حرب من نوع آخر تأكل نيرانها بعض الأطراف، وسلاح جديد يتم تسليكه الآن على « تُخت وشواخص حية»، ومن يدير كل هذا... سوف لن يكف عن محاولاته اليائسة، حتى يلج الجمل في سم الخياط!! وبالأمس وبالتزامن مع خروج المتمرد مالك عقار عن الطوع، كان يتجمهر نفر من شباب القرية «21» إسكان بحلفاالجديدة، يدفعهم من يدفعهم، ثم يأكل الغضب ما تبقى من عقل، وفي عنفوانهم المجنون ذاك، يتدافعون نحو منزل وزير التخطيط العمراني بالولاية عبد المعز حسن عبد القادر لينهالوا على المنزل رجماً بالحجارة، إلا أن عناية الله كانت قد ساقت الوزير وأسرته إلى خارج المنزل قبل الرجم... وعادة ما «تقوم الدنيا ولا تقعد» حين يمارس أفراد الشرطة دورهم في الحفاظ على الأرواح والممتلكات على اعتبار أن الحقوق لا تؤخذ باليد إنما ينبغي أن تُسلك لأجلها دروب العدالة والقانون، وهذا لا يعني تأييدنا بالطبع للاستخدام المفرط للقوة مهما كانت الأسباب، وفي هذا الجو المشحون يتحرّك ما يعرف بتحالف المعارضة لتوظيف الأحداث التوظيف الأمثل، والفتنة الآن بين شباب القرية «21» إسكان، وشباب القرية «19» التي ينحدر منها الوزير تبلغ مبلغاً ينذر بخطر وشيك على كل المنطقة. هذا عن السلاح الذي تم «تسليكه» في حلفاالجديدة، ولما كان الضرب بالغ الأثر، كانت الدوافع لتجريبه في مكان آخر ملحة.. وهكذا انفجرت ولاية القضارف، حيث اعترض بعض أبناء قبيلة البني عامر على قرار السلطات بإزالة زرائب للأبقار جنوب حي «كرفس» واشتبكوا مع قوات الشرطة المكلفة بتنفيذ أمر الإزالة، الأمر الذي أدى لسقوط عدد من القتلى والجرحى، ولما كان إنسان ولاية القضارف متسامح ويحب العفو كان لا بد من وسيلة تقطع الطريق على الحلول التوفيقية، وكان أن بث المؤتمر الشعبي سمومه عبر بعض قياداته التي تنتمي للقبيلة، وهؤلاء جعلوا جثامين القتلى في ثلاجة المشرحة حيناً من الوقت حتى توصل عقلاء القوم لحقيقة أن «إكرام الميت دفنه» .. ثم أجد من يتساءل عن دوافع تلك الغضبة إن كانت في حلفاالجديدة أو في القضارف، وهل كانت تبرر ما وصل إليه الحال؟ وعلى الرغم من أن معظم النار من مستصغر الشرر.. لكني أتجاهل عمداً الخوض في الأسباب وأنفذ إلى النتائج والمآلات والمختصرة في نسف النسيج الاجتماعي، في وقت يحسب من يخططوا لذلك أنهم يحسنون صنعا، وإلا فكيف يستقيم أن يقاد الشعب للعنفوان الأعمى، ثم يسقط منهم من يسقط بجهالة، ثم يسيل الدم في كل شارع ، ثم تنطلق الثورة، ثم يسقط النظام، وهل هذه ثورة حقيقية سوف تفضي لتغيير منطقي ليحكم من يحكم بما أنزل الله؟؟ وأخيراً.. أشير للترويج الأعمى والمغلوط عن قصد وعن غير قصد للأحداث من قبل بعض وسائل الإعلام، وبالأخص ما وقع في كل من حلفاالجديدةوالقضارف، الأمر الذي يؤكد ما نحاول كشف غموضه.. إذ أن الأمر لا يتعدى كونه اصطياداً في المياه العكرة من أجل تحقيق أهداف تنحدر نحو إلصاق تهمة قمع الدولة بأجهزتها المختلفة للمواطنين ، وكبتها للحريات، وهذا الهدف وضع ليجر خلفه مزيداً من التدابير كأن تنطلق ثورة أشبه بمثيلاتها في تونس ومصر وليبيا واليمن، على أن يوازي الثورة احتقان في بعض الولايات وتمرد في ولايات آخرى.. زحفاً نحو مركز السلطة وتغيير النظام.. وسوف لن تتوقف هذه المحاولات، حتى يلج الجمل في سم الخياط!!