بعد أن نقرأ حديث سلفا كير للرئيس الصيني «هو جين تاو» في بكين أثناء زيارته إليها مؤخراً وعقب تحرير مدينة هجليج ومنشآتها النفطية من قوات الحركة الشعبية التي يقودها، بعد أن نقرأ حديثه عن أن السودان أعلن الحرب على بلاده وأنه يدعو بكين أن تُنهي حالة الاحتقان بين الخرطوموجوبا والتوتر بينهما ثم يُضحكنا هذا الحديث المعكوس ونفترض أن الحكومة الصينية صاحبة الاستثمارات النفطية في السودان وجنوب السودان لم تحط علماً بما جرى من الحركة الشعبية ضد السودان وبالتحديد ضد ما يتعلق بالنفط منذ إعلان الانفصال وحتى لحظة احتلال هجليج السودانية وإحراق المنشآت النفطية فيها، بعد كل هذا، يكون السؤال هو: هل كان سلفا كير سيزور الصين إذا لم تحرر القوات المسلحة السودانية مدينة هجليج والمنشآت النفطية بها واستمر حتى الآن احتلال الجيش الشعبي الذي يقوده سلفا كير لها؟! هل كانت الزيارة في هذه الحالة ستكون إلى واشنطن بعد تصريحات سوزان رايس عقب احتلال هجليج وقبل تحريرها وتصريحات سلفا كير بعدها في برلمان الجنوب حيث قال أمام اعتراض المعارضة على الاحتلال ومطالبتها بالانسحاب الفوري قال: «كلهم أصدقاؤنا ولن يفرضوا علينا عقوبة أبداً» ليكون بهذا القول قد جعل مجلس الأمن وصوره تحت إدارة عصابة مجرمة تشجع على الحروب وانتهاكات سيادة الدول لقتل أهلها وتدمير مرافقها؟! إن الرئيس الصيني قد لا يكون قد تابع هذا التصريح الحقير من سلفا كير داخل برلمان الجنوب وهو يوحي به بأن مجلس الأمن لا يتمتع بمصداقية وليس جديراً بالثقة، لكن لا بد أن يكون متابعاً منذ انفصال الجنوب المشروع التآمري الذي تقوده حكومة سلفا كير ضد الاستثمارات النفطية الصينية في السودان وجنوب السودان لصالح شركات نفط غربية.. ولن تعجز حكومة الصين عن تفسير قرار وقف إنتاج نفط الجنوب، والاعتداء على منشآت النفط السودانية داخل مدينة هجليج بعد احتلالها تحت غطاء معنوي أجنبي حيث قال سلفا كير بعد أن احتلت قواته هذه المدينة أول الأمر إنهم لن ينسحبوا إلا بعد أن تطأها أقدام قوات أجنبية أممية. لكن هل كان المطلوب من الأممالمتحدة أن ترسل قوات إلى هجليج بحيث تكون خالية من القوات السودانية وقوات الاحتلال الجنوبية؟! أم المطلوب هو أن تطالب حكومة جوبا بالانسحاب الفوري كما فعلت المعارضة الجنوبية داخل البرلمان؟! لكن سلفا كير لعله يقول إنه ليس مثل صدّام حسين عدو الصهيونية حينما احتل الكويت، بل هو مثل إسرائيل التي تحتل فلسطين والجولان السورية ومثل إيران التي تحتل الجزر الإماراتية وسط صمت دولي رهيب ومريب.. لكن المهم في الأمر هو أن الصين متضررة جداً من وجود الحركة الشعبية في الحكم في دولة جنوب السودان، وترى الصين أن الحال في السودان قبل اتفاقية نيفاشا أفضل لاستثماراتها النفطية منه بعد هذه الاتفاقية التي ما خدمت إلا المشروعات الأجنبية التآمرية على حساب المواطن في دولة جنوب السودان.. ويبقى وقف إنتاج نفط الجنوب واحتلال هجليج والتهديد باحتلال «أبيي» يبقى كله سباحة للحركة الشعبية عكس تيار العلاقات بين الصين ودولة جنوب السودان، فهو لصالح واشنطن وإسرائيل ويوغندا وكينيا. ولذلك تبقى زيارة سلفا كير إلى بكين من باب «النفاق»، ولا فرق جوهري بينها وبين زيارة باقان إلى الخرطوم.. لا مجال لعلاقات تقوم على مصداقية بين الصين ودولة جنوب السودان لأن المجال الدبلوماسي لدولة جنوب السودان مزدحم جداً بأجندات ومخططات ضرورة استبعاد الصين وكل الشركات الشرقية الأخرى من حقول النفط بطريقة غير مباشرة.. ثم لماذا يطلب سلفا كير من بكين وقف التوتر مع الخرطوم وإزالة الاحتقان؟! ألم يقل سلفا كير: «هم أصدقاؤنا ولن يفرضوا علينا عقوبات»؟ إنه يقصد واشنطن ومجلس الأمن، وكان حديثه هذا داخل برلمان الجنوب قبل تحرير هجليج رداً على المعارضة التي كانت قد طالبته بالانسحاب منها فلم يستبن النصح إلا ضحى الغد إلا بعد أن حررتها القوات السودانية «عنوة واقتداراً» و«رجالة عديل» كما قال الرئيس.. يبدو أن تحرير هجليج قد غير وجهة زيارة سلفا كير من واشنطن وتل أبيب إلى الصين ربما للاعتذار الضمني.