تعد ظاهرة الغش في الامتحانات من الظواهر القديمة المتجددة التي أخذت اشكالاً مختلفة ما بين الكتابة على الدرج أو كف اليد وعلى جدران الحائط ومؤخراً ظهر تصوير المقرر وتصغير حجمه بشكل يصعب رؤيته بالعين المجردة ووضعه بطريقة معينة وعالميًا ظهرت سماعات لاسلكية صغيرة متناهية الصغر بلون الجسم يضعها الطالب داخل الأذن تتيح له تلقي الإجابة من شخص خارج قاعة الامتحان، وأصبح للموبايل والإنترنت نصيب الأسد في أساليب الغش «الملف الاجتماعي» ناقش القضية مع عدد من التربويين وخرج بالتