لم تعد كثير من المناطق بولاية نهر النيل تحتفظ بوجهها ليس القديم بل الحديث في ظل نشاط حركة التعدين وتوافد عشرات الآلاف لتلك المناطق الشيء الذي أحدث نقلة كبرى في حياة المجتمع هناك بين مؤثر ومتأثر غير أن الأخيرة هي المسيطرة على الأوضاع ولعل منطقة العبيدية بمحلية بربر نموذجًا حيًا لما سقناه في هذه الجولة الميدانية التي قامت بها (الإنتباهة) إلى هناك كشفت عن واقع مرير ومعاناة يعيشها أهل المنطقة من تردٍ في البيئة خاصة حول الأسواق وهي القضية التي أشار إليها الجعلي الصديق رئيس اللجنة الشعبية في بداية استطلاعنا مع المواطنين حيث أكد أن نشاط التعدين بالمنطقة جلب إليهم كثيرًا من المشكلات الأمنية والاجتماعية والخدمية ولم ينسَ رئيس اللجنة الشعبية فوائد التعدين على المنطقة بيد أنه حمّل سلطات الولاية ومحلية بربر الإخفاق والقضايا التي تعاني منها العبيدية بصورة متزايدة وأبان أن المحلية اجتهدت بعض الشيء في تخفيف النفايات المنتشرة بالطرقات والأحياء وإزالتها غير أنها عجزت عن القيام بهذا الدور، وتبعًا لذلك انتشرت أمراض لم تكن موجودة في المنطقة من ضمنها البلهارسيا والحمى المالطية فضلاً عن وجود الملاريا والتيفويد والالتهابات نتجة لانتشار البعوض والذباب، وطالبنا بحملة رش منذ انتهاء الخريف إلاّ أن المحلية لم تستجب لهذا الطلب الذي هو بمثابة وقاية من تلك الأمراض رغم وجود المبيدات والعلة دائمًا من مسؤولي الصحة وعدم توفر المعينات وأي معينات غير طلمبات رش وأشياء على ذات الشاكلة ويبدو أن النتيجة واضحة فكل منزل بالعبيدية يكاد لا يخلو من الأمراض المذكورة ولهذا فإن الواقع لا يبشر بخير ويضيف الجعلي لم نكن نخشى على ممتلكاتنا ولم تعرف العبيدية ولفترات طويلة السرقات (وكل زول ينوم ويخلي بيتو ومتجروا فاتح) أما الآن كما يقول رئيس اللجنة الشعبية فقد اختلف الأمر تمامًا حيث انتشرت الجريمة بكافة أنواعها وأشكالها بل إن مسؤولاً أكد لنا أن عدد البلاغات بالعبيدية يفوق عدد البلاغات بمحلية بربر مجتمعة، وعزا رئيس اللجنة الشعبية هذا الخلل لعدم وجود عربة للشرطة مؤهلة حتى تقوم بدورها كاملاً كما أن مركز الشرطة بالعبيدية غير مؤهل وقوته لا توازي حجم الوجود البشري الوافد على المنطقة من كافة أصقاع البلاد وهذا ما زاد من المشكلات الأمنية والاجتماعية التي باتت تهدد المنطقة زوار الليل الذين ارّقوا مضاجع المواطنين وأصبحوا يشكلون خطرًا على أموالهم وممتلكاتهم مما حدا بالشباب ينظمون دوريات ليلية للحد من هذه الظاهرة والظواهر السالبة الأخرى ولكن دون جدوى لأنها تتطلب مجهودًا كبيرًا من كل الأطراف الأمنية والشعبية حتى يتم القضاء عليها تمامًا.. أما أسواق العبيدية فقد أصبحت غير منظمة تنتقل من مكان إلى آخر مما يترتب عليها آثار سلبية في إصحاح البيئة الأمر الذي أدى إلى تلوث كبير نتيجة تراكم الأوساخ والمخلفات وعلى مقربة من المطاعم وأكياس البلاستيك منتشرة في كل مكان، ومما زاد الحال سوءًا كثيرون يقضون حوائجهم في العراء، وأيضًا على مقربة من المطاعم أو بالقرب من المزارع والمحلية لا هم لها سوى التحصيل المادي، وفي جانب آخر تقف المنطقة على قضية محورية، أما الخدمات التعليمية فأكثر من خمس مناطق سكنية لا تضم سوى مدرسة ثانوية واحدة بنين وأخرى بنات والطلاب والطالبات يوميًا يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام ولكن المحلية لا تحس بمعاناة هؤلاء الطلاب لأنها مهمومة بتحصيل الرسوم والتوريد ولا تجني العبيدية سوى السراب إنها نتيجة للسياسات الخاطئة التعليم الذي باتت مدارسه أشبه بمدارس معسكر للنازحين وفق ما ذكره الأستاذ محمد أبشر محمد الفضل مشيرًا إلى أن الفصول بالمدارس وصلت فوق ال (90) طالبًا وذلك لتوافد عمال الذهب إلى المنطقة بأسرهم هذا الوضع عقّد من العملية التعليمية إن لم يعد مؤشرًا لتدهور التعليم ويقول د. أبشر كنا نأمل أن تلتزم المحلية بتخصيص (2%) من عائدات الذهب بالمنطقة وتوظيفها في الخدمات ولذلك التي أرهقت جيوب المواطنين بما يقارب (100) مليون يوميًا يتم تحصيلها من سوق العبيدية كل هذا المبلغ يذهب مباشرة إلى بربر ولا حتى كلمة شكرًا ناهيك أن يقدموا لك خدمات صحية كانت أو تعليمية.. المستشفى الوحيد القمبرات بناه أحد أبناء المنطقة الخيرين والآن الخدمات الصحية متواضعة جدًا لا تليق بهذا المستشفى رغم بُعد المسافة، وللأسف فإن شركات التنقيب تتغول على مساحتنا وأبنائنا لا يجدون فرص عمل بل إن المشكلة القادمة هي الحصول على قطعة سكنية فكل المساحات أصبحت محجوزة كمترات غير مفعلة لضعف القانون.