ينطلق بإذن الله يوم السبت القادم مؤتمر المساجد الثاني الذي يأتي هذا العام والبلاد تشهد كثيراً من القضايا المتسارعة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ومن دواعي قيام هذا المؤتمر مناقشة قضايا فكرية كالتطرف والغلو والتنصير ودور المسجد ورسالته في المجتمع، ووضع لائحة تنظيم لجان المساجد وطبيعة عملها، والاهتمام بقضايا الدعوة ووسائلها الحديثة من حيث التدريب وتأهيل الأئمة. وكلنا يعلم أهمية المسجد ورسالته ودوره في علاج كثير من القضايا، وأهمية المنبر كأداة إعلامية تخاطب ملايين الناس، ومساهمته في التوعية الدينية الشاملة للسلوك والقيم والعقائد والأخلاق ومحاربة الظواهر السالبة في المجتمع، وغير ذلك من الإيجابيات التي لا غنى لمسلم عنها. ولأهمية المسجد ودوره القيادي، فإن أول ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة بناء مسجده الشريف، وكان فيه أهل الصرفة ومنهم الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه الذي يعتبر من أئمة الحديث ورواته. وكم خرَّج المسجد النبوي من العلماء والمجاهدين وشتى قادة المجتمع. واليوم نحتاج الى تفعيل دور المسجد ليس بالمؤتمرات وحدها، ولكن بخطوات عملية تهتم في المقام الأول بالمسجد مبنىً ومعنىً. في السابق كان المسجد هو المحرك للمجتمع، كما أن بناء المسجد وتعميره من الإيمان كما قال الله تعالى: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ». وقول الله تعالى: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ». فكل هذه الآيات وغيرها من الأحاديث تدل على عظمة المساجد وأهيمتها في حياة المسلمين، بل المساجد أخافت كثيراً من الدول الأوروبية، وما أحداث المآذن التي نشبت في أوربا ببعيدة. وللمساجد في السودان دور كبير في أمر الدعوة، فهناك مساجد قديمة بها خلاوى ومعاهد خرجت مئات العلماء الذين ساهموا في نشر الدعوة. وامتداد العاصمة وزيادة السكان فيها يحتم القيام ببناء مزيد من المساجد والعناية بها، ومن ثم الاهتمام بالمؤذن والإمام حتى يؤدي المسجد رسالته. إن المحرك الأساس للمسجد هو لجنة المسجد والمصلون والخيرون، فمساجد اليوم ليست مثل مساجد الأمس من حيث الاحتياجات، فمسجد اليوم يحتاج إلى كهرباء وماء ونظافة ومكبرات صوت، وغيرها من الاحتياجات التي تجعل المسجد جاذباً، وبالإضافة إلى كل هذا يحتاج إلى أن تقام فيه دروس علمية منتظمة في شتى العلوم، حتى يستفيد المسلم ويتفقه في أمور دينه، وهذا يحتاج إلى إمام مؤهل ومتفرغ للعمل الدعوي، وهذا ما سنتعرض له في المقال القادم إن شاء الله.