الكتابة: شرف الحرف.. وذوبان حائط صد الحقل الصحي في بحر الأطماع، ولما كانت الأطماع يسنُدها السُلطان، كان الحرف جدُ مطيع، والبوح كان هو الآخر دافقاً جداً وحدِثوني عن الكتابة التي لا تمس قضايا الناس.. ومن القضايا: إشكالات الحقل الصحي المعقدة ولا أتحدث هنا عن التردي وعدم الاهتمام الحكومي وخيبات الكادر الطبي وهجرة الكوادر وغيرها إنما أكتب عن تلك المتعلقة بقرارات وزير الصحة الولائي البروف مأمون حميدة، على اعتبار أن خشوع القلب يتبعه خشوع الجوارح. وكانت قد وُصفت قرارات وزير الصحة الولائي ومنذ تقلده منصبه وزيراً للصحة، وصفت قراراته بالفوقية المنغمسة في وحل الأنا، والبعض وصفها بالشخصية المُعلية للخاص على ظهر العام.. ومن القرارات: نقل حوادث مستشفى الخرطوم إلى مستشفى جبل الأولياء، وتحويل أقسام الكُلى بمستشفى الخرطوم إلى مستشفيي ابن سينا وإبراهيم مالك، وكذلك نقل قسم النساء والتوليد بمستشفى بحري إلى مستشفى جبل الأولياء.. ومن القرارات المثيرة للجدل أيضاً تلك المتعلقة بالتوزيع الجديد للكليات الطبية الأهلية، وذلك كما يلي: الكلية الوطنية «د. قرشي» إلى مستشفى قري. الكلية الأهلية «د. أبو بكر» إلى مستشفى الكلاكلة. الكلية الطبية «د. مأمون» تبقى بموقعها بالأكاديمي ومستشفى بشائر. أما مستشفى جعفر بن عوف للأطفال فلم يسلم هو الآخر من مخطط التجفيف حسب وصف الكادر الطبي بالمستشفى، إذ تم سحب الطوارئ إلى مستشفى بشائر، وسحب قسم جراحة الأطفال إلى مستشفى إبراهيم مالك. ثم أدعوكم للحكم على مبررات وزير الصحة وأسانيده التي أسس عليها بنيانه لتمرير القرارات سالفة الذكر، إذ عزاها لدواعي تقليل الضغط على المركز وتحريك الخدمات الصحية باتجاه الكثافة السكانية تحقيقاً لمبدأ توطين العلاج بالمناطق الطرفية. ومن حق المناهضين أن نضع هنا حجتهم الداعمة للوقوف في وجه قرارات التجفيف، وكانوا قد استندوا إلى عدم جاهزية المستشفيات الطرفية فنياً لهذه النقلة، كما أكدوا أن ذلك يُعد اغتيالاً للمرجعية الطبية التي ينتهجها الوزير تجاه المرافق الصحية العريقة. وكان من المناسب أن تنشط في هذا المُناخ نقابة أطباء السودان الموازية لمناهضة قرارات الوزير مستعينة برابطة الاختصاصيين المناوئة، وللحقيقة، فإن الاختصاصيين الموالين هم أيضاً لم ترُق لهم سياسة التجفيف التي اتبعها الوزير. وحتى لا يكون المواطن أهون ما يضيع، نضع تفسيراً ل : ذوبان حائط صد الحقل الصحي في بحر الأطماع، وخشوع القلب الذي يتبعه خشوع الجوارح، والتفسير أجله ما يُحسن الوصل بين العلاج والزيتونة، والزيتون من الأشجار المباركة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم سبع مرات!!