ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة أن نسمع أو نقرأ في الأخبار عن مقتل بعض أو عدد من التجار الشماليين بالجنوب سواء على يد قبائل بعينها أو أفراد من الجيش الشعبي والذين يعترضون طريق التجار في أثناء تجوالهم في مدن الجنوب وأحراشه المختلفة ليتم اغتيالهم بدماء باردة تعجز أقلامنا عن وصفها، ويعتدي بكل بساطة على حرمات النفس والأموال دون وازع ديني أو أخلاقي أو مراعاة لحرمة قتل النفس، وبعيدًا عن أبسط القيم البشرية، وكل ذلك يحدث تحت نظر وسمع حكومة الجنوب والتي «حيَّرتنا» بمواقفها على الدوام عبر تجاهلها التام لكل الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة الشمالية في المجالات المختلفة وهي حال تمت كانت على الأقل ستنظم التعاملات في القضايا العالقة بين البلدين بعد حصولها على الانفصال وأمس لقي «4» من التجار الشماليين مقتلهم ذبحًا على يد أفراد من الجيش الشعبي بالجنوب كانوا على متن شاحنات محمَّلة بالبضائع لأهل دولة الجنوب وليس دولة أخرى. «فمن المسؤول عن موتهم؟ وإلى من يشكو أهلوهم أو حكومتهم؟ وليت التجار الشماليين يدركون خطورة ما يفعلونه بتعريض أنفسهم للموت من أجل تجارة خاسرة لدولة وشعب لا يستحقان ففي الوقت الذي يوفر فيه التجار البضائع لتسهيل الحياة المعيشية لمواطني الجنوب في المقابل جزاؤهم فقدان أرواحهم، ولكن هنا السؤال لأجل من؟ ليتهم يدركون أن دماءهم ونفوسهم غالية جدًا وعزيزة على الوطن والأهل حتى يحافظوا عليها، فالجنوب وحكومته ومواقفها ضد السودان كلها أسباب تتطلب الوقوف عندها وأن يعيد كل تاجر شمالي لديه أموال وتعاملات تجارية مع الجنوب النظر في حساباته وأن يوقف فورًا تلك التجارة التي لن تعود عليه إلا بالهلاك ولا دواعي تستلزم أن نهرب السلع أو نذهب بها مباشرة في مخاطرة كبيرة من أجل تجارة مع دولة لا تراعي حقوقًا أو تتحكم في أفرادها جيشًا ومواطنين بألّا يهلك الأرواح البريئة التي تسعى لتوفير مستلزمات إنسان الجنوب على جساب فقدان أرواحهم فهل يستحق الأمر ذلك؟ وحتى تتضح الرؤية مع دولة الجنوب بتنفيذ الاتفاقيات في القضايا العالقة بين الدولتين تصبح مسؤولية التجارة مع الجنوب قضية في قمة الخطورة لانعدام الضوابط التي تحكمها ويسهل على الجيش الشعبي أو غيره وبكل بساطة اغتيال وحرق ونهب وسلب التجار الشماليين أرواحهم وممتلكاتهم بكل يسر «لأنهم واثقون جدًا» ألا حساب أو عقاب يقع عليهم فماذا نستفيد غير الألم والحسرة بفقدان «أرواح تجار شماليين» في مقابل لا شيء؟ ولم تفلح جهود شعبة التجار الشماليين طوال الفترة السابقة في الحصول على أموالهم ومطالبتهم لدى الجنوب حتى اليوم وهي خير شاهد ودليل على فشل التجارة مع الجنوب، وللذين فقدناهم من التجار نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة.