أثارت العديد من المذكرات التي قدَّمها عددٌ من مسؤولي المؤتمر الوطني لإجراء الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الحزب، أثارت جدلاً واسعاً في الساحة السياسة ولم يقتصر ذلك على المذكرات الإصلاحية إضافة إلى إعلان مجموعة المجاهدين السائحين طرح مبادرة جديدة للإصلاح وهي المبادرة المعروفة ب«نداء الإصلاح والنهضة» لمخاطبة كل مكوِّنات المجتمع السوداني وأحزابه السياسية المعارضة للحكومة والمشاركة فيها حيث نفت المجموعة أي اتجاه لتكوين حزب سياسي معتبرة أن تكوين الحزب يعقِّد الأزمة أكثر مما هي عليه الآن، وأن تلك المبادرة تتعلق بالإصلاح بمختلف أنواعه ومعالجة قضايا البلاد والأزمات الماثلة، ولا تهدف إلى ترك الناس لولاءاتهم وانتماءاتهم الحزبية موضحين أن الولاء الأعظم للإسلام والوطن. وفي الوقت نفسه اعتقد أمين الإعلام الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني بدر الدين طه إن المبادرة التي تقدم بها مجموعة سائحون دعوة لبديل حزبي جديد غير الوطني والشعبي مؤكداً عدم إمكانية تطبيق بنود المبادرة المسماة «الإصلاح والنهضة» على أرض الواقع، وفي اليومين الماضيين نفى مسؤول التنظيم بالمؤتمر الوطني حامد صديق وجود انشقاقات في الحزب، وقال إنها مجرد اختلاف في وجهات النظر لا أكثر. حيث ورد في تقارير نُشرت مؤخرًا أن هناك نزاعًا جديدًا في الحزب على خلفية الرغبة في تحديث الحزب عن طريق السيطرة على الحركة الإسلامية واستخدامها لمحاربة المؤتمر الوطني خاصة أن هناك تيارًا شبابيًا ينادي بضرورة الإصلاح وإحداث تغييرات في الحزب والحكومة وإتاحة الفرصة لظهور أوجه جديدة في الحكم. في الوقت الذي صرح فيه قيادات من الحزب أمثال قطبي المهدي بقوله في حواره للشرق الأوسط إن الإنقاذ دواء جيد لكنه فقد صلاحيته حيث طالب وقتها بضرورة التغيير والتطوير والعمل على إحداث إصلاحات تتمثل في ذهاب المسؤولين الذين قضوا ربع قرن على كراسي السلطة، واتفق معه في الرأي دكتور غازي صلاح الدين القيادي البارز بالمؤتمر الوطني الذي أثار تساؤلات عقب مؤتمر الحركة الإسلامية وأجاب عنها المراقبون بوصفه من القلائل الذين يُدلون بآرائهم صراحة دون مواراة «لا بد من إصلاحات عاجلة في بنية الحكومة وإخراجها من مستنقع الفساد الذي استشرى في الأجهزة الحكومية» ووصف في حواره مع «الإنتباهة» مبادرة سائحون بأنها حيوية ومنفتحة وإصلاحية مؤكداً أن من قاموا بالمبادرة شباب فاعلون ومبادرون ويجب أن يُدعموا ويتم تشجيعهم، لكن الشيخ عباس الخضر القيادي بالمؤتمر الوطني ورئيس مبادرة لمّ الشمل قال في حوار سابق ل«الانتباهة» إن ما يحدث داخل الوطني لا يعتبر انشقاقًا بل مجرد خطوات إصلاحية داخل البيت الواحد وهذا أمر محمود، وتصريحات دكتور قطبي وغازي صلاح الدين جاءت مخالفة لمراكز القوى الحاكمة التي تسعى لتثبيت الوضع القائم وحماية الفساد الذي استشرى في أجهزة الحكومة باعتبار أن السيناريو المحتمل لإقالة رئيس آلية محاربة الفساد «ابوقناية» نتاج لوصوله إلى مواقع الفساد، ويتوقع كثير من المراقبين حدوث صدام بين التيار الإصلاحي والتيار الذي له مصلحة في استمرار الوضع الحالي. وقال دكتور صفوت فانوس المحلل السياسي في تصريح خاص ل«الإنتباهة» من الصعب الانشقاق عن الرئيس الذي يستند إلى العمل العسكري بالتالي القدرة على الخروج أو إضعاف أو قسمة المؤتمر الوطني، تصبح «صعبة»، وأضاف فانوس: يمكن خروج بعض العناصر غير الراضية أو «الغاضبة» وانعزالها، لكنه استبعد قدرة تلك المجموعة على تكوين حزب جديد مناوئ للوطني مثل الشعبي لافتقادهم للكاريزما التي يتمتع بها الشيخ حسن الترابي بالتفاف عدد كبير من أتباعه حوله.