واصلت الصحف السودانيَّة، تغطيتها الإخبارية المركَّزة على ما يسمى بوثيقة «الفجر الجديد» حيث تم التوقيع على الوثيقة مؤخرًا بالعاصمة الأوغندية كمبالا بين «الجبهة الثورية» وأحزاب سودانيَّة معارضة بهدف إسقاط نظام الحكم في الخرطوم. وقد عبَّر عن اتجاهات الموقف الرسمي الرئيس عمر البشير خلال زيارته لولاية «الجزيرة» حول الوثيقة بشكل أدق حيث قال إن الموقِّعين عليها سيحاسَبون وإن السودان لن يحكمه شخص مدعوم من قبل إسرائيل وأمريكا، وسنحاسب الموقِّعين على «وثيقة كمبالا»... حزب «المؤتمر الشعبي» هدَّد بالانسحاب من تحالف «قوى الإجماع الوطني» إن لم تتراجع وتتبرأ من وثيقة «الفجر الجديد» الموقَّعة في كمبالا مع «الجبهة الثورية»َ ونقلت بعض الصحف عن مساعد الأمين العام للحزب إبراهيم السنوسي قوله إن الوثيقة بها مسعى واضح لفصل الدين عن الدولة واستبداله بنظام علماني، لافتًا إلى أن حزبه مع سياسة تغيير وإسقاط النظام عن طريق العمل السياسي وليس المسلح، مؤكدًا أن حزبه تبرّأ من الشخص الذي وقَّع باسمه على تلك الوثيقة التي تهدِّد استقرار البلاد و«لن يحكم البلاد شخص مدعوم من قبل إسرائيل وأمريكا أو متحالف معهما. ويرى المحلل السياسى البروفسير/ حسن الساعوري أن تصريح الشعبي بالانسحاب من موقعي الوثيقة مناورة سياسية وليس موقفًا إستراتيجيًا لأن أي مندوب لحزب ما وليس الشعبي فحسب قبل الشروع في التوقيع نجده مُدركًا تمامًا للموقف والخط السياسي للحزب وليس من المنطق أن يعمل المندوب ضد الخط السياسي للحزب أي أنه يفهم كل بنود الاتفاق وأيضًا لا بد لهذا المندوب أن يكون مفوضًا تفويضًا كاملاً من حزبه ومُلمًا بكل شاردة وواردة تخص بنود الاتفاقية وألاّ يعمل ضدها حتى يتمكن من التوقيع، وربما أيضًا له صلاحيات مخولة من حزبه وإذا استعصى الأمر يتم مشاورة الحزب ولو عبر الهاتف قبل التوقيع. وأضاف أن ما وصفه السنوسى ليس صحيحًا لأن الحزب كان على دراية تامة ببنود الاتفاقية ومنه ما ذكره من فصل الدين عن الدولة وإسقاط النظام عبر العمل المسلح وبرأيي أن هذا الأمر مناورة سياسية وليس موقفًا إستراتيجيًا لحزب الشعبي وأي تراجع عن ذلك يعني أنه مراوغة أو مناورة سياسية.. ولربما أحس الشعبي أن ذلك الأمر قد يُدخله في دائرة مساءلة القانون الذي يمنع التنظيمات السياسيَّة من استعمال القوة وألّا يكون لهم مليشيات عسكرية تتبع لهم.. وإذا ما تم ذلك فإنه مخالفة للقانون.. وقد يُسمى موقف الشعبي هذا «لعب على الحبلين» لأن القانون يمنعهم.. تمامًا يبدو ذلك من خلال حديثهم عن الانسحاب من المعارضة التي طالما سعوا معًا من أجل إسقاط النظام وتوقيع اتفاقيات مع الجبهة الثورية المكونة أصلاً من حركات التمرد ومليشيات مسلحة. في الوقت نفسه جدَّدت أحزاب المعارضة رفضها القاطع لتهديدات الحكومة بمنع القوى السياسيَّة التي تتعامل مع الحركات المسلحة من ممارسة العمل السياسي، وتأكيدها في ذات الوقت قدرتها على مقاومة أي إجراءات تمارسها الحكومة للتضييق عليها، موضحة أن المرحلة التي تمر بها البلاد تتطلب الاتصال بالحركات المتمردة وإقناعها ب«النضال السلمي» للخروج من الأزمات التي تعيشها البلاد. وفى تصريح للناطق الرسمي باسم حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم بدر الدين إبراهيم، قال فيها إن حزبه قادر على مواجهة التحديات التي ظلت تلاحقه منذ توليه السلطة والحكم، بكل السبل المتاحة. وأكد الناطق أن الحزب يرصد تحركات القوى السياسيَّة التي تسعى لتقويض دوره السياسي والتنظيمي منذ أكثر من 15 عامًا، فضلاً عن الضغوط الإقليمية والدوليَّة التي ما زالت تمارَس عليه. ويرى مراقبون أن وثيقة كمبالا «مشروع رجعي تقسيمي» وأن الوثيقة نسخة مكررة من برنامج هيكلة الدولة السودانية الذي أخرجته «الجبهة الثورية» من قبل مع إدخال تغييرات طفيفة عليه، كما أكد الحزب أن الوثيقة تمثل «سقطة تاريخية، ومشروعًا لتفتيت وتمزيق السودان»، كل ردود الفعل الرسميَّة الغاضبة تلك وخاصة حديث الرئيس البشير ربما حملت الشعبي على ذلك الموقف الذي وُصف بأنه تكتيكي.