عاش الشيخ أبو القاسم أحمد في الفترة ما بين 1861م 1934م، وهو رجل صنع نفسه وعلمها ليعلِّم الآخرين، صقلته التجارب وعاصر أخطر الأحداث في حياتنا، فانتصر عليها وطوعها. والده هو الشيخ أحمد هاشم قاضي الخرطوم وبربر. ولقد ذكر الواقدي في كتابه فتوح الشام جده الشيخ عبد الله بن العباس. تلقى علومه الدينية والعقلية على يد الشيخ محمد الخير عبد الله طويل الغبشاوي. ثم شدّ الرحال إلى مصر ثم عمل معلماً بجامع الخرطوم العتيق عقب عودته من مصر.. وفي المهدية أوكل إليه المهدي الكتابة في الديوان فأرسل المناشير إلى الملوك والرؤساء وإلى علماء مصر. واستمر في عمله حتى أيام الخليفة عبد الله وتغلب على كل المكايد والصعاب، وعاصر حركة الأشراف ولم يصبه أذى وانصرف للعبادة وتلاوة القرآن. وكان يقول إنه من فضائل المهدية أنها علّمتنا تلاوة القرآن. وكان أصدقاؤه في تلك المدة مدثر إبراهيم الحجاز والشيخ محمد عمر البنا فكانوا يطالعون الأدب العربي ويتبادلون قرض الشعر ويمدحون الرسول «صلى الله عليه وسلم». ولما سقطت دولة المهدية بدأ كتشنر يخطط لحكم السودان فعيَّن الشيخ أبو القاسم هاشم قاضياً فعمل في سنار ثم عمل قاضيًا لمديرية النيل الأزرق فنقل إلى ودمدني وذلك سنة 1904م فامتدت علاقته لقرى الجزيرة وارتبط بعلاقات مع الشيخ عبد الباقي بن الشيخ المكاشفي بالشكينيبة ناحية المناقل. كما توطدت علاقاته مع القريبين بأبي حراز. وأحس الإنجليز بخطره عليهم. عمل الشيخ أبو القاسم هاشم على بناء المساجد وتطوير المعهد العلمي حتى اكتمل وجمع له العلماء ليبرهن للإنجليز أن للسودان علماء، ونظم اللائحة والمناهج وطريقة الحصص. وبعد ذلك امتحن الطلبة للشهادة الأهلية في سنة 1920م وأنشأ مكتبة للمعهد. وفي سنة 1924م جلس طلبة المعهد للشهادة العالية. وفي تلك المدة هبت ثورة سنة 1924م وكان من مؤيديها. ولقد أنشأ الشيخ أبو القاسم الجمعية الأدبية في المعهد العلمي وأسفرت هذه الجمعية عن شعراء وأدباء أبرزهم محمد عبد الوهاب القاضي. والتجاني يوسف بشير والهادي العمرابي وغيرهم. وكان الشيخ أبو القاسم ينشد الشعر وله قصائد معروفة فلنذكر له هذه الأبيات: إن أسماء الجمال حسنها٭٭٭ سلب الشمس ضياها المستبين كملت بين الورى أوصافها٭٭٭ فتصدت فتنة للعالمين فكأن الله قد صورها ٭٭٭ من هوى الأنفس لا ماء وطين ما على عاشقها من جرح٭٭٭ أن حب الحسن في الطبع مكين وللشيخ شعر كثير في الغزل وفي مدح الرسول «صلى الله عليه وسلم». ولقد رثاه الكثيرون نثراً وشعراً كتوفيق أحمد البكري ومحمد أحمد محجوب وعبد الله عشري الصديق من الكتاب. ومن الشعراء التجاني يوسف بشير. الشاهد في الموضوع أن الشيخ أبو القاسم هاشم قد وضع أسس التعليم الديني. فالجامعة الإسلامية بأم درمان هي غرسه وثماره. رحم الله العالم الشاعر الفقيه رحمة واسعة وأنزله مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.