في الوقت الذي كانت «الحبيبة» مريم، كريمة «الحبيب الصادق المهدي مشغولة بإرسال الرسائل للصحافيين تفيدهم بوقوع ضرب في مدينة «الفولة»، وعن الغياب التام للدولة وأجهزتها الأمنية، كانت الدولة ممثلة في قائدها المشير عمر البشير ووزير مجلس الوزراء الفريق بكري حسن صالح ووزير الموارد المائية والكهرباء أسامة عبدالله ووزير العلوم والتقانة عيسى بشرى ومدير شركة توزيع الكهرباء المهندس على عبد الرحمن تحتفي بافتتاح إنجاز سوداني أصيل الهدف من قيامه التحوط للمطبات الوعرة وتحرير البلاد من الارتهان لأية أجندات سياسية خاصة، وأن جنوب أفريقيا التي بدأ السودان تجربته معها في استيراد عدادات الدفع المقدم رفضت عبر برلمانها شراكة السودان في المصنع الذي قرر عبره توطين صناعة العدادات فيه، بعد تصنيفه كأول دولة عالمياً تنجح فيها تجربة استخدامه، متفوقاً بذلك على جنوب إفريقيا نفسها كدولة مصنعة أولى تليها مصر ثم السودان حسب مدير شركة توزيع الكهرباء. فكانت الصين هي الخيار المفضل للسودان، وقد أثبتت حسب شهادة فخامة الرئيس أنها خير شريك في التنمية لم يقصدها السودان في هذا المجال إلا وجدها. المطالبون بإحياء الزراعة للنهوض بالسودان ربما وجدوا في حديث وزير الموارد المائية والكهرباء أسامة عبد الله بعض ما يحبطهم حين «ختاها ليهم على بلاطة: ما في دولة بقت عظمى بالزراعة، الدول بتتعاظم بالصناعة» بل أن أمريكا العظمى تمثل الزراعة 4% فقط من مواردها. العدادات المتطورة التي افتتح مصنع إنتاجها حسب مدير المصنع، ستقلل من صرف النقد الأجنبي بل ستوفره حال خرجت البلاد من الاكتفاء الذاتي للتصدير، وستمكن من معرفة فاقد الكهرباء التي أقر وزيرها أن حوالي 23% «كهربا ضايعة» في التوليد والنقل والتوزيع، الأمر الذي استعصى على كل الدول مهما بلغت عظمتها معرفته، وهذا اعتراف خطير يجعل المنتج حدثاً يستحق الاحتفاء، وعما قريب ستصبح كل الأسلاك الناقلة للكهرباء ناقلة للمعلومات، وربما يدفع هذا بالأمل في استخدامها في شركات الاتصالات كما قال بإمكانية ذلك الوزير. الرئيس احتفى بخريجي المدارس الفنية والتقنية كما لم يحتف من قبل، باعتبار أن الدول تنهض على أكتافهم وليس على أكتاف الأكاديميين. فالتعليم الأكاديمي مازال مجرد واجه اجتماعية للظفر بوظيفة مرموقة، وهذه الوظيفة تقف الدولة الآن عاجزة عن توفيرها، ومن ثم سيجد أولئك النفر من التقنيين لهم موطئاً، بل يمكنهم أن يكونوا حجر الأساس لتوجه الدولة الجديد في التشغيل عبر المشاريع الإنتاجية وبرامج التمويل الحر. لفتت أنظار الحضور الفرقة التي تغنت في حفل الافتتاح فأعضاؤها سنحتهم موغلة في «السودانية»، ولكنها تتغنى ب «الصينية»، وتذكرت النكتة التي تقول إن أباً أحضر أستاذاً أجنبياً ليعلم ابنه الإنجليزية، وحبسهما في غرفة لمزيد من الهدوء، وبعد انتهاء الفترة المحددة طرق الأب الباب فمد الأستاذ الأجنبي رأسه من فتحة الباب الموارب وسأل الأب«بدّور العوض»؟