{ طُويت أمس بالمملكة العربية السعودية صفحة مهمة من تاريخ الوجود السوداني الفاعل في أرض الحرمين.. فقد حملت لنا الأخبار فجر أمس عدة اتصالات ورسائل هاتفية بأن العم الكابتن أحمد عبد الرحمن الجوكر مات.. لا راد لقضاء الله ولكن نحزن حين نفقد ركناً هاماً كبيراً كنا نفخر به ونتميز به كسودانيين لأنه أحد الذين وضعوا بصمات واضحة في بدايات الكرة السعودية من خلال عدد من فرق الأندية أبرزها نادي النصر الرياضي وعدد من فرق أندية المنطقة الشرقية.. (الدماموالخبر). { كنت أحرص على الجلوس معه لساعات يومياً طيلة سنوات عملي في الدمام من العام 1980 - 1984م في ورشته التي سمّاها ورشة النصر لفنون النجارة.. مكتسية باللونين الأصفر والأزرق بصورة مزج بها شعار النصر وعلم السودان القديم.. وكان الجوكر صاحب ذاكرة متقدة ويحكي لنا أدق التفاصيل حول بدايات الكرة السعودية من خلال جيله وجيل الرواد الأوائل من اللاعبين والمدربين السودانيين الذين حلوا بمدن المملكة الرئيسية جدةومكةالمكرمة والمدينة المنورةوالرياضوالدماموالخبر والطائف وغيرها. { الجوكر من أبناء الخرطوم بحري البررة وقدم في شبابه عطاء كروياً رفيعاً من خلال فريقي الكوكب وكوبر والأخير كان وطنه الصغير وأحسب أن كوبر حالياً تبكي رجلها الذي لم ينسها ويفخر بها وهو يحدثنا عن تاريخ الكرة السودانية ويتحسر على غياب بحري من الممتاز كما كان يردد في آخر لقاء لي معه في الخبر رغم أن الذاكرة كانت مصابة ولكنه لم ينس السودان وبحري والكرة السودانية. نقطة.. نقطة { عمنا أحمد الجوكر رغم تقدمه في العمر كان يشكل حضوراً في كافة المناسبات الرياضية بل كان يرتدي الزي الرياضي الكامل ويشارك في تدريبات الفرق الزائرة ويوجه بحدة حين يرى ما لا يسره خلال التدريب. { حين تأهل المنتخب السعودي لنهائي كأس العالم لأول مرة عام 1994م في أمريكا قرر الأمير الراحل فيصل بن فهد أن تكون البعثة السعودية بالمئات وتضم كل من قدم دوراً في بداياتها واستعان بي مكتبه في تقديم قائمة بالسودانيين الأوائل وكنت في غاية السعادة وأنا أذكر أعمامنا أحمد الجوكر، عبد الباسط الجاك، مقبول باشا، عبد القادر ياسين، خليل يونس، النور الطيب من المنطقة الشرقية، وأعمامنا احمد عبد الله والد النجم ماجد عبد الله، أحمد البربري، حسن خيري عبد الله الكنج وحسب الله من الرياض. { كان الوجود السوداني الغالب في الكرة السعودية في المنطقة الغربية التي تشمل مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة والطائف.. ومنها بدأ عمنا أحمد الجوكر قبل أن ينتقل للرياض والدماموالخبر وفي جدة كانت القائمة الكبيرة التي تضم أعمامنا عبد الله عبد الماجد أبو هيوت، بشرى أبو كريشة، ابراهيم محمد علي، عبد الحفيظ ميرغني، (حفائظ) كما كانت تلقبه جماهير الاتحاد، زرقان، جربان، وكشيب، محمد محمود بليه، سيد مصطفى، وكان هؤلاء التسعة هم من مثل أول منتخب سعودي في البطولة العربية ببيروت عام 1960 ومعهم النجمان السعوديان عبد الله كفلى وعبد الرحمن الجعيد. { رحم الله الرواد الأوائل من نجوم الكرة السودانية في السعودية منذ الأربعينيات والخمسينيات والسيتنيات وأطال عمر من بقوا بيننا نفخر بهم ونرفع رأسنا.. ورحم الله آخر المغادرين لهذه الفانية أمس الكابتن أحمد الجوكر ونسأل الله أن يجزيه خير الجزاء والعزاء لأسرته الكبيرة والصغيرة و(إنا لله وإنا إليه راجعون).