لاهتمامي بالجمع عن تراجم لعلماء السودان وآثارهم ومحاولة توثيق ما يتيسر في ذلك، فقد بحثت عن ترجمة للشيخ القاضي بالمحاكم الشرعية محمد الأمين القرشي رحمه الله لما اطلعت عليه من بعض آثاره، فدلني أحد الإخوة بصفحتي على «الفيس بوك» وهو الأخ حاتم أحمد الطيب على ترجمة موجزة له اقتبسها من كتاب بعنوان: «الشيخ محمد الأمين القرشي واستراتيجية الدعوة الإسلامية في جبال النوبة» للدكتور عثمان عوض الكريم محمدين، ومما ورد في ترجمته: أنه الشيخ القاضي محمد الأمين بن القرشي بن الشيخ البصير الحلاوي، ولد في مدينة رفاعة سنة 1308ه الموافق 1886 م، ووالده كان أميراً في جيش المهدية، وعمه الشيخ محمد الطيب البصير عينه المهدي قائداً للمنطقة الوسطى، ووالدته هي فاطمة بنت القاضي محمد إبراهيم، وأخوال أمه هم آل البنا وهم بيت اشتهر بالشعر، ولعل ذلك كان له أثر في ما تميز به الشيخ محمد الأمين القرشي من شعر جيد رصين. ودرس في خلوة أبو فروع قرب الحصاحيصا، ثم انتقل إلى خلوة جده الشيخ القرشي ود الزين في قرية طيبة الشيخ القرشي. وبعد أن أكمل حفظ القرآن الكريم رجع إلى رفاعة وبدأ دراسة العلم على الشيخ يوسف ود نعمة، ثم انتقل إلى الدراسة النظامية فدرس في مدرسة بابكر بدري، ثم درس في كلية غوردون، وتخصص في قسم القضاء الشرعي. وعمل بعد تخرجه في القضاء بالدويم، ثم الخرطوم، ثم بارا، ثم سنجة، ثم عين قاضياً لأبو زبد، ثم أم درمان ثم الحصاحيصا. وفي عام 1922م عين قاضياً في عطبرة، ثم بورتسودان، ثم الأبيض، وأخيراً الحصاحيصا التي استمر بها إلى أن تقاعد عام 1946م. وتم تعيينه مدرساً في كلية غوردون في قسم الشريعة سنة 1948م، ثم انتدبته الحكومة ليعمل مدرساً في كلية الحقوق في جامعة الخرطوم. وعمل معلماً بمعهد الإشراف بمكة المكرمة. ومن مؤلفاته: سفينة الوصول لطالبي علم الأصول، تحفة الآثار في مصطلح حديث النبي المختار، سيرة يزيد بن أبي حبيب السوداني، منظومة القضاء الجنائي على مذهب مالك، روضة البيان نظم رسالة الدرديري في علم البيان، وغيرها. وتوفي الشيخ محمد الأمين القرشي عام 1976م عن عمر يناهز تسعين عاماً. ومن آثاره المشهورة عنه والمنتشرة قصيدة في بدعة المولد وما يحصل فيه وفي ساحاته التي أعدت لذلك، وقد ركّز فيها على بعض الممارسات التي اشتهرت لدى العامة والخاصة أنها مما يفعل في ساحات المولد خاصة في ليلته الأخيرة !! وقد صاغ قصيدته في تساؤلات طرحها واستفهامات وضّحها، وهو يعلم جوابها من خلال ما صاغ في أبياته، وتساؤلاته بحاجة لأن يجاب عنها، وقد أردت أن أضع هذه القصيدة بين يدي القراء، فقد قال رحمه الله: إلى علمائنا أهل العقول ٭٭ إلى الشبان منهم والكهول أسوق القول ملتمساً جواباً ٭٭ من الكتب الصحيحة والنقول فإن أدوا الأمانة في وضوح ٭٭ فتلك سجية القوم الفحول وإن خافوا ملاماً أو عتاباً ٭٭ فما فرق العليم عن الجهول؟! أبينوا نصحكم لتهذبونا ٭٭ وسلوا صارم الشرع الصقيل لنفري هامة البدع اللواتي ٭٭ نزلن وما عزمن على الرحيل أرى بدعاً تشيب لها النواصي ٭٭ إذا ما جاء ميلاد الرسول كهارب كالكواكب ساطعات ٭٭ ورايات تشيع بالطبول إلى ساحات لهو قد أعدت ٭٭ كأن شرابها من زنجبيل بها سوق الحلاوة بازدحام ٭٭ بربات القلائد والحجول تجر ذيولها متبرجات ٭٭ لتفتك بالتبرج والذيول وبمجتمع القمار مغامرات ٭٭ مع الشبان في الجمع الوبيل مسارح للظباء خرجن فيها ٭٭ مراتع للخلاعة والخمول وشبان يرنحهم غرام ٭٭ بكاسات الصبا قبل الشمول يؤمون المكان بلا حياء ٭٭ وما أهوى الجميلة للجميل يطوف بأعلى الحلقات حتى ٭٭ يخادعها فتخدع بالمثول عهود أبرمت ووثيق عهد ٭٭ ينفذ حكمه بعد الوصول أفي عيد النبي يكون هذا ٭٭ ويشهده ذوو الرأي الأصيل؟! وتفعله المدائن كل عام ٭٭ وتحسبه سيحظى بالقبول؟ مصائب في بني الإسلام حلت ٭٭ وفاجعة تجل عن المثيل وجرح في فؤاد الدين يدمي ٭٭ أصيب به من الصاري الطويل فهل يرضى الرسول بما فعلنا ٭٭ وقد جئنا بمعصية الرسول؟! ويعجبه السكوت على ضلال ٭٭ تعاظم خطبه في كل جيل؟! سؤال حاك في صدري مراراً ٭٭ وما رد الجواب بمستحيل