ظلّ النفط طوال فترة الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية عقب اتفاق نيفاشا 2005م، وقوداً للخلافات بين الجانبين، التي أدت في نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب عن الشمال، تلك الخلافات التي كانت تتجدد شهرياً، وغالبًا بعد إعلان وزارة المالية عن العائدات الشهرية للنفط؛ لتسارع آنذاك حكومة الجنوب في توجيه اتهام مباشر للخرطوم بأن الأرقام التي أظهرها التقرير غير صحيحة، غير أن النفط لم يغادر محطة الخلافات بالرغم من انتهاء الشراكة بين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، وإنما ظل إحدى القضايا العالقة بين الجانبين التي لم يستطِع الطرفان تجاوزها حتى تاريخ هذا اليوم، ويعتبر النفط من ضمن أكثر القضايا تعقيداً. ومن ثم استمرت المباحثات بين الطرفين حول القضايا العالقة بأديس أبابا وعلى رأسها النفط ولم يتمكن البلدان من التفاهم على قيمة رسوم العبور، وبالرغم من التدخلات الكبيرة التي قامت بها دولة الصين والاتحاد الإفريقي لم تنجح تلك المساعي في وضع نهاية مناسبة لكلا البلدين لحسم الملف وتسوية خلافاتهما وحملت الأخبار أمس تصريحًا لنائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار بأن الجنوب وقع مذكرة تفاهم لإنشاء خط أنابيب يصل لميناء لامو الكيني لتصدير نفط الجنوب، وشددت تلك التصريحات على المطالبة من قبل الجنوب بامتلاك خطوط الأنابيب العابرة إلى ميناء بورتسودان باعتبار أنها أنشئت من أموال نفط الجنوب ولوحت باللجوء إلى المحاكم الدولية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الخرطوم. وفي وقت سابق جدد وزير النفط د. عوض الجاز، تمسك الحكومة بأهمية التوصل إلى تفاهمات بشأن الترتيبات الأمنية لإنفاذ اتفاق عبور النفط، وأعلن أن اتفاقية النفط لن تنفذ على أرض الواقع إلا بتطبيق كافة الاتفاقيات الموقعة في أديس أبابا أخيراً، لضمان انسياب النفط عبر الأراضي السودانية. وفي المقابل، أكد وكيل وزارة النفط والمعادن بجنوب السودان، مشار اشيك، أن نفط الجنوب سيكون في الأسواق العالمية بنهاية هذا العام، مؤكدًا إجراء مباحثات تنفيذ تدفق النفط عبر الأراضي السودانية، نسعى لمزيد من التعاون بين وزارتي البلدين، مؤكدًا جاهزيتهم لتنفيذ اتفاقية أديس أبابا، وقال نعمل على استئناف ضخ النفط عبر مزيد من التنسيق، وأبدى استعداد بلاده لإنزال الملف الأمني على أرض الواقع. وطالبت الصين كلاً من السودان ودولة جنوب السودان بتسوية خلافاتهما بشأن رسوم نقل النفط لتجنب المزيد من تعطل مصالح الدولتين الصادرات. ودعت في الوقت نفسه البلدين إلى تقديم أقصى ما يمكن من التنازلات للوصول إلى حل مُرضٍ يحفظ سيادة البلدين. وفي اتصال هاتفي أمس ل (الإنتباهة) قلل وزير الدولة بوزارة النفط فيصل حماد من الخطوة التي اتخذتها حكومة الجنوب بتوقيع اتفاقية لإنشاء خط أنابيب عبر كينيا لتصدير نفط الجنوب، وقال نحن كحكومة سودانية لن نتنازل عن الشروط التي طرحناها سابقًا على حكومة الجنوب وعند موقفنا ولن نتزحزح عنه مهما فعلت حكومة الجنوب ولهم الخيار في أن يفعلوا ما يشاءون، وزاد ونحن في قطاع النفط لا نملك أي شيء نقدمه لهم. وزير النفط في جنوب السودان ستيفن ديو داو، قال إن بلاده سترجئ استئناف تصدير النفط حتى منتصف مارس على الأقل حتى في حالة تسوية كل النزاعات الأمنية مع السودان في القمة الرئاسية بين الرئيسين البشير وسلفا كير ولا تزال جوبا عند موقفها بإيقاف ضخ نفطها ومروره عبر الأراضي السودانية، ولا تزال لعنة النفط تطارد الطرفين.