لا تزال وثيقة كمبالا المسماة فجراً جديداً تحتل موقعاً متقدمًا في اهتمام وسائل الإعلام.. لا جديد في وثيقة الفجر القديم غير توقيعات أحزاب مسجلة في مضابط مسجل الأحزاب أن تلتزم باستخدام كافة الوسائل السلمية في ممارسة العمل السياسي فإذا بها توقع على وثيقة مناهضة لممارسة العمل السياسي بأدوات سلمية، فجاءت إلى الفجر الجديد بغير الوجه الذي جاء به مسجل الأحزاب.. ثم تبرأ الذين اتّبَعوا من الذين أُُتبِعوا بعد ان عادوا ورأوا العذاب في قانون مسجل الاحزاب.. يمثل تحالف الجبهة الثورية بين مختلف حركات التمرد ومن معها من معارضات، يمثل مرحلة من مراحل تطور العمل المعارض لإسقاط النظام بوسيلة غير ديمقراطية لإنفاذ مطلوبات التحول الديمقراطي.. عادةً التحول الديمقراطي يتم عبر وسيلة ديمقراطية.. والسعي نحو إحداث التحول الديمقراطي بوسيلة غير ديمقراطية عملٌ غير صالح.. حديث الجبهة الثورية عن تغيير النظام بالقوة العسكرية كوسيلة لإحداث التحول الديمقراطي حديث بلا معنى.. فإحداث التحول الديمقراطي بعمل مسلح أو انقلاب عسكري بدعة.. وتناغم قوى المعارضة السياسية في الداخل مع بدعة الفجر القديم ضلالة.. تحول بدع الجبهة الثورية إلى ضلالات معارضة الداخل الموقعة على الميثاق والمتنصلة منه هو ما تنحسر عنه نصوص وثيقة الفجر الجديد بتسريح القوات المسلحة واستبدالها ي بملشيات التمرد بمسمياته المختلفة، وإعادة هيكلة النظام الإداراي والسياسي للدولة على أقاليم جديدة ذات نكهة وطعم عنصريين، وفصل الدين عن الدولة، أو فصل الدولة عن الدين كما يحلو لبعضهم.. تناغم المعارضة الداخلية مع الجبهة الثورية يقدح في مصداقيتها تجاه ما وقعت عليه من مواثيق العمل السياسي ومساحة الحريات المتاحة امامها بموجب تلك المواثيق.. نقض مواثيق العمل السياسي الموقعة من قبل معارضة الداخل مع الحكومة في شخص مسجل الأحزاب السياسية يجعل من الممكن أن تتراجع أو «تنط» عن ميثاق الفجر الجديد الموقَّع أمام تحالف الجبهة الثورية في شخص بقايا قبائل اليسار عند تعرضها لأي «هزّة آيدلوجية من النوع العميق..» ثم تتحدث وثيقة الفجر القديم عن وحدة طوعية.. عبارة وحدة طوعية تمثل حالة نموذجية للدغمسة التي تشتهر بها الممارسة السياسية في السودان.. الوحدة الطوعية في وثيقة الفجر القديم هي الاسم الحركي لحق تقرير المصير..! ما يعني أن الوثيقة تتيح لكل المملل والنحل في بلاد السودان أن تستقل دولةً منفصلة عن باقي البلاد..! ويعطي قرية «قدوم طير» الشهيرة والتي سبق أن حذرت أمريكا للمرة الأخيرة من العبث بمقدرات الأمة بمسمياتها المختلفة «قومي، جديد، فدرالي، قيادة جماعية،.. الخ..» قرية قدوم طير هذه بحسب وثيقة الفجر القديم وما فيها من وحدة طوعية تستطيع أن تعلن نفسها دولة وتنفصل عن السودان.! وكانت دغمسة المصطلح السياسي في بلاد السودان هي ما دفع جون قرنق لتثبيت مصطلح المشورة الشعبية في صلب اتفاق السلام الشامل ثم وفي مرحلة لاحقة يقدم مذكرة تفسيرية للمشورة الشعبية وأنها «جنى تااا» تقرير مصير تعهده قطاع الشمال بقلة الحياء فأورق أيَّما إيراق.. المنظور القانوني لوثيقة الفجر الجديد يقول إن ما نصت عليه من اعتماد الكفاح المسلح وسيلة للتغيير يقع تحت طائلة ما يُعرف في نصوص القانون بالاشتراك الجنائي..! فأن تسعى حركات مسلحة خارجة على القانون وتعلن أنها تمارس العمل المسلح فهذا تحصيل حاصل يدخل في قول الشاعر: الأرض أرضٌ والهواء هواء والماء ماءٌ والسماءُ سماءُ.. أما توقيع أحزاب «مسجلة» على وثيقة تحمل هذا التفسير القانوني كما جاء عند أهل الاختصاص فيخرج من قول الشاعر: ومن يجعل الضرغام للصيد بازه تصيده الضرغام في من تصيدا.. اللافت للنظر بين جحافل الموقِّعين المتنصلين من وثيقة الفجر القديم تنصل المؤتمر الشعبي من توقيع ممثله على الوثيقة.! وكان المؤتمر الشعبي قد نبت ونما وترعرع تحت ظل ما أسماه ولا يزال يجأر به في منابر الإعلام بنقض العهود والمواثيق..! وانهم ما خرجوا على المؤتمر الوطني إلا بما عهدوا فيه من نقض العهود ونكث المواثيق.! كان يا ما كان في بلاد السودان يستطيع أي إنسان أن يزين لقريش أن تأتي من كل «جبهة ثورية» بفتى فيضربون الإنقاذ ضربة واحدة فيتفرق دمها بين الجبهات الثورية.. فإذا حرك مسجل الأحزاب سيف القانون في أغماده قال «الإنسان» إني أرى ما لا ترون.. إني أخاف الله رب العالمين..