لست متشائماً ولا أنتمي إلى شلة المتشائمين من نتائج اتفاق الرئيس البشير وسلفا كير في أديس حول القضايا العالقة.. ولكن على المرء أن يتعلم من تجاربه، وإذا كانت نوايا الحركة خالصة وقلوبها بيضاء ومليئة بالإيمان والثقة بالنفس وفي الله ثم في الآخرين لاكتفينا باتفاقية السلام الشامل.. ولاكتفينا باستقبالات الحكومة لقيادات الحركة الشعبية بالأحضان بالخرطوم.. ولاكتفينا بتعيين قادة الحركة وزراء في الحكومة بعد أن تمت زحزحة وزراء الحكومة وإعفاؤهم من مواقعهم.. ولاكتفينا بتنازل الأستاذ علي عثمان عن موقعه كنائب أول لرئيس الجمهورية لصالح سلفا كير.. ولاكتفينا بصياغة دستور جديد يتواءم مع بنود الاتفاقية.. ولاكتفينا بتنازلنا عن كل الإقليم الجنوبي ليكون سلفا كير نائباً أول في حكومة السودان ورئيساً للجنوب.. ولاكتفينا بالأموال الكبيرة التي انفقناها لصالح إظهار حسن النوايا في بناء الطرق والسدود والمنشآت والجسور التي دمرها المتمردون.. ذات الحركة الشعبية ولكن!!. إذا أعدنا شريط الأحداث والتحولات وقرأنا التصريحات آنذاك وقادة الحركة الذين ظلوا طوال الفترة الانتقالية في المربع الأول رغم الهرولة بل والجري من قبلنا عليها.. سنجد أن الحركة هي الحركة.. وأن أجندتها التي كتبتها المخابرات الأمريكية قبل نصف قرن.. بل قرن كامل هي التي تحكم جميع تصرفاتها فالقضايا العالقة.. من الذي علقها.. وماذا تقول الاتفاقية في ذلك؟.. تمرد دارفور واحتضان معسكراتها وتدريب منسوبيها وتقديم الدعومات الفنية واللوجستية من يقدمها بالوكالة حتى الأمس واليوم وغداً؟.. هي الحركة الشعبية.. ومن الذي يحتضن ما يسمى بقطاع الشمال ويحارب الحكومة بجيوشه وجيوش المتمردين الذين لديهم الانتماء لقوات الحركة ويلبسون زيهم ويقتلون المواطنين الآمنين في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وجنوب دارفور!؟.. انظر إلى تكرار كلمة جنوب هذه ثم لنقرأ تصريحات سلفا كير عندما كان نائباً أول للرئيس قبل الاستفتاء حيث قال في أحد تصريحاته..إنه بإمكانهم أن يحلوا مشكلة دارفور في يومين!! ولكنهم لم يفعلوا.. إذا فإن مفتاح الحل بإيديهم لو حققنا لهم بعض الأمور التي تأتي من قبيل المساس بقضيتنا وسيادتنا الوطنية.. ولنقرأ بإمعان حديثه عند إعلان الاستقلال حيث إننا لن ننسى أصدقاءنا في دارفور.. وخطابه في توريت عندما قال إن مذبحة توريت عام 1955م تعد يوماً وطنياً بالنسبة لهم وهجوم قواته على حقل هجليج بعد أن أغلقوا أنبوب النفط من قبلهم فأرادوا أن ينتقموا منا وإعلان سلفا كير بنفسه دخول قوات الحركة الشعبية لحقل هجليج واحتلاله وتخريبه.. هذا بخلاف تصريحات قياداته الأخرى المشبعة بالحقد على الشعب السوداني ويسعون لإلحاق الأذى به بأي صورة وتحت أي ظرف وحتى الأمس القريب يصرح وزير إعلامهم كذباً بأن القوات المسلحة السودانية قد قصفت المدنيين في منطقة راجا شمال غرب بحر الغزال.. وإذا سألناه وما هو السبب.. وأي معسكرات المتمردين يهاجمون مدن وقرى ومنشآت البلاد في جنوب دارفور وشماله.. وهل يأتي هؤلاء من السماء أم من تحت الأرض؟ لماذا لا يسألوا أنفسهم وما مصلحة السودان في قصف المدنيين أم أن جنودهم وجنود المتمردين الذين يعتدون على الحدود هم أيضاً مدنيون كما يدعي البيان المضلل للرأي العام الغربي بالذات.. لأن المنظمات والحكومات الغربية تعرف تماماً ما يجري هناك وأن المعتدي معروف والمعتدى عليه معروف.. هذا بخلاف تصريحات ومواقف أتيم قرنق.. ولوكابيونق.. وباقان أموم المسيئة لنا والاتهامات الباطلة..ألخ القائمة. الاتفاقيات عديدة.. وكثرة تملأ الدفاتر والمكاتب.. ويبقى الرهان الوفاء بها وتحقيقها حتى تعيش الدولتان في أمن وأمان ويحافظ كل منهم على حقوقه وثرواته وينال استحقاقاته.. ويبقى الرهان على مصداقية الحركة في إنفاذ الترتيبات الأمنية وعلى حكومة السودان تمرير البترول الجنوبي.. ومتى ما تحققت الترتيبات الأمنية فمفتاح الأنبوب بأيديهم وتحت تصرفهم.. وهذه بتلك.. والأيام بيننا!!!