قال الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند، لقد تدخلنا عسكرياً في مالي لمنع حكم الشريعة، وقد كان الإسلاميون بصدد السيطرة على كلّ مالي، قبيل التدخل العسكري الفرنسي، المدعوم أمريكياً وبريطانياً وأوربياً. حيث كان الإسلاميون يسيطرون على شمال مالي. هنا تبرز أسماء منظمة (موجوا) الإسلامية، ومنظمة (أنصار الدين) التي أزاحت جبهة تحرير (أزواد) من مكانها باعتبارها الحركة الرئيسية في ثورة مالي. وتتلقى حركة (موجوا) وحركة (أنصار الدين) دعماً مالياً من منظمة (أقِمْ) الإسلامية وهي جناح تنظيم (القاعدة) في شمال أفريقيا. وقد نجم عن سيطرة الإسلاميين على شمال مالي، انقلاب أطاح بالرئيس (أحمد توماني توري) . يشار إلى أن الشمال والجنوب في مالي بينهما هوة سحيقة في التنمية والخدمات، لصالح الجنوب.التدخل العسكري الفرنسي في مالي، من المتوقع أن يزيد نشاط الإسلاميين المسلحين كمّاً وكيفاً في منطقة الساحل الأفريقي وشمال افريقيا وغرب أفريقيا. يذكر أن التدخلات السياسية والعسكرية الغربية ضد الإسلاميين، أو تلك التي تمَّت بايعاز من الدول الغربية، قد كانت سبباً مباشراً في انتشار شبكات التنظيمات الإسلامية المسلحة من شرق أفريقيا في الصومال إلى غرب أفريقيا في مالي. والجدير بالذكر أن مالي اشتهرت بمدارس اسلامية ظلت ناشطة منذ عام 1300م. حيث تُخرِّج اليوم سنوياً (25) ألف خرِّيج. كما تحتلَّ مالي أفريقياً المرتبة الثالثة في انتاج الذهب. وتجاور مالي النيجر التي تعتبر المصدر الوحيد ل (اليورانيوم) بالنسبة لفرنسا. كما تجاور نيجيريا، حيث يوجد مدّ إسلامي متصاعد تعتبره الدول الغربية تهديداً حقيقياً لمصالحها. حيث تصف ماكينات الدعاية الغربية تلك الحركة الإسلامية النيجيرية بتسميتها باسم (بوكو حرام)، وذلك خلافاً لاسمها الأصل الذي يشير إلى بعث إسلامي على أساس مصادر الإسلام في الكتاب والسنة. حكومة نيجيريا من جانبها أحالت الجيش النيجيري إلى شركة مرتزقة. حيث أصبح الجيش النيجيري يقاتل بالوكالة عن بريطانيا في سيراليون، كما يقاتل اليوم بالوكالة عن فرنسا في مالي. كذلك من أوضح ما أبرزته أزمة مالي أنها كشفت عن هوان (الإتحاد الأفريقي) كمنظمة قائدة لدول القارة. حيث ظهر للعيان في أزمة مالي كمنظمة تفتقد القدرة على القيادة والمبادرة. فقد ظلّ يلتزم الصمت المريب، بينما يجتاح الجيش الفرنسي الغازي إحدي دوله الأعضاء. يلاحظ أن التدخل العسكري الفرنسي في مالي، يصاحبه غياب تام لأي طرح حلّ تفاوضي سياسي. بل يصاحبه تدمير متعمَّد لأي حلّ سياسي محتمل، حتى قبل أن يبدأ. حيث تنتقد الصحافة البريطانية على سبيل المثال، رومانو برودي (رئيس وزراء إيطاليا السابق) وموفد الأممالمتحدة إلى أزمة الساحل الأفريقي، حيث انتقدته الصحافة البريطانية وحكمت عليه بالفشل حتى قبل أن يبدأ مهمته، حيث أشارت إلى أنه لا يتحدث الفرنسية وليس لديه خبرة بالمنطقة وأن مالي لا تثق به، كما أشارت الصحافة البريطانية إلى أن مالي بحاجة إلى (وسطاء أمناء) أكثر من الرئيس (بليز كومباوري) رئيس بوركينا فاسو، الذي لا تثق به مالي، حسب دعوي الصحافة البريطانية. لماذا تستبق الصحافة البريطانية سيناريوهات الحل السياسي، تعزيزاً لخيار العمل العسكري وإبادة الإسلاميين. تجدر الإشارة إلى أن الصحافة البريطانية هي صوت الحكومة في القضايا الخارجية، وأن محرري الشئون الدولية في الصحف البريطانية هم دائرة لها ارتباط خاص بوزارة الخارجية. قياساً على (أفغانستان) أطلِق اسم (ساحلستان) على أزمة مالي. حيث تقع مالي في قلب الساحل الأفريقي. وذلك في إشارة إلى تطابق التدخل العسكري الفرنسي في مالي مع التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان، وكذلك هي إشارة إلى نهاية التدخل في مالي إلى نفس مصير التدخل في أفغانستان. في أزمة (ساحلستان)، ألا تطرح أزمة مالي السؤال المهم ... لماذا يتم تسليح الإسلاميين في سوريا بينما يتمّ تدميرهم في مالي؟. موقف الدول الغربية ذو المعايير المزدوجة من الاسلاميين في سوريا ومالي، يكشف درجة انتهازية الدول الغربية. في سوريا الدول الغربية (تحرِّض المؤمنين على القتال) وتسلحهم وتدعمهم سياسياً واستخبارياً، لصالح استراتيجيتها المزدوجة بعيدة المدى في إبادة الإسلاميين أو إسقاط الأنظمة الوطنية المغضوب عليها غربياً. في مالي لا تحرِّض الدول الغربية الإسلاميين على القتال أو تسلحهم، كما في سوريا، بل تنشط في تدميرهم وإبادتهم!.