أعلن الخبير الاقتصادي ومدير البنك السوداني الفرنسي محجوب حسن شبو أن المصارف سوف تُسهم في دفع عجلة التنمية بالبلاد مبيناً أنه خلال عام أو عامين سوف تُسهم المصارف في تمويل تصدير الحبوب الزيتية والسمسم والمعادن. مؤكداً أن المعادن مثل الأسمنت والحديد تعمل إحلالاً للاستيراد مبيناً أن توطين الحديد والأسمنت داخل السوق يؤدي لإنعاش الاقتصاد السوداني وإيقاف الاستيراد، وقال: لدينا معاملات مع شركات حكومية وخاصَّة موضحاً أن البنك يقوم بتمويل هذه الشركات لاستخراج الذهب وبيعه، وأشار إلى أن البنك المركزي يقوم بهذه المهمة خارجياً، وأكد شبو أنه في عام «2013م» سوف يمتلك السودان عملات أجنبية تُقدَّر ب «3» مليارات دولار، وعن مدى تأثير انفصال جنوب السودان قال إن انفصال الجنوب لم يؤثر على الميزانية لوجود بدائل، مؤكداً أن الجنوب يحتاج للسودان بصورة أساسية... هذه وغيرها من المحاور في الشأن الاقتصادي والسياسي وضعتها «الإنتباهة» على طاولة الخبير الاقتصادي محجوب حسن شبو بمكتبه، فإلى تفاصيل ما ورد في الحوار:- بداية متى بدأ النظام المصرفي في السودان؟ النظام المصرفي في السودان بدأ منذ أكثر من مائة ألف عام وتعرض لكثير جداً من التطورات في العهد البريطاني حتى الاستقلال وقبل عام 1956م حتى الستينيات والسبعينيات توجد البنوك الأجنبية مثلاً البنك العثماني وبنك باركليز البريطاني والبنك الإثيوبي والبنك الأهلي المصري. في تقديرك هل تطور مقارنة بالدول الأخرى؟ أول تطور بدأ في السودان في بنك السودان في أوائل الخمسينيات بوجود البنك الأهلي المصري في وضع البنك المركزي حاليًا، وبعد «53» استمر البنك الأهلي المصري في القيام بدور البنك المركزي حتى عام «1960م» حتى أُنشئ بنك السودان والآن يوجد في السودان أكثر من «35» بنكًا بعضٌ منها أجنبي، وبعضٌ منها بين سوداني وأجنبي، وكثيرٌ منها بنوك خاصَّة وهناك قليلٌ من البنوك الحكوميَّة. أما البنك السوداني فأنشئ عام «1979م» تحت اسم بنك الاستثمار وتغير الاسم وتغيَّر الشركاء، والآن لدينا «20%» شراكة مع بنك في بيروت بلبنان و«16%» مع دبي للاستثمار، أما جهاز الاستثمار للتأمينات الاجتماعية فيملك نسبة مقدَّرة من البنك، كذلك بعض المستثمرين السودانيين بالخارج يملكون جزءًا مقدرًا من البنك، كذلك شركة جوبا للتأمين وبنك السودان وبعض المواطنين السودانيين الذين يملكون «4%»، والبنك الآن لديه «25» فرعًا ويغطي معظم أنحاء السودان. تحديداً كم يبلغ عدد أفرع البنك السوداني الفرنسي؟ لدينا «25» فرعًا تغطي كل السودان، هذه الفروع مرتبطة بنظام الحاسوب ونظام إلكتروني يغطي كل الفروع، كما لو كان لنا فرع في أي منطقة، ويمكنك أن تورد في أي فرع ويمكنك أن تسحب، كذلك يمكن أن تصرف في أي فرع من فروع البنك، ولدينا إدارات متخصصة في التمويل المحلي وإدارات متخصصة في التمويل الأجنبي ولدينا تخصصات وعمالة مدرَّبة في كل هذه التخصُّصات. هل تساهم المصارف في إحداث التنمية والاستثمار بالبلاد؟ قدَّمنا خدمات كثيرة لمعاملات تنموية، والبنك ساهم في كثير جداً في المحافظ سواء كانت هذه المحافظ تمويلاً صناعيًا أو زراعيًا أو خدميًا أو عقاريًا إما بقيادة البنك الفرنسي أو بقيادة بنوك أخرى، ونحن نشارك في هذه العمليات. كيف تتعاملون مع القطاع الزراعي؟ لنا دور في التنمية الزراعية، ونحن الآن ندخل في محفظة قوت العاملين في كل السودان، وبدأنا بولاية الخرطوم، وهذه المحفظة يديرها أحد البنوك تحت مظلة بنك السودان، والبنك السوداني الفرنسي يعمل بمنظومة هذه المظلة لمساعدة كل العاملين في ولاية الخرطوموالولايات الأخرى للحصول على الاحتياجات اليومية التي تحتاج إليها الأسر يومياً، مثال لذلك الأرز والعدس، هذه الاحتياجات بسعر بسيط لوجود بعض الغلاء في الأسعار، والبنك السوداني الفرنسي وبنوك أخرى عملت هذه المحفظة للحدّ من حدَّة الفقر، ولدينا الآن إدارة كاملة في إدارة التمويل وتم تدريب العاملين في هذه الإدارة في مصر والأردن والإمارات. ودخلوا في كل التدريبات وورش العمل التي عملت في الخرطوم ونحن الآن نفوق «3%» من نسبة التمويل الإجمالي. ما هي المشروعات التي يقوم المصرف بتمويلها؟ يمول كثيرًَا جداً من المشروعات الحكومية في قطاعات الكهرباء والمياه. لماذا ينحصر تمويل البنك في المشروعات الحكومية؟ البنك أيضاً يقوم بتمويل الشركات الخاصة ويمول بصورة ممتازة ويستورد القمح لشركة سين وشركة سيقا ولدينا تمويل مقدر لاستيراد القمح، والبنك يتعامل مع كثير من الشركات الكبرى فيما يتعلق بالسكر ويتم تمويل شركات السكر حتى تعيد هذه الشركات استقرار سلعة السكر. وماذا عن التمويل بالنسبة لشركات الأدوية؟ نحن نمول أكثر من «15 أو 20» شركة في مجالات الأدوية، هذا التمويل جزء منه محلي وجزء أجنبي، والتمويل الأجنبي يساعد في استقرار الأسعار حيث إن شركات الأدوية تأخذ التمويل الأجنبي بأسعار السوق وليس بأسعار موازية. هل ساهم البنك في البرنامج الثلاثي وما هي توقعاتكم لنجاح هذا البرنامج؟ نتوقع البرنامج الثلاثي بين عام (2014 2015م) سوف تشهد هذه الأعوام عدم استيراد القمح لأن زراعة القمح سوف تأتي أكلها في العام القادم وتوجد لدينا مشروعات لمعالجة استيراد القمح وأسهمت المصارف في ذلك كثيراً. هل يتم استيعاب جميع خريجي كليات الدراسة المصرفية في القطاع المصرفي؟ لدينا معاملات كثيرة جداً مع عدد من الجامعات، ولدينا علاقات مع مؤسسات التعليم العالي ونفتح أبوابنا للخريجين للتقديم في البنوك وتم تعيين «46» خريج مدخل خدمة، وتم تدريبهم في التمويل الأصغر، هؤلاء ضباط في التمويل وتم تعيينهم في العاصمة والولايات كما تم تعيين «1080» خريجًا تم توزيعهم في بنوك أخرى تحت مسمى ضباط تمويل أصغر تم تدريبهم في التمويل الأصغر للحد من الفقر ومكافحته ومساعدة الأسر البسيطة. السودان مازال يستورد بعض المنتجات مثل الأسمنت والحديد؟ نحن داخلون بثقة كبيرة جداً في تمويل تصدير الحبوب الزيتية والسمسم لأن الصادر يعطيني نقدًا أجنبيًا ويمول جزءًا من الاستيراد، كذلك نمول كثيرًا جداً من المصانع مثلاً الأسمنت والحديد لأنها تعمل إحلالاً للاستيراد. وفي خلال عام أو عامين سوف يكون الحديد والأسمنت والقمح كلها موطّنة داخل السودان، وهذا يؤدي إلى إنعاش الاقتصاد السوداني وإيقاف الاستيراد من هذه المنتجات والعملات الأجنبية، كذلك لدينا معاملات مع شركات جزء منها حكومي وآخر خاص وهذه الشركات تتعامل مع المعادن والذهب ويتم استخراج هذا الذهب من جانبنا، أما مهمة بيعه خارجياً فيقوم بهذه المهمة بنك السودان مما يؤدي إلى أن السودان يأخذ عملات أجنبية كبيرة تقدَّر ب «2.7» مليار دولار في هذا العام «2013م» وقد تفوق «3» مليارات دولار بإذن الله. لكن من الملاحظ أن المصارف تقوم بإعداد الورش للتعريف بالتمويل داخل قاعات مغلقة بعيداً عن الشرائح الضعيفة؟ نعم، هذا صحيح، والآن توجيهنا لمديري الفروع في الولايات تمويل المنتجات المحلية للمنطقة لأفراد ناشطين اقتصادياً وتكون هنالك دراسة للمشروع لكي يستفيدوا، وبالتالي نكتشف أنه تمت تغطية كثير جداً من المنتجات في كثير جداً من المدن. نشجع الاستثمار الأوربي في السودان هل لديكم معاملات في هذا الجانب خاصة أن البنك شراكة ما بين السودان وفرنسا؟ للبنك دور كبير جداً في تشجيع الاستثمار في السودان، ونحن نعطي سمعة ممتازة للسودان وتشجيع الشركات للاستثمار، ولدينا علاقات مع أوروبا، هي علاقات ممتازة، ولدينا بنوك أوربية في فرنسا وسويسرا وهذه تدعمنا وتساعدنا في تسهيل العملية الاقتصادية ما بين المستوردين السودانيين والمصدرين الأوربيين، ولدينا معاملات مع الشرق الأدنى والأوسط، ولدينا علاقات مع دول إفريقيا. ذكر والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر أن المصارف سوف تتولى التنمية في هذا العام كيف تنظر للحديث الذي ذكره السيد الوالي؟ نعم المصارف سوف تتولى التنمية في السودان، وسوف تدعم القطاع الخاص والحكومة والبنك المركزي، وهذه القطاعات سوف تتكاتف لخدمة الاقتصاد السوداني والتنمية والاستثمار. ما مدى تأثير انفصال جنوب السودان على القطاع المصرفي؟ الحمد لله بعد انفصال الجنوب وذهاب البترول حبانا الله بنعم كثيرة وهي الذهب، وهي تغطية لسد النقص، كذلك وزارة المالية وكل المصارف تعمل بجهد كبير جداً في تشجيع الصادر وتشجيع تصدير المنتجات غير البترولية لكي نحقق وفرة في العملة الأجنبية. نفهم من حديثك أن الانفصال أثر على الجنوبيين؟ إخواننا في الجنوب الآن يحتاجون للمواد الاستهلاكية والغذائية السودانية الشمالية، والآن الجنوب محتاج للسودان بصورة أساسية، أما الشمال فلا يحتاج للجنوب بنفس هذه الصورة، ويجب على الجنوبيين أن يلتفتوا إلى مصلحتهم التي تتمركز في الشمال. تدهور الاقتصاد السبب الأساسي له عدم ثبات سعر الصرف ما هي السياسة التي يمكن اتباعها لتثبيت سعر الصرف؟ الآن يوجد تعامل جاد مع السوق الموازي، وبنك السودان دفع بعض الأموال بالنقد الأجنبي لمساعدة صغار التجار لتغطية احتياجاتهم، ونحن الآن نقدِّم كثيرًا جداً من الخدمات للتجار الصغار لأن هؤلاء لهم تأثير كبير جداً في السوق الموازي ونحاول أن نغطي «20» ألف دولار أو «25» ألف دولار لعملائنا الكبار لكي نمنعهم من الذهاب إلى السوق الموازي ونساعد القطاع الخاص ونعينه بالعملات الأجنبية وهذا دعم للاقتصاد السوداني. كيف تنظر إلى تعنت الحركة الشعبية وتمسكها بعدم فك الارتباط؟ هذا جزء من المكايدات السياسية، فالحركة الشعبية مدعومة بالغرب وأمريكا، ويوجد تعنت من الحركة الشعبية على حساب مصالحهم، والشعب الجنوبي يعاني من الفقر والجوع، والآن حكومة الجنوب تنفذ أجندة خارجية. وفقاً لهذه القراءة ألا تعتقد أن حكومة الجنوب ليس لديها إرادة سياسية؟ لا توجد إرادة سياسية لحكومة الجنوب، وتوجد قوة أخرى في الدولة هي يمكن أن تضغط وتسير بخطها الذي تريده، وهذه القوة هي «الجيش»، وواضح الآن في الجنوب توجد أكثر من قوة وأكثر من رأي، فالحكومة في الجنوب ضعيفة جداً ولا تحيط بأمن البلد.