مواقف متردّدة بين القبول والرفض ظلت سمة سائدة تتصف بها الحركة الشعبية قطاع الشمال، وقادتها لا يأبهون في تلقي مزيد من الضغوط والدعم الخارجي لتكثيف العمل المسلح ضد الحكومة لإحداث مزيد من الخروقات الأمنية بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق حيث أبدت الحركة الشعبية قطاع الشمال موافقتها على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة السودانية وأعلن مالك عقار عن تسلم حركته خطابًا من الآلية الإفريقية للدخول في مفاوضات مع الحكومة منتصف الشهر الجاري، كما أعلن عقار عن موافقته على تنفيذ الطلب الذي تقدَّمت به الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية لفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وطالب الحكومة بوقف العدائيات لإغاثة أكثر من 40 ألف نازح بالمنطقتين بسبب الحرب المندلعة فيهما منذ أكثر من عام ونصف ليعود رئيس قطاع الشمال مالك عقار بتصريح مغاير لما ذكره في وقتٍ سابق تناولته أجهزة الإعلام المختلفة (رفض قطاع الشمال وقف إطلاق النار وهو الطلب الذي تقدَّمت به الوساطة الإفريقية بهدف تمرير المساعدات الإنسانية وأن يتمّ ضمن تسوية شاملة لقضايا النيل الأزرق وجنوب كردفان) غير أن الحكومة وافقت على ذلك وبرَّرت الخطوة بأن قرار عدم التفاوض صدر في وقته والآن إذا وجدنا أن هناك معطيات، وقال رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني إبراهيم غندور إن الأزمة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان تعتبر قضية داخلية تلزم الجميع برفع أياديهم عنها، مؤكدًا أن تلك القضايا لن تحل إلا سياسيًا وأن يكون الحل داخليًا وليس مفروضًا من الخارج، وأضاف: (أي محاولات لفرض أي شروط أو حوارات هي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للسودان)، في حين أكدت مفوضية العون الإنساني جاهزية الحكومة لتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين من الأحداث التي شهدتها ولاية جنوب كردفان، موضحة أن وضع الحركة الشعبية للعراقيل لا يثني الحكومة من دورها الطبيعي وتحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها.. وقال مفوض العون الإنساني بجنوب كردفان هارون محمد عبد الله في تصريح إن الحكومة لن تسمح بإشراف الحركة الشعبية على توزيع المؤن الغذائية، موضحاً أن الحركة تضع العراقيل والعقبات للحيلولة دون إشراف الحكومة على توزيع المساعدات الإنسانية.. وقال إن البرنامج الثلاثي الذي أُعدّ من قبل المجتمع الدولي هُزم من قبل التمرّد من خلال تمسكه بإبعاد الحكومة من الإشراف على توزيع الاحتياجات الإنسانية، موضحاً أن الموجود في الوثيقة عُدِّل بواسطة الحركة الشعبية للتماشي مع خططها الخاصة بإقحام المنظمات الدولية في الشأن الداخلي.. فيما انتقدت سامية أحمد محمد نائب رئيس البرلمان ممارسات قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال، وأكدت في تصريحات سابقة أحقية أي شخص في النيل الأزرق أو جنوب كردفان ممارسة العمل السياسي، عبر تكوين الأجهزة والآليات المحدَّدة باستثناء الشخصيات المطلوبة للعدالة، التي سمت منها عرمان وعقار، وقالت إن قطاع الشمال إذا كان يمتلك قاعدة جماهيرية يمكنه تكوين حزب وممارسة السياسة، وأضافت: لكن عقار وعرمان على وجه التحديد شخصيتان غير مرغوب فيهما بالولايتين، وأكَّدت قبول مبدأ الحوار من أجل الاستقرار، لكنها أكدت أن الشارع يرفض المتاجرة بقضاياه، وفي ذات الاتجاه يرى مراقبون مواقف رئيس قطاع الشمال عقار وأن تصريحاته تنطوي على أهداف مبيتة تجد السند والدعم من القوى المعادية للبلاد وأن إعلانه بعدم وقف إطلاق النار يؤكد على عدم تعاونه مع الوساطة لأجل تقديم خدمات إنسانية للنازحين متهمين في الوقت ذاته رئيس الحركة مالك عقار باستغلال مواقف الحكومة لوقف إطلاق النار لأجل تقديم المساعدات إنسانية للمتضررين، إلى جانب مواصلة أهداف الحركة في مواصلة الحرب على حساب الأبرياء والعزل من المواطنين بما يشير إلى أن مالك عقار لا يريد أن يتفاوض مع الحكومة إلا تحت صوت السلاح ليؤكد أنه في مصدر قوة. يبقى القول هل تسمح الحكومة للحركة الشعبية باستغلال ظرف وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه من طرف واحد أم تحسم مواقف الحركة الشعبية مستندة إلى الوساطة الإفريقية عبر مقترحها بوقف إطلاق النار.