إلى إسحق أحمد فضل الله مع الشكر الأستاذ الشيخ: الطيب مصطفى أحزننا احتجاب كاتب بقامة أستاذنا إسحق أحمد فضل الله، نحن هنا لا نزكيه على الله ولا على الناس، نحن هنا نُعلمه أننا ندرك ما بين الكاتب والناس، والكتابة كما القراءة تحتاج إلى (الصبر). ونحن نجزم أن كل كاتب ينكفئ على شيء ليناله بكتابته.. الكتاب الجيدون لا ينتظرون الأحداث ليكتبوا عنها فهم يكتبون ولا شيء يستقيم. والله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.. والكتابة رهق لا يعلمه إلا الكُتاب ويجزلهم العطاء من ينقدون ما يكتبون وللكتاب بطانة سوء أيضاً يمدحون بلا رؤية وينقدون بلا موهبة ويتفاخرون بلفتهم انتباه كتابهم لقضايا سطحية لا ترقى لسكب المداد. والكاتب الجيد مفكر في المقام الأول له رؤية مستقيمة وهدف محدد ينكفئ عليه ليناله. ويقولون إسحق يكتب ما تريده (المخابرات) ونحن نضحك كون أننا نعلم أنه لا توجد جهة في الدنيا يمكنها أن تجبرنا على القراءة غير جودة المكتوب. فالكتابة الجيدة والكتابة السيئة تتطلب نفس الجهد، وما يفرق بينهما روح الكاتب حتى إن الكاتب الجيد إن كتب على ظهر المركبات العامة فأنت تحس روحه. وأنت هناك أستاذنا إسحق تكتب عن كل شيء توفيق الحكيم ومصطفى محمود وطه حسين ومحمود شاكر وهذا الأخير يقودنا بحثنا عنه لنكتشف أنه أحد المنافحين عن اللغة العربية ضد التغريب. وتشير لكل هؤلاء وأنت تعني صحوة الدين في كل مكان. والصحفي المتأمل: يقوده التأمل ليصبح مفكراً. وأنت تتأرجح بينهما (الصحافة والتأمل) فيخرجك هذا من ذاك. وما نظنه أن كلاً يكتب ليحقق حلمه، فالكتابة حلم موجه إلى عالم في داخل الكاتب لا يُخرجه إلا المداد، الذي يقرأ كاتباً معيناً زمناً طويلاً يكتشف حلمه، حتى اختلافك الأيدلوجي عنه لا يحرمك متعة مدينته الفاضلة. ونحن هدفنا من القراءة اكتساب قريحة مستقلة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار. وإذا سُئلت من أنت فيمكنك أن تقدم وثيقة سفرك، لكن إن سألوا شعباً (من أنتم) كما قال القذافي، فإنه سيقدم علماءه وكتابه وفنانيه ومثقفيه وقادته في كل المجالات. ٭ أستاذنا إسحق: يقول جمال الدين الأفغاني رحمه الله إذا سَلِمْتَ في كتابة خاطراتك من خطر الطاغية وطواغيته، فستصادف من أهل الجمود عنتاً وتخرصاً وقلباً للحقائق وإنا لنحسب أن احتجابك كان لقلب الحقائق واحتجاب كاتب كان يُخرج الناس من لدن كتابته ما يضيئون به ظلمات معارفهم، في وطن لا أحد يدري أين يكمن ذاك الحق، وكأننا بُلينا على حين غرة بوطن يظلمه من كان به وكيلا. وإسحق كاتب أخرج لنا ولكم حكايات من زمن الأنبياء، و(ساحات الفداء) التي أسلمتنا للحديث: (من لم يجاهد ولم يحدث نفسه بالجهاد مات على شعبة من النفاق) تلك التي أخرجت من لدن علمائنا أولياء ومن عامتنا شعراء، تلك هي الكتابة بهدف، ينكفئ أحدنا عليه حتى يناله. ٭ والقراء ماعون الكتابة، وأنت هناك تعتصم منا بجبل لن ينجيك من قرائك من شيء (تحرد) لهم الكتابة ليسعدوا بخواء ماعوننا نحن القراء، وتبتلينا وتسعدهم إلا هل كان ما بيننا مزاحًا أم مزاجًا أم إننا تعاهدنا على الفضيلة، وألّا يخرج أحدنا إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة، فالقانون العام يُلزم أصحاب المركبات بالوصول إلى آخر الخط حتى وإن كان بالمركبة راكب واحد، فمالك تخالف القانون والشرع وتخرج بنا نحن قراء آخر الليل المتجاوزين نيفًا وعشرين ألفًا (حسب موقع الإنتباهة في النت) من الخط وتتركنا كأنا لا وادياً قطعنا ولا ظهراً أبقينا وظهر مركبتك مكتوب عليه (يحتجب اليوم). فاعلم أنني أفاخرك بأني أول قارئ يستجديك الكتابة، فعسى أن يُخرج لنا الله من بين ظهرانيها، من يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحاً، أو فلتخرقها لهم فالوطن الآن كسفينة مساكين يعملون في البحر، فليست النجاة دوماً في الإصلاح، وليس الصبر دوماً ديدن الأنبياء، ولسنا نرجو منك إلا تفسير ما لم نستطع عليه صبراً.