في موقع طبيعي فريد لا تتمتع به الا قليل من المدن في العالم تمتد مدينة الدامر في شبه جزيرة يحدها من الشمال والغرب نهر النيل. ومن الشمال والشرق نهر الاتبراوي الذي يندفع بقوة في زمن الفيضان متوغلاً في حاضرة نهر النيل فيحتضنه في حنان ويتثنى له حتى يستكين ويهدأ.. وتحيط بالمدينة الشواطئ الخضراء التي الهمت كثيراً من المفكرين والشعراء للتغني بذلك السحر الطبيعي.. وقال البروفسير عبد الله الطيب: فيا دامر المجذوب انت مليحة تذكرتها يا بعد ما تذكر وفيك جليس المصطفى كان دمعه من الشوق لما شامه يتحدر والشاعر توفيق صالح جبريل الذي قال عنه البروفسير عبد الله الطيب: وتوفيق عندي شاعر ذو أصالة مجيد شديد الوجد عنه يعبر قد أبدع في تصوير جمال الطبيعة بالدامر في قصيدته «إشراقة فجر بالدامر» خرجنا قبيل الفجر منك وانت في غلالة ظلماء فهل فيك من دروا إلى جنة في شاطئ النيل برة تطالعنا الأمواه ايان تنظر ازاهيرها الحمراء مسدلة على عناقيدها والنخل فيها مزنر وتتوسط نهر النيل الجزيرة الشعدينابية محاذية للدامر التي تمتد طولياً من الشعديناب جنوباً حتى الحسناب شمالاً «الشاعديناب والحسناب حيان بمدينة الدامر» والجزيرة داكنة الخضرة مفعمة بالخيرات وكانت تكون الأمن لمدينة الدامر اذ ان كل النشاط الزراعي كان بأراضي الجروف الشرقية وتلك الجزيرة. وبفعل عامل التعرية النهرية انحسرت الجروف وتطاولت الجزيرة.. ودار حولها الشاعر توفيق بزورقه: وطف حول هاتيك الجزيرة وانحدر الى الشاطئ الساجي الى حيث نشعر بأنا تعالينا تسامت نفوسنا ورقت فلا نأسى ولا نتكدر وان امتع الركب الشراع بظله تغمدهم ظل من الروض ينشر وكم هو خلاب نهر النيل في الليل وفي الفجر بالدامر ذهبنا واذيال الظلام ندية وأُبنا ووجه الكون ريان أزهر اذا نظر نادي من الفلك داعياً بنضرته ناجاك من الأفق منظر ترى الطير كالأضواء تبدو وتختفي واشجى السنى ما كان يخفي ويظهر الا ايها الكون البهيج احمراره بربك ما هذا الجمال المبعثر صحا الفجر مزهوا فغرد طيره وحياك مخضل من الروض اخضر تنقل فؤادي واقتبس كل رائع من الصبح ان اليوم اندى وانضر افق قد تجلي الكون وافتر ضاحكا واحيا روابيه النسيم المعطر وفجرت الانوار من كل مشرق فسبحت الاطيار الله اكبر من خصب ماء النيل كانت عبقرية البروفسير عبد الله الطيب الذي ورد في كتابه «من نافذة القطار» عن الدامر: ما أشبه ان يكون اصل الدامر من الدميرة اي الفيضان. ذلك انه يصلها فيضان نهرين عظيمين... النيل.. والأتبراوي وهو ذو فيضان ضخم وقال عن الدامر والنيل : بدامر الصدق لي رهط واصحاب وبالتميراب لي اصل ومنتاب ومنزلي كان فيه والداي عتا عليه بالحادثات الظفر والناب يا حبذا النيل اذ رف الاصيل إذ ماء السواقي على الروضات منساب ارقت للنيل يهديه الكرى حلماً عليه اشرعة كالطير تنساب والسنط مشتمل بالنور خافته اغصانه والنسيم الفض هباب كل الجمال وسحر الطبيعة والهدوء والتواصل ينادي ان الدامر مدينة سياحية، حباها الله بالطبيعة الرائعة المتدفقة والمتجددة. والسياحة من اهم مقوماتها العوامل الطبيعية، والموقع