تناقلت الأنباء أن مجموعة من قيادات حركة العدل والمساواة المتمردة بإقليم دارفور انشقت وأعلنت عن تكوين كيان جديد تحت مُسمى « قوى التغيير الديمقراطي» وقررت المجموعة المنشقة التي تضم «38» من القيادات المؤثرة عزل رئيس الحركة خليل إبراهيم.. وقال نائب رئيس حركة العدل والمساواة محمد بحر علي حمدين إنه ومجموعة قيادات ميدانية عسكرية قرروا عزل خليل إبراهيم من منصبه كرئيس للحركة بعد تعطيله المؤتمر العام للحركة وممارسته لسياسات الإقصاء والتصفيات التي ظل يتبعها. هذا ما وجد طريقه للإعلام، وما خفي كان أعظم.. ولعل الذي عجزت عن حمله الصدور ليحال كمادة دسمة تخطفتها وسائل الإعلام.. لعله يصلح كمقدمة لما يمكن تعريته للحد الذي لا يخدش الحياء.. وانطلق من محاولة تصفية خليل التي كنت قد أشرت إليها في مقال سابق، وقلت: « نهار الثامن من يونيو من العام 2011م كان يحاول خليل مضغ آخر قطعة من شواء الضأن المعد بواسطة طباخه الخاص.. ثم يرفض اللحم أن يستقر في الجوف بعد أن تم حشوه بالسم، بينما يراقب البعض بقلق ومنهم المدعو محمد بشير مسؤول استخبارات الحركة وأحد المقربين من خليل .. ومحمد بشير في اجتماع اللمسات الأخيرة لتصفية خليل كان يقول: طلقة بنصف دولار تجعل موته مكلفاً.. وربما يفرّخ المزيد من الانشقاقات والتصفيات.. لكن السم يريحنا منه دون أن نخسر مليماً واحداً.. ثم يوضع السم على الطعام.. لكن خليل يأبى نبضه أن يسكت.. ولعل الله عز وجل يريد أن يرينا فيه عجائب قدرته» .. هكذا كنت قد كتبت قبل أن يشاع أن خليل تعرّض بالفعل لمحاولة تصفية بالسم... ويبدو أن المدعو محمد بشير لم يخطئ التفكير لكنه أخطأ التدبير، وأن إرادة الله كانت أمضى فهو وحده القادر على أن يحيل النار برداً وسلاماً.. ولم تفلح محاولات التخلُّص من خليل في تلك الظروف التي كانت تعيشها الحركة في ليبيا، لكن المحاولة فتحت الباب واسعاً أمام التصدعات والصراعات القبلية وسط قيادات الحركة بالميدان، حيث جاهرت مجموعة بخيت دبجو بالمعصية وحاولت الالتحاق بمجموعة شوقار التي انحازت للسلام وذلك بسبب خلافها العنصري مع سليمان صندل، ولم يتوقف الانشقاق داخل الحركة عند هذا الحد بل تعداه لدرجة أدت لتذمر مجموعة صالح حربو بسبب تهميش قياداتهم العسكرية وإخراجهم من تشكيلة قيادة الحركة لدواعي عرقية، وفي السياق انسلخت مجموعة سليمان جاموس المعروف بتوجهه الإسلامي من الحركة بسبب علاقات العدل والمساواة بالحركة الشعبية.. وفي هذا الجو الملغوم كان لا بد لخليل أن يعيد الأمور إلى نصابها، لكنه اتبع الأسلوب الخطأ والتفت أول ما التفت لتصفية حساباته الشخصية ضد الذين حاولوا قتله، وما كان منه سوى إعداد برنامج محكم لتصفية الكوادر التي شاركت في محاولة التصفية، حيث وضع «10» كوادر أربعة منهم من قبيلة الميدوب وأربعة آخرين من قبيلة الزغاوة واثنان من القبائل العربية... وضعهم قيد الاعتقال تمهيداً لتنفيذ حكم الإعدام عليهم، بينما أمر بتنفيذ الحكم على المدعو محمد بشير فوراً، ثم ذهب أبعد من ذلك بتوجيهه للمدعو أحمد آدم بخيت للتنسيق مع استخبارات الحركة الشعبية لاعتقال كل من : « علي وافي ، أركو سليمان ضحية، بابكر أبكر حمدين والتجاني كرشوم» وبالفعل تم اعتقال المذكورين بتاريخ 24/9 وأودعوا في سجون الحركة الشعبية بمدينة جوبا... كما لم تفلح القرارات التي اتخذها خليل والمتمثلة في التعديلات بقيادة الجيش في إطفاء نار الأزمة بل ساعدت على تفاقمها، وكان أن خرج بعض هواء ساخن... لتلتقطه وسائل الإعلام وتتناقله على اعتبار أنه بداية أزمة لكنه في حقيقة الأمر... كان نهاية أزمة وسوف لن تتوقف إلا عند نسف شيء اسمه حركة العدل والمساواة!!