من أين جاءت التسمية؟ جاءت تسمية (سوق الإخوان) من حقيقة أن الباعة يتعاملون مع بعضهم البعض بتعاون كبير كأنهم إخوة. أول ما يلفت انتباهك وأنت داخل لسوق الإخوان أو (سوق الحرامية) كما يحلو للبعض تسميته منظر البضاعة المعروضة على (العناقريب)، ويرجع تاريخ السوق إلى التسعينيات.. مقرُّه القديم حديقة أمبدة، تمَّ ترحيله إلى الموقع الحالي في بداية الزلط الذي يؤدي إلى الحارَّة (17) جنوب سوق ليبيا الذي تُباع فيه الأشياء المستعمَلة والمسروقة من أجهزة كهربائية وأوانٍ منزلية وكل ما يخطر على بالك تجده هناك، والسوق عبارة عن ساحة مكشوفة تعُجّ بآلاف التجار من شتى بقاع السودان ويعمل على مدار الأسبوع، ويبدأ العمل من السابعة صباحًا حتى الساعة الثامنة مساء، وسمِّي بهذا الاسم لارتباطه ببيع الأشياء المسروقة المجهولة المصدر (على عينك يا تاجر).. يكتظُّ السوق بالباعة المتجوِّلين من شباب وأطفال ونساء واشتُهر ببيع الأشياء المُستعمَلة والمسروقة.. والباعة يتجولون في السوق ذهابًا وإيابًا لبيع سلعهم.. كل شيء في السوق معروض للبيع من ملابس مستعمَلة يُطلق عليها (المرحوم كان قدرك) والأواني المنزلية والأدوات الكهربائية والأثاث المُستعمَل، وهذا الواقع ليس جديدًا فهو حال السوق منذ تأسيسه في التسعينيات معروف لدى الناس بأسعاره المناسبة لذوي الدخل المحدود.. وقد لاحظنا خلال جولتنا في السوق انخفاضًا في أسعار البضاعة وإقبالاً كبيرًا على الشراء. بضائع مسروقة: التقينا الشاب (أحمد) الذي أكَّد لنا أنَّ البضاعة أغلبها مسروق وعندهم زبائن معينون يشترون منهم البضاعة وقبل الشراء يخبرونهم بأن البضاعة (ساخن بارد) يعني مسروقة، وليس عليهم أي رقابة، يحصلون عليها من أماكن متعدِّدة والبطالة هي التي ساعدت على انتشار السرقات.. ويقول إن الباعة مضطرون للوقوف في الشارع لأنهم يريدون أكل عيش لأنهم لا يجدون وظيفة، لذلك يسلكون الطريق السهل، (أحمد) وصف لنا حال الباعة المتجولين، وقال إنهم غيَّروا أسلوبهم القديم في تذبذب الأسعار واتفقوا على البيع بسعر محدَّد للزبون، وهم أيضًا من يحدِّد لحظة الارتفاع، وأكَّد لنا أنَّه في فصل الشتاء تنشط حركة البيع بسبب كثرة السرقات في الشتاء لأن غالب الناس ينامون داخل غرفهم لا في الحيشان. والباعة يروِّجون للبضاعة بالأصوات العالية (السوق قلب) إشارة إلى انخفاض السعر. ساخن بارد: يقول بائع تلفونات متجوِّل يبدو أكثر تشاؤمًا من غيره: (في ركود في البيع والسبب الحال التي تمر بها البلاد) مؤكِّدًا أن البيع انخفض بشكل كبير بل أصبحت لقمة العيش هي الأهم.. سألناه: البضاعة المسروقة بتجيبوها من وين؟ فأجاب: عندنا ناس معروفين وأصحاب سوابق بنشتري منهم بسعر مناسب وبدورنا نبيعها، قلت له الزبون عارفها مسروقة؟ لو بنعرف الزبون بنقول ليه الحاجة دي ساخنة بتبردها، وإذا تم قبضك نحن ما شفناك ولا بنعرفك، إذا رضي واشترى خلاص وإذا رفض بنشوف زبون آخر، يا أستاذة الحرامي لو سرق البضاعة من أم درمان بوديها الخرطوم، ما في حاجة في السوق تُباع بسعرها الحقيقي، سألته: ما بتخاف تنقبض؟ فكان رده: (حاميها حراميها)، قلت له: تقصد شنو؟ قال لي ما تاخدي في بالك. ليس كله مسروق: كما التقينا أحد التجار رفض ذكر اسمه تحدَّث لنا قائلاً: يا بتي السوق قديم جدًا والبضاعة ليست كلها مسروقة، نحن عندنا زبائن بنبدِّل ليهم الملابس بالأواني المنزلية: عدة، وصحون، وحلل كمان، وسألته: من هو أقدم التجار في السوق؟ فقال: هم (مكي سليمان ومختار حجازي وبخيتة والحاجة زينب توفيت إلى رحمة الله). سألته: ما حصل اشتريت حاجة ساخنة؟ فقال: والله يا بتي جاءنا واحد شكله ما بوحي إنه حرامي عنده كيس فيه ملابس لابس جلابية وعنده سبحة عرض علينا الملابس وأنا اشتريت منه ملايات، وبعد يومين صاحب الملايات (نقر) الملايات، سألني: الملايات دي جبتها من وين؟ قلت له جابها لينا واحد وأنا اشتريتها، ذهب وحضر بصحبته عسكري ودُّوني القسم.. من اليوم داك أنا ما بشتري إلا من ناس معروفين وأنا بثق فيهم، سألته: بتدفعوا للمحلية كم؟ قال: بندفع (31) جنيهًا وألف جنيه إيجار (عناقريب).