تطورت الجريمة وتعددت الأسباب في ارتكابها ولكن أكثر التي ترتكب ضد النفس تكون بسبب الخمور والمخدرات لأنها تذهب العقل فضلاً عن مضارها ومفاسدها الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتفوق الخمور على المخدرات في نسبة ارتكاب الجريمة بولاية سنار لذلك كان لابد لها من إعلان وقيادة مشروع: «سنار بلا خمور»، وشرعت في ذلك بتكوين لجنة عليا بقرار من والي سنار الباشمهندس أحمد عباس برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية والدعوة الأستاذ فضل المولى الهجا وتشمل اللجنة الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني وبدأت في عقد اجتماعاتها للتداول حول كيفية تنفيذ المشروع على أن تستفيد اللجنة من تجارب الشرطة الشعبية والمجتمعية ومحليتي أبو حجار والسوكي اللّتين قطعتا شوطاً كبيراً في هذا المجال. وكان قد خرج أول اجتماع للجنة بضرورة إقامة حملات إرشادية وتوعوية والتأمين على حصر مواقع صناعة الخمور البلدية وعمل الدراسات الاجتماعية فضلاً عن إيجاد بدائل تؤمن كسب العيش الحلال لصانعي الخمور. مدير شرطة ولاية سنار الدسيس مصطفى الدسيس استنطقته «الإنتباهة» حول هذا المشروع وموقف الولاية من جريمة القتل، فقال إن من أهم أسباب القتل شرب الخمر وإن أكثر من«80%» من الجرائم التي ارتكبت ضد النفس بالولاية كانت بسبب الخمور، وأضاف أن مكان تصنيع الخمور يعد بيئة صالحة لارتكاب الجرائم والخمر أم الكبائر وأس الجريمة، مؤكداً على أهمية تضافر الجهود للمضي قدماً بمشروع سنار بلا خمور عام 2013م الذي تبنته الشرطة الشعبية والمجتمعية وهي جزء من أصل الشرطة، كما أكد على أن الشرطة تسعى وبكل ما أوتيت من قوة لإنفاذ هذا المشروع لأنه يساعدها في المقام الأول في تقليل نسبة الجريمة وتحقيق الأمن وقال نحلم بأن نكون مجتمعاً «بلا خمور.. بلا تفلتات.. بلا خلل أمني» مشدداً على دور الإعلام في هذا المشروع.. وأوضح الدسيس أن المخدرات تقوم مقام الخمر في ارتكاب الجرائم فكلاهما يذهب العقل وقال إن العام 2012م شهدت فيه الولاية ضبطيات كبيرة في مجال المخدرات باعتبارها ولاية عبور واستهلاك، مؤكداً على الاستمرار في محاربتها والوقوف في وجه توزيعها للولايات الأخرى لتحقيق نتائج أفضل.. فيما قال إن سنار تشتهر بجريمة السالف التي قال عنها إنها جريمة عابرة ومتنقلة، مؤكداً وضع معتادي جريمة السالف تحت مراقبة الشرطة ما قلّل من ارتكابها في الوقت الذي أكد فيه أن تطور الجريمة في ظل وجود الطرق المعبدة يمكن أن يساهم في ضياع معالم الجريمة ما يستدعي تضافر القطاعات المختلفة ويستوجب احترازات لضبط هذه الجريمة وبالضرورة تعاون المجتمع مع الشرطة مشيراً إلى امتناع بعض المتضررين من جريمة السالف عن التبليغ لاعتبارات كثيرة ما يتسبب في ضياع الحقوق، مؤكداً على التنسيق بين مثلث ولايات الجزيرة وسنار والقضارف للحد من الجريمة. وعن تجارة السلاح قال إن الولاية حدودية وهناك بعض التجاوزات والمخالفات هنا وهناك، وسنار ليست مصدِّراً لتجارة السلاح ولكنها معبر ومستهلك لمتاخمتها لمناطق الحروب في النيل الأزرق ودولة الجنوب، مشيراً إلى أن بعض أصحاب الأموال والمواشي غريزتهم امتلاك السلاح مؤكداً على وجود خطط واضحة للشرطة لمحاربة هذه الجريمة... وأكد مدير الشرطة أن الولاية لم تسجّل أي بلاغ عن تجارة البشر وأن حدوها آمنة تماماً. وهاتفت «الإنتباهة» معتمد محلية أبو حجار المهندس أحمد عجب الفيا حول مشروع سنار بلا خمور وقال إن للمحلية تجربة في ذلك بأن تم عمل مسح اجتماعي لمصادر الخمور وتبيّن وجود «199» مصدراً لتصنيع وترويج الخمور غير الخفية لديهم وقطع بأنه وبفضل البرامج الدعوية والتذكير الشفوي والكشّات ومساعدة المثقفين من أبناء صانعات الخمر تبقى «30» موقعاً من هذه المصادر وأعلنت «26» مصنعة عن توبتهن عن التصنيع، وأشار إلى إقلاع بعض المصنعات طوعاً واختياراً وبعضهن حياءً. وكشف عن برنامج تحفيزي للتائبات، وقال كرّمنا حتى الآن«7» تائبات بتمليكهن معينات ومعدات شاي وطبخ حسب اختيار المصنعة وبعضهن تقدّم إلينا بطلب مشاريع إنتاجية مثل عربات كارو وثلاجات وسنعمل على تحقيق ذلك بمعاونة شركاء المشروع... وقال المعتمد إن المحلية سجلت نسبة أقل في جرائم القتل بسبب الخمور مقارنة بالسنين الماضية. فيما كشف معتمد محلية السوكي المهندس محمد الأمين ل«الإنتباهة» قائلاً استطعنا إغلاق مجمعات تصنيع الخمر في القرى والمدن، ونشدد الرقابة عليها وتتوالى الإنذارات. وأضاف: ما ساعدنا في ذلك برنامج المهتديات الذي يقوده شركاء المشروع، مشيراً إلى تمليك أراضٍ زراعية وأوانٍ منزلية بجانب إعطاء مبلغ من المال و«5» جوالات ذرة لكل من أعلنت التوبة والإقلاع عن صنع الخمر، وقال: رحيل الجنوبيين بعد الانفصال يعدُّ سبباً رئيساً لإغلاق الكثير من بيوت الخمر. الجرائم في ولاية سنار تختلف باختلاف المكان والزمان ويتفشى بعضها ويندر بعضها الآخر لكن جميعها يتطلب تواثق وتعاهد المجتمع مع الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى لضبطها قبل وقوعها حتى نعيش في أمنٍ واستقرار.