عندما يكون الحديث عن اقرار ذمة للدستوريين قد يربطه كثيرون بمكافحة الفساد، لأن كثيرين يربطون بين الفساد والمسؤولين بالمصطلح البلدي «جقم»، وللحد من تنامي هذه الظاهرة التي هي موجودة لدى البعض بلا شك، فلا دخان من غير نار وملامح الثراء المفاجئ قد تجعل الاقاويل تطول البعض بلا إثبات واضح، لذا عندما تتحدث وزارة العدل عن اقرارات ذمة للدستوريين تعطي احساساً بأن هناك جدية في مكافحة الثراء الحرام حسب قانون الثراء الحرام والمال المشبوه. والخبر الذي تصدر الصحف كان عن وجود «9» آلاف إقرار ذمة للدستوريين على مستوى المركز والولايات أمام وزير العدل الذي سيخضع هو نفسه لإقرار ذمة في أول فحص يتم الأسبوع القادم باعتبار أنه رئيس لجنة فحص اقرارات الذمة عن طريق رئيس القضاء، وبالتأكيد هذا الحدث كان بمثابة فاتح شهية للمنتظرين وأولهم الصحف التي لم تمل أبداً من الحديث عن الثراء المشبوه، وسيكون يوم الثلاثاء من كل أسبوع موعداً مميزاً مع القلق لدى كل من يخفي شيئاً وينتظر التدقيق فيه عبر اجتماعات اللجنة الاسبوعية. وعلى الرغم من أن الرقم الذي وضع أمام طاولة دوسة كان كبيراً، إلا أن وزير العدل أكد أن الرقم قليل بالنسبة لعام 2011م، وتوعد كل الدستوريين الذين لم يتقدموا بإقرارات ذمة بعد إكمالهم عاماً في المنصب بالمحاسبة القانونية الرادعة، ووجه ادارة الثراء الحرام بفتح بلاغات في مواجهة تلك الجهات بعد مخاطبتهم، باستثناء من لديهم أسباب وأعذار واضحة. ويرى خبراء أن حديث دوسة يبشر بالكثير، خصوصاً أن الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد جعلت العيون تتجه نحو الدستوريين، خاصة بعد سياسات التقشف الجديدة التي فرضت طوال العام الماضي على الصرف الحكومي، ولكن هذا لم يوقف الحديث عن محاسبة الدستوريين، والحديث عن الفساد يتصاعد كل يوم، والسؤال: من أين لك هذا ترتفع نبرته، وصوت الشارع يبدو أنه وصل إلى داخل ردهات وزارة العدل، مما حدا بدوسة إلى أن يقول إنه يتحمل مسؤولية ملاحقة أي تجاوز نيابة عن الشعب، وهي عبارة سينتظر منها الكثير، ولن يقبل الشعب أن تخرج هذه الفحوصات بجيوب بيضاء ومعها رجاء بإعادة ما أخذ على حساب الشعب الذي يبدو أن دوسة كان جاداً فيه، وهو يؤكد أن الوزارة ستأخذ ملف إقرارات الذمة بقوة، وستتحمل المسؤولية بكل جرأة وأمانة نيابة عن الشعب، وأكد أن لجنة الفحص لا تتهم الناس جزافاً، بل تفحص ما يرد في هذه الإقرارات بتمعن. ويرى قانونيون وسياسيون أن الأمر جاد جداً هذه المرة وليس كسابقاتها. ويقول د. إسماعيل الحاج موسى نائب رئيس مجلس الولايات ل «الإنتباهة»: «القرار ليس جديداً، فقط المواظبة عليه هي الشيء الجديد الآن، حيث طلبت وزارة العدل من مدة تجهيز الأرانيك وتعبئتها، وبالتالي فحصها واجب للتأكد من صحته، وهكذا تكونت لجنة من القضاء ورئاسة الجمهورية والدولة تتحدث من أعلى مستوياتها عن الفساد، ولا بد أن تكون هي قدوة حتى تطالب الآخرين بالثقة، وهذا عمل ممتاز عند الحديث عن القيم والأخلاق والدين والقانون». ونفى د. إسماعيل أن تدخل الواسطة في الخط قائلاً: «لا واسطة الآن، هذا عمل جاد، ويعبئ الدستوري أورنيك عن أمواله وأموال الأسرة، وتخضع للمراجعة من كل الجهات العدلية في البلد، وأنا مطمئن لجدية هذا العمل».