الجغرافي ويكمله الانسان ما ينقصها من منشآت وبنيات.. بقيام كبري ام الطيور الدامر، وكبري الدامرعطبرة، وشارع الدامربورتسودان وشارع الدامر مروي، والدامر ابوحمد صارت الدامر على ملتقى طرق متعددة ومتصلة بسهولة مع بورتسودان وابوحمد ومروي والخرطوم، والمناطق المجاورة والدامر على هذه الطرق في اتصال يومي بها. فعند مقرن النيل والاتبراوي كانت توجد حديقة بيو يوكوان التي نرى ان تبعث من جديد وان تتوسع في الكويب (الكويب هو المساحة السكنية المحصورة بين النيل والاتبراوي شمال الدامر) وتصير مجموعة حدائق لتوسط الموقع وسهولة الوصول اليه من عطبرة وشمالها وغربها والدامر وجنوبها وغربها وشرقها فتكون هنالك حديقة دولية متسعة، ومنتزه عائلي وحديقة للطفل وحديقة حيوانات، ويزيد هذا الموقع روعة وجود كبري الدامر ام الطيور وكبري الدامرعطبرة، وحاجة المواطن لها. وغرب مقر حكومة ولاية نهر النيل بالدامر يشمخ فندق القصر مطلاً على النيل، ويمكن ان يمتد كورنيش للنيل على شاطئ النهر لعدة كيلومترات تطل عليه النوادي النهرية للسباحة باحواضها المؤمنة المحروسة وتنشط انواع الرياضة النهرية من سباقات الزوارق البخارية والزوارق الشراعية وذات المجاديف، والسباحة بانواعها، وان تقوم الفنادق السياحية على شاطئ النيل والاتبرواي التي تطل شرفاتها على النهر لمعايشة شروق الفجر بالنيل مع الشاعر توفيق وهو ينظر الى النيل متأملاً: أيا ليت شعري ما وراءك من مدى الا ايها الأفق البعيد المعبر عن الروح يدعوها الخلود مرحباً عن الخلد يخفيه فضاء مكرر عن السر مكنوناً عن الغيب ساخراَ عن الامل الناشي من النجم ينظر احقًا بدا الفردوس خلفك مشرقًا وفاض به وادي النبيين عبقر كأنك ستر من سمائك مسدل على الارض ممدود عن الخلد يسفر وهنالك مشروع شارع الأتبراوي النيل على الضفة الشرقية الذي يمكن ان يمتد من النخيلة على نهر الاتبراوي التي تبعد من كبري الدامرعطبرة حوالى 50 كيلو متراً شرقاً. «كانت بها موقعة النخيلة المشهورة في المهدية». وهي ضفاف غنية بالاشجار ومن النخيلة بمحاذاة الاتبراوي يتجه الشارع غرباً تحف به الاشجار والمزارع حتى المقرن مع النيل ثم محاذياً للضفة الشرقية للنيل يتجه الشارع جنوباً حتى منطقة الحصايا بالدامر. فهو شارع للسياحة والتواصل بين القرى والمدن والحدائق والفنادق، وشرق الدامر في طريقه ليكون مصدر الاسمنت الاول في السودان لوجود مصنع اسمنت العكد المشهور بمصنع اسمنت عطبرة وقيام مصنع السلام للاسمنت ومصنع احمد اسماعيل للاسمنت وسيصاحب ذلك العديد من الصناعات المشابهة من مصانع السراميك والمزايكو والجير والبوهية، وغيرها ويمتد كذلك مشروع الامن الغذائي الذي من المتوقع ان يكون مصدرًا لسكر البنجر، او مصدراً لانتاج زراعي اوفر دخلاً. فالدامر مدينة السودان السياحية لسحر الطبيعة وتوسع النشاط الصناعي والنشاط الزراعي والامن والهدوء الذي ينشده من يعاني من الضجيج واللهث وراء المجهول فيستمتع بالطبيعة والتأمل والسمو الروحي وهو يسمع المؤذن ينادي للصلاة ويرى الجامع وبجواره الكنيسة في محبة وسلام.