الشاعر السفير عبدالمجيد حاج الأمين الذي عمل في جنيف ونيويورك وغيرهما، ملأ اسمه السودان منذ منتصف الستينات، عندما غنىّ الفنان عبد الكريم الكابلي من كلماته نشيد طريق الجامعة (هبّت الخرطوم في جُنح الدّجى). وكان من ألحان الموسيقار عبد الله عربي. غنّى الكابلي أيضاً من كلمات عبد المجيد حاج الأمين نشيداً عن الزعيم جمال عبد الناصر... أقبل الصباح مشرقاً وزاهر.. حدّث البطاح عن زعيم ثائر... أسمر الوشاح اسمه ناصر. عبد المجيد حاج الأمين من أسرة الهاشماب العريقة. عمّه الزعيم الوطني الكبير عبيد حاج الأمين أحد قيادات ثورة (1924م)، والذي نُفي إلى الجنوب حيث انتقل إلى ربّه خلال السجن في ريعان الشباب.نفى الإنجليز عبيد حاج الأمين إلى بحر الغزال مدينة (واو). وقد توفي القائد الوطني عبيد حاج الأمين في مدينة واو، ودفن بها. ملأ حُبُّ الشعر وحُبُّ الوطن وجدان عبد المجيد حاج الأمين. منذ أن تفتح وجدانه في صباه على نشيد المؤتمر (صرخة روَّت دمي) لمحيي الدين صابر، كما تفتح على أشعار المهندس علي نور شاعر المؤتمر الذي قال (هذي يدي لزمان المجد أرفعها... رمزاً يشير إلى المستقبل الحسن). تعرّفت في التسعينات عن كثب على الراحل عبد المجيد حاج الأمين، لأعلم كم هو إنسان عذب هادئ ضاحك ودود لطيف. وترك رحيله المفاجئ شعوراً عميقاً بالحزن. ترك عبد المجيد حاج الأمين ديواني شعر هما (الجرح والنغم) و(زمان الوصل). كان الأقرب إليه من الشعراء صديق مدثر وحسين بازرعة وشيبون. كانت تربطه علاقة صداقة قوية عميقة بمجموعة (إخوان الصفا). كان عبد المجيد واحداً من نجوم تلك الباقة المميَّزة من الأصدقاء الشعراء والأدباء والفنانين. تضم مجموعة (إخوان الصفا) عبد الكريم الكابلي وصديق مدثر والحسين الحسن والدكتور عبد الواحد عبد الله. وقد اشتهر نجوم (إخوان الصفا) جماهيريّاً بعدد من الأعمال التي خلدت في ذاكرة السودانيين. صديق مدثر كتب (يا فتاة الوطن) لأحمد المصطفى و(الحبيب العائد) لمحمد وردي ونشيد (التعاون) للكابلي و(ضنين الوعد) لعبد الكريم الكابلي. وقد ذكر الراحل الشاعر عبد المجيد حاج الأمين أن صديق مدثر نشر (ضنين الوعد) في صحيفة (السودان الجديد) ليلتقطها المبدع الكابلي ويغنّيها وهي قصيدة طويلة اختار الكابلي أبياتاً منها لتصبح أغنية (ضنين الوعد). يُذكر أن الشاعر الرقيق الرائع يقول عن عاطفياته التي عبَّر عنها شعراً في (ضنين الوعد) بأنها تجربة حبّ مُتبادَل وصادق. وقد ذكر الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد أن صديق مدثر عندما كان طالباً في المدرسة الثانوية كان من (الإخوان المسلمين). أما الشاعر الموهوب الحسين الحسن فقد غنّى له الكابلي (إني أعتذر) وهي الأغنية التي اشتُهرت باسم (حبيبة عمري) وقد كتبها في ملهمته (X). وقد جاءت ومضة لحن الأغنية في رحلة من (سنجة) إلى الخرطوم، حسب إفادة الموسيقار محمد عبد الله محمدية. وكذلك غنّى الكابلي للشاعر الحسين الحسن (طائر الهوى). الحسين الحسن من أسرة شاعرة، فهو شقيق الشاعر تاج السر الحسن الذي غنّى له الكابلي نشيد (تحية آسيا وإفريقيا). والحسين الحسن هو كذلك شقيق الشاعر العوض الحسين شاعر أغنية (يا نسيم أرجوك) التي غنّاها التاج مصطفى. ومن مجموعة أصدقاء (إخوان الصفا) كان الشاعر الدكتور عبد الواحد عبدالله الذي غنى له محمد وردي نشيد (اليوم نرفع راية استقلالنا) وغنى له حمد الريح أغنية (أحبابنا أهل الهوى). قال الراحل عبد المجيد حاج الأمين إن جلسات (إخوان الصفا) كان لها دورها في اهتمام الكابلي، (فنان المثقفين ومثقف الفنانين) بأغنيات التراث الشعبي، التي اشتُهرت بعد أن نفث فيها روحه وإبداعه لتذيع وتنتشر. وقد كانت من قبل محدودة الإنتشار، مطوية في خزائن الذاكرة الشعبية. غادر الإنسان العذب عبد المجيد حاج الأمين الحياة وقد بصمت سيرته على الذاكرة النقاء والصفاء والود وحلاوة الطبع. الذين يعرفون السفير الشاعر عبدالمجيد حاج الامين أحسُّوا بالعرفان والجميل لجامعة الأحفاد التي أقامت حفل تأبين لهذه الروح الجميلة التي غادرت في هدوء إلى دار البقاء. أيضاً هذا الأسبوع احتفى مركز عبد الكريم ميرغني بطبع كتاب جديد من تأليف الشاعر السفير عبد المجيد حاج الأمين.سلام على عبد المجيد حاج الأمين في الخالدين.