على لسان نائب الأمين العام إبراهيم السنوسي، أعلن حزب المؤتمر الشعبي المعارض، أنه سينسحب من تحالف المعارضة «قوى الإجماع الوطني» إن لم تتراجع قيادته وتنسلخ وتتبرأ من وثيقة «الفجر الجديد» الموقعة في كمبالا مع ما يسمى بالجبهة الثورية.. وأعلن كذلك تبرؤ حزبه من الشخص الذي وقّع باسمه على تلك الوثيقة وحذّر قيادات المعارضة من المضي في تنفيذ الوثيقة باعتبارها مسعى لفصل الدين عن الدولة واستبداله بنظام علماني وتفتح الباب لتقسيم السودان من خلال بند الإقليم الواردة في وثيقة كمبالا. وقال السنوسي كما نشر في الخبر الذي أوردته صحيفة السوداني التي استنطقته في عددها الصادر أمس، «إن الوثيقة أضافت مكونات لا علاقة ولا وجودَ لها في السودان بإدراجها مصطلحات ومسميات تبدأ بإقامة دولة مدنية وعلمانية وهو ما لا نوافق عليه البتة»..!! حديث الشيخ إبراهيم السنوسي جدي في مظهره ومخبره، لكن هل هذا هو موقف المؤتمر الشعبي؟؟ الذي ساند كل القوى العلمانية وتحالف معها، وتحالف حتى مع الحركة الشعبية ووقع معها في العام2000م مذكرة تفاهم، وتوالى تنسيقه معها وهو يعلم حقيقة مشروعها السياسي ولم ينتقده يوماً ولم يطعن فيه، والحزب يعلم حق اليقين أن كل قوى الإجماع الوطني تريد دولة علمانية مدنية ولم يقم هذا التحالف إلا من أجل فصل الدين عن الدولة وكشط الشريعة الإسلامية وتغيير هوية البلاد وسلخها من انتمائها .!! كان موقف المؤتمر الشعبي مؤيداً لهذه القوى من أعداء الأمس ومن أعداء فكرته التي قام عليها، فهل اكتشف فجأة اليوم أن هذه القوى العلمانية وما يسمى بالجبهة الثورية والأحزاب من ربائب الاستعمار، تريد إقامة الدولة العلمانية على أنقاض ما هو قائم في السودان!؟! ولم يكن المؤتمر الشعبي في يوم من الأيام مع العمل السياسي السلمي، فقد كان مؤيداً في السر والعلن في الظاهر والمستتر لحركات دارفور المتمردة وخاصة حركة العدل والمساواة التي تمثل جناحه العسكري، وكان الحزب مبتهجاً في ضربة أمدرمان التي نفذتها هذه الحركة واُعتقلت قيادته على إثرها. والغريب أن السيد إبراهيم السنوسي اُعتقل هو نفسه قبل عام وهو قادم من جوبا وأوغندا واتهمته السلطات بأنه يحمل مخططاً نتج عن اجتماعاته مع نفس القوى المكونة للجبهة الثورية ودولة الجنوب العلمانية التي تدعو لعلمنة السودان .! فما الذي حدث، وما هو الجديد؟ هل تغيّر موقف الحزب واستبان له الرشاد بعد سنوات من السير وراء سراب قوى الإجماع الوطني الخادع..أم هناك شيء آخر.. لقد تمنى وحذّر الكثيرون من خطورة اللعب على حبال قوى المعارضة المتعلمنة والمصنوعة مثل مجموعات فاروق أبو عيسى أو الحزب الشيوعي العجوز الذي دنا من حافة القبر وهو في خريف عمره السياسي يعاني من خرف وهذيان، لم يقبل المؤتمر الشعبي الملاحظات والمناصحات وكل أفعاله كانت خصماً على رصيده ورصيد قياداته في معيار وميزان الدفاع عن هوية البلاد وشريعة الرحمن. ولطالما حذّر من بعض المتسلقين من أمثال كمال عمر المحامي الذي وجد الفراغ فانتفش داخل المؤتمر الشعبي وصار قيادياً وأميناً سياسياً يورِّط حزبه في وحل العلمانية ويخوض في روَث العملاء وهم يتآمرون على بلدهم ويسعون لتفتيته وحزِّ عنقه وتقسيمه وإغراقه في موبقات العلمانية وضلالها. لا ينفع التهديد بالانسحاب يا شيخ السنوسي، على المؤتمر الشعبي أن يحدد موقفاً أكثر وضوحاً، وينسحب من قوى الإجماع الوطني اليوم قبل الغد، ويجرِّد سيفه للدفاع عن هوية البلاد ومواجهة هذه الزعانف العلمانية التي تريد طمس وجه السودان المسلم وجعله مطية للطامعين فيه. هل صار الحزب ينفذ أجندة موسيفني ودولة الجنوب بوجوده داخل ما يسمى بقوى الإجماع الوطني التي يحجُّ قياداتها لكمبالا يوقعون وثيقة خيانة مارقة..أم يتخذ موقفاً شجاعاً يشبه تاريخ السنوسي وكثير من إخوانه.. فالتاريخ لا يرحم.