الذي اتهمته السودان بدعم حركات التمرد في دارفور ودعم تشاد في صراعها مع الخرطوم فتحت بين البلدين صفحة جديدة في العلاقات، توجتها زيارة البشير إلى ليبيا، في مستهل العام، وتأكيده على أن الثوار الليبيين، أسدوا معروفًا كبيرًا للسودان بإسقاط القذافي، أما علاقة السودان مع الولاياتالمتحدة فلا زالت تشوبها حالة من الفتور وعدم الثقة كما وطدت الحكومة علاقاتها بعد من البلدان الإسلامية والعربية خاصة دول الخليج، وتشهد العلاقة مع إثيوبيا تطورًا ملحوظًا حتي بعد رحيل زناوي إضافة للعلاقات المتميزة بين السودان ودول شرق آسيا. ٭ مصفاة الذهب روح الاقتصاد لم تلجأ الحكومة للخيارات التي لها آثار سالبة على المدى الطويل من ذلك الاستدانة من الخارج أو التمويل بالعجز، فتعاملت مع هذا الواقع بعدة خيارات أولها البحث عن موارد اقتصادية بديلة في مجالات مختلفة من زراعة وصناعة وصادرات أخرى بجانب زيادة إنتاج البترول المكتشف داخل أراضيها والعمل في ذات الوقت على تطوير وتقديم كافة المساعدات لأعمال التنقيب عن الذهب حيث قام بنك السودان المركزي بإنشاء مصفاة للذهب لشرائه من المنقبين وتصديره لإدرار عملات صعبة كبيرة أظهرت السياسات التمويلية لبنك السودان المركزي للعام (2013)، حظر تصدير الذهب الخام اعتباراً من يناير (2013) والاستمرار في تطوير الأنشطة التسويقية له محلياً عن طريق إنشاء بورصة للمعدن النفيس في السودان. كما يستمر المركزي في التوسع في شراء وتصدير الذهب المنتج من التعدين الأهلي، وسمح البنك للشركات العاملة في مجال تعدين الذهب بأن تصدر إنتاجها من الذهب والمعادن، وفقاً لضوابط المركزي، والتقيد بتصدير الذهب بعد تصفيته وتنقيته بمصفاة الذهب بالخرطوم.. يذكر أن السياسات التمويلية للبنك المركزي تمنح حوافز تمويلية للمصارف المتعاونة في تمويل الذهب والمعادن والقطاعات الإنتاجية.. وبلغ إنتاج الذهب في النصف الأول من العام (2011) حوالى (10) أطنان مقارنة ب (34) طناً في يناير سبتمبر عام (2012) بنسبة زيادة بلغت (304%)، فيما بلغ صادر الذهب (34) طناً للفترة من يناير سبتمبر لعام (2012) بعائدات وصلت (1,7) مليار دولار.. وشكل صادر الذهب نسبة (70%) من جملة الصادرات وتعمل (85) شركة في استخراج الذهب منها أربع دخلت مرحلة الإنتاج. بجانب تشجيع الاستثمار بشكل عام في البلاد من خلال تسهيل الإجراءات للمستثمرين وتقديم عروض تشجيعية لهم.