بخطى باتت سريعة تسعى الدولتان السودانية والمصرية مؤخرًا لتفعيل جانب التبادل التجاري بين البلدين ولعل زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة لمصر وتوجيهات الرئيسين على سرعة تفعيل المشروعات الكبرى وفي مقدمتها المزرعة المصرية بالولاية الشمالية بالسودان ومزرعة الإنتاج الحيواني التي صنفت بالمشروع الكبير التي بلغت مليون فدان وكذلك زيادة حجم استيراد مصر من اللحوم السودانية يكشف جليًا اهتمام الجانبين بالمجال الزراعي والحيواني ليأتي تكوين اتحاد مزارعي دول حوض النيل ليصب في اتجاه تحقيق المنافع المشتركة ووضع أسس جديدة، لانطلاق التعاون بين البلدين خلال المرحلة المقبلة والعمل سويًا بين حكومتي البلدين لتسهيل وتيسير سبل هذا التعاون حتى يمكن مضاعفة حجم التبادل التجاري عشر مرات على ما هو عليه.. وتشير الإحصائيات إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان بلغ نصف مليار دولار سنويًا ولعل الهدف من إنشاء الاتحاد تحقيق التكامل في مجال الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وإحداث نهضة إنتاجية بجانب تجميع إمكانات ومقدرات المنتجين ووضع السياسات والخطط لرفع كفاءة الإنتاج الزراعي والحيواني من إنتاج تقليدي إلى الإنتاج بمعدلات تساهم في التنافس بمعدلات عالمية.. ولخلق أرضية تسهم في نجاح الفكرة الوليدة وافق الاتحاد الزراعي السوداني على تخصيص (50) ألف فدان لصالح نظيره المصري وذلك في مشروع الجزيرة كمرحلة أولى على أن يتم تخصيص مساحات إضافية في مرحلة لاحقة عند إتمام تنفيذ أعمال الزراعة في هذه المساحات بما يحقق تفعيل التعاون الشعبي بين البلدين كمرحلة أولى على أمل أن يتم بعدها الاتفاق مع دول الحوض الثمانية على الانضمام للاتحاد الجديد. في وقتٍ تضمن الاتفاق توفير فرص العمل الزراعي للمصريين الراغبين في العمل بالسودان، وذلك مقابل الحصول على (50%) من صافي الأرباح على أن يلتزم الجانب السوداني بتوفير مستلزمات الإنتاج وأن الاتفاق يتضمن قيام الاتحاد بالتأمين على حياة المزارعين المصريين بالإضافة إلى توفير التأمين الصحي اللازم لهم، بما يحقق الاستفادة الكاملة من العمل في السودان.. وبالنظر إلى تاريخ مصر الزراعي نجد أنها تعتبر من أكثر دول العالم اعتمادًا على التكنولوجيا الحديثة لتحقيق الارتقاء بالإنتاجية في كافة قطاعات الزراعة نظرًا لمحدودية الموارد الطبيعية الزراعية بالنسبة لعدد السكان المتزايد دومًا. وقد أدركت مصر هذه الحقيقة منذ وقتٍ طويل.. حتى أنها قامت بإنشاء الأقسام الفنية في مطلع القرن العشرين وسبق إنشاء وزارة الزراعة ذاتها. ومن ثم كان الاهتمام الدائم بتنمية القدرات البحثية في الأقسام الفنية في إطار وزارة الزراعة التي تبلورت مع بداية السبعينيات في إنشاء مركز البحوث الزراعية. الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بروفيسور عصام الدين بوب بدا أكثر تشاؤمًا بإمكانية نجاح الاتحاد، ووصف إنشاء اتحاد مزارعي حوض النيل بالخطل الساسي وقال إن هنالك خلافات عميقة في اقتسام الموارد بين دول حوض النيل مما يعجل بفشل الفكرة، وأضاف لدى حديثه ل (الإنتباهة) أنها لا تأتي بالجديد ولن تحقق الأهداف المرجوة، داعيا إلى تفعيل الاتحاد دول حوض النيل مشيرًا إلى أن عادة الدول الإفريقية والعربية تتسم بكثرة التصريحات وقلة الفعل.. وختم حديثه بسؤاله عن أين المزارعين؟. نائب رئيس الاتحاد العام لمزارعي السودان قال إن المبادرة جاءت في وقتٍ متأخر إلا أنها وصفت بالجيدة لجهة التكامل الحقيقي بين الشعبين، لافتًا إلى أنها تعمل على خلق تحول كبير في العلاقات الزراعية بين مزارعي وداي النيل، مشيرًا إلى الميزات المشتركة بين الجانبين لا سيما المحاصيل النيلية والبستنة ورهن نجاح الاتحاد بتوفر الإرادة السياسية والجدية، واصفًا الخطوة بالفهم الزراعي المتقدّم في السودان، وقال إنها خطوة أولية تتبعها خطوات أخرى تعمل على تطوّر العمل الإنتاجي، وفيما يتعلق بالخلافات في الموارد أكد أنها لا تؤثر في مسيرة الاتحاد لجهة الوضع الإيجابي بين الدولتين.