في مساره الإبداعي غنَّى الفنان عبد الكريم الكابلي أغنيات بالعامية والفصحى والتراث الشعبي، كما ترنم بروائع الشعر العربي. من القصائد الفصحى التي قام الفنان عبد الكريم الكابلي بتلحينها وغنائها (تحية آسيا وأفريقيا للشاعر تاج السّر الحسن)، (كسلا. للشاعر توفيق صالح جبريل)، (ضنين الوعد. للشاعر صديق مدثر)، (أيادي الخير. للشاعر صديق مدثر)، (أقبل الصباح مشرقاً وزاهر. للشاعر عبد المجيد حاج الأمين)، (طريق الجامعة. للشاعر عبد المجيد حاج الأمين)، (أخي إنا سنحيا)، (شذى زهرٍ. للشاعر عباس محمود العقاد)، (المولد. للشاعر محمد المهدي مجذوب)، (أراك عصىّ الدمع. للشاعر أبي فراس الحمداني)، (نالت على يدها. للشاعر يزيد بن معاوية)، (حبيبة عمري أو إني أعتذر. للشاعر الحسين الحسن)، (صبابة. للشاعر الحسين الحسن)، (أكاد لا أصدّق. للشاعر الحسين الحسن)، (ماذا يكون. للشاعر حسن عباس صبحي). ثم تنقل عبد الكريم الكابلي في حدائق الشعراء من أمثال الرائع عوض أحمد خليفة (كيف يهون. يا أغلى من عينىّ. ما خلاص نسيتنا). ثمَّ تألق الكابلي في أغنيات العامية من كلماته وكلمات العديد من شعراء العامية من المبدعين. وقد كتب الكابلي من كلماته (فتاة اليوم والغد) وهي (يتيمة الدهر). وأحسّ أن هذه الأغنية أمها (يا فتاة الوطن) لصديق مدثِّر وأحمد المصطفى، ولكنها الأميرة التي تجاوزت أمها الملكة جمالاً وروعة وقفزة إبداعية. تمامًا كما كانت (الملهمة) للتاج مصطفى هي أم (الفراش الحائر) حيث تجاوز الفراش الحائر أمه الملهمة جمالاً وإبداعًا وقفزة إبداعية. كذلك. ثم غاص عبد الكريم الكابلي في تراث الفن الشعبيّ في (خال فاطنة)، (فرتيق أم لبوس لوِّيعة الفرسان) (الحسن صاقعة النجّم)، (الجنزير في النجوم)، (غير خالد ما ليك تنين)، (الموز رَوَى) والتي ترجع إلى سودان العهد التركي أي (التركية السابقة)، و(حليل موسى للشاعرة فقوسة). ثم دخل عبد الكريم الكابلي إلى رحاب المدائح فكانت (قالوا الحجيج قطع. للشاعر أحمد ود أب شريعة) و(إبلي المشرَّفات. للشيخ عبد الرحيم البرعي). ثم على نغمات العود قدَّم عبد الكريم الكابلي روائع الشعر العربي في أجمل الترانيم فكانت (أرى ذلك القرب صار إزوارا. لأبي الطيب المتنبي)، (شاعر الوجدان والأشجان. للشاعر إدريس جماع. وقد كتبها الشاعر في أبريل عام 9591م. ومطلعها ماله أيقظ الشجون)، (عهد جيرون. للشاعر محمد سعيد العباسيّ. ومطلعها أرقتُ من طول همٍ بات يعروني)، (معزوفة لدرويش متجوِّل. للشاعر محمد الفيتوري. ومطلعها شحبت روحي صارت شفقا)، (بين الحجاب والسّفور. لأمير الشعراء أحمد شوقي ومطلعها صدَّاح يا ملك الكنار ويا أمير البلبل). كما غنىّ الكابلي من كلمات الشاعر المهندس علي محمود طه (كرنڤال ڤينيسيا) أو (الجندول) وهي في الأصل من ألحان وغناء الفنان عبد الرحمن بشير (من أبناء الجريف غرب الخرطوم). كما غنى من تراث الغناء (ماهو عارف قدمو المعارف) لخليل فرح و(بنت ملوك النيل) للشاعر سيِّد عبد العزيز. كما غنى روائع أمير العود حسن عطية. في هذا العدد الخاص من (الإنتباهة) نقدم نصوص خمس من روائع ترانيم عبد الكريم الكابلي. وقد سألت الفنان الكابلي إن كانت تلك الترانيم هي أغنيات استعصت على التلحين، أي إن كان قد شرع في تلحين تلك القصائد لتصبح أغنيات، غير أن الألحان لم تواتِ، فنفى الكابلي ذلك بتهذيبه. ---------------- أَرَى ذَلِكَ القُرْبَ صارَ ازْوِِرَارَا (من شعر أبي الطيب المتنبئ) أَرَى ذَلِكَ القُرْبَ صارَ ازْوِرَارَا وَصَارَ طَويلُ السَلامِ اخْتِصََارَا تَرَكْتَني اليَومَ في خَجلَةٍ أَموتُ مِرارًا وَأَحيَا مِرارا أُسارِقُكَ اللَحْظَ مُستَحْيِيًا وَأَزجُرُ في الخَيلِ مُهري سِرارا وَأَعلَمُ أَنّي إِذا ما اعتَذَرتُ إِلَيكَ أَرادَ اعْتِذاري اعْتِذارا كفرتُ مكارمك الباهرات إن كان ذلك منِّي اختيارا وَلَكِن حَمى الشِعرَ إِلّا القَليلَ هَمٌّ حَمى النَومَ إِلّا غِرارا وَما أَنا أَسقَمتُ جِسمي بِهِ وَما أَنا أَضرَمتُ في القَلبِ نارا فَلا تُلزِمَنّي ذُنوبَ الزَمانِ إِلَيَّ أَساءَ وَإِيّايَ ضارا وَعِندي لَكَ الشُرُدُ السائِراتُ لا يَختَصِصنَ مِنَ الأَرضِ دارا قَوافٍ إِذا سِرنَ عَن مِقوَلي وَثَبنَ الجِبالَ وَخُضنَ البِحارا وَلي فيكَ ما لَم يَقُل قائِلٌ وَما لَم يَسِر قَمَرٌ حَيثُ سارا فَلَو خُلِقَ الناسُ مِن دَهرِهِمْ لَكانوا الظَلامَ وَكُنتَ النَهارا أَشَدُّهُمُ في النَدى هِزَّةً وَأَبدُهُمْ في عَدُوٍّ مُغارا سَما بِكَ هَمِّيَ فَوقَ الهُمومِ فَلَستُ أَعُدُّ يَسارًا يَسارا وَمَن كُنتَ بَحرًا لَهُ يا عَلِي يُ لَم يَقبَلِ الدُرَّ إِلّا كِبارا ------------------- شاعر الوجدان والأشجان إدريس جماع كتبها الشاعر في أبريل 1959 ما له أيقظ الشجونَ فقاسى٭ وحشةِ الليلِ واستثار الخيالا ما له في مواكبِ الليلِ يمشي٭ ويُناجي أشباحَه والظِّلال هيِّنٌ تستخفُّه بسمةُ الطفلِ قويٌّ يصارعُ الأجيالا حاسرُ الرأسِ عند كل جمالٍ٭ مستشفٌ من كل شيء جمالا خُلقت طينةُ الأسى وغشتْها نارُ وجدٍ فأصبحت صَلصالا ثم صاح القضاءُ كوني فكانت ٭ طينةُ البؤسِ شاعراً مثَّالا ------------------ بين الحجاب والسفور أحمد شوقي صدّاحُ، يا ملكَ الكَنار، ويا أميرَ البُلبلِ قد فزتُ منك (بمعبدٍ) ورُزقتُ قرب (الموصلي) وأُتيح لي (داودُ) مزماراً، وحسن ترتُّلِ فوق الأسرَّة والمنابرِ قطُّ لم تترجَّلِ تهتزِّ كالدينار في مُرتجِّ لحْظِ الأحولِ وإذا خَطَرْتَ على الملاعبِ، لم تدع لممثِّلِ ولك ابتداءاتُ (الفرزدقِ)، في مقاطعِ (جَرْوَلِ) حِرْصِي عليكَ هويً، ومن يُحرز ثميناً يَبْخَلِ والشحُّ تُحْدثُه الضرورةُ في الجوادِ المُجزِلِ أنا إن جعلتُكَ في نُضار بالحريرِ مُجلَّلِ ولففْتُه في سوسنٍ وحففْتُه بقرنفُل وحرقتُ أزْكَى العودِ حوليه، وأغلى الصَّدل ما كنتُ يا (صدّاحُ) عندك بالكريمِ المفُضلِ ============= محمد الفيتوري معزوفة لدرويش متجوِّل شحبت روحي صارت شَفَقا شعَّت غيمًا و سنا كالدرويش المتعلِّق في قدمَي مولاه أنا أتمرَّغ في شَجَني أتوهَّج في بَدَني غَيْري أعْمَى مهما أصْغَى لن يبْصرني في حضْرةِ مَن أهْوَى عَبَثَتْ بيَ الأشواق حدَّقتُ بلا وجْهٍ وَرَقَصْتُ بلا ساق وَزَحَمْتُ بِرَايَاتي وطبُولي في الآفاق عِشْقِي يُفُني عشقي وفنائيَ اسْتِغْراق مملوكك.... لكنِّي سُلطان العشاق. ============== من قصيدة عهد جيرون للشاعر محمد سعيد العباسي أرِقْتُ من طُولِ همٍّ باتَ يَعْرُونِي يُثير من لاعِجِ الذِّكرَى وَيَشْجُوني مَنَّيتُ نَفْسِيَ آمالاً يُماطِلُني بها زماني من حينٍ إلى حينِ ألقَى بِصَبْري جِسَامَ الحادثاتِ ولي عزمٌ أصُدُّ بِهِ مَا قَدْ يُلاقيني وَلَسْتُ أرضَى مِنَ الدُّنيا وإن عظُمَتْ إلاّ الذي بِجَميلِ الذِّكْرِ يُرْضِيني وكيف أقْبَلُ أسْبَابَ الهَوَانِ ولِي آباءُ صِدْقٍ من الغُرِّ المَيَامِينِ النّازلينَ على حُكْمِ العُلا أَبَدَاً مَن زيَّنُوا الكَوْنَ مِنْهم أيَّ تزْيينِ وَقَدْ سَلا القَلْبُ عن سَلْمَى وجارتِها وربَّما كنتُ أدعوه فَيَعْصِينى ما عذرُ مثلي في استسلامه لهوىً يَا حَالةَ النَّقْصِ ما بي حاجَةٌ بِينِي ما أنسَ لا أنسَ إذ جاءت تعاتبُني فَتّانَةُ اللَّحْظِ ذاتُ الحاجِبِ النُّوني يا بِنْتَ عشرينَ والأيامُ مُقْبِلَةٌ ماذا تُريدِينَ من مَوْعودِ خمسينِ؟ في ذمّةِ الله مَحْبوبٌ كَلفْتُ بِه كالرِّيمِ جيدًا وكالخيروزِ في اللِّينِ أفديه فاتر ألحاظٍ وتلّ لَه «أفديه» حِينَ سعى نحوي يفدِّيني يقول لي وهو يَحْكِي البَرْقَ مبتسمًا »يا أنْتَ يا ذا« وعمدًا لا يُسمِّيني أنشأت أُسْمِعُهُ الشَّكْوَى ويُسْمِعُني أُدنيه من كبدي الحَرَّى ويُدنيني أذر في سَمْعِهِ شيئًا يَلَذُّ لَهُ قدْ زانه فضلُ إبداعي وتَحْسيني فَبَاتَ طَوْعَ بَنَاني طولَ ليْلَتِهِ من خمر دارَيْن أسْقيه ويَسْقيني يا عهدَ جَيْرُونِ كَمْ لي فيكَ من شَجَنٍ بادٍ سَقَاك الرِّضا يا عهدَ جَيْرُونِ