إذا نظرنا لحال أحزاب المعارضة التي تنادت واجتمعت في كمبالا وخرجت بميثاق الفجر الجديد وإذا ما اطلعنا على تفاصيل الاتفاق في إطار الواقع الحالي للبلاد وللحركة السياسية برمتها نصل إلى قناعة بأن الميثاق لا يستحق حتى ثمن الورق الذي كتب عليه، ناهيك عن التداعيات الكثيفة التي صاحبته وهي في تقديري تعبِّر عن وجهة نظر أخرى عن خواء متلازم في المسألة السياسية عند قوى المعارضة التي من فرط إدمانها في الفراغ وعدم إنتاج البدائل التي تدفع بالممارسة السياسية إلى الأمام لجأت ومع بداية العام (لفجرها الجديد)، والمتتبع لمسيرة المعارضة أنها ظلت ولسنوات لا تقدِّم ما يفيد المواطن في قضاياه الأساسية وتمحور مطالبها باستمرار في مسألة إسقاط النظام وبلوغ كرسي الحكم وهذه مسألة تولد في الحال رد فعل من جانب الحكومة أعنف من الفعل الذي قامت به المعارضة، أعتقد أن تجمع كمبالا لو سعى بجدية وطرح مبادرة لإصلاح الأوضاع السياسية ستبدو رؤيته حينها أكثر موضوعية من السعي لإسقاط النظام، خاصة أن هناك الآن فرصة تلوح في الأفق بإعداد دستور دائم للبلاد بعد ذهاب الجنوب كدولة مستقلة بذاتها، ولذلك كان الحديث عن الدستور الجديد هو المجال الذي ينبغي أن تعمل به المعارضة وترمي من خلاله بكل أجندتها من خلال مشاركتها المباشرة وغير المباشرة عبر واجهات مجتمعية أخرى في إعداد مسودة الدستور، عدم الموضوعية في طرح بعض أحزاب المعارضة التي وقعت على الفجر الجديد يأتي من كون الحكومة الحالية هي حكومة منتخبة، وبالتالي تضعف أمام الخيار الديمقراطي أي حجة تتجاوزه، أما المسألة الأخرى فإن أحزاب الفجر الجديد تحاصرها الجهود الجارية لطي القضايا العالقة مع جنوب السودان، وهذه الأحزاب ترى أن أي اتفاق مع الجنوب سيتراجع معه نفوذها في الساحة السياسية والعسكرية (أمثال عبد الواحد ومناوي والحلو وعقار)، مع كل ذلك فإن على الحكومة أن تسعى بالقدر الكافي للتوافق مع الأحزاب التي أعلنت تنصلها وتحفظها على ميثاق كمبالا لضمها لجهود المسألة السلمية التي تفضي إلى مزيد من الاستقرار الداخلي على الصعيد الرسمي والسياسي ونقصد هنا الأحزاب المعارضة والقوى السياسية الأخرى المسجلة رسميًا لممارسة العمل السياسي في البلاد. ولم تجد الدعم والرعاية الكافية للانطلاق والتعبير عن نفسها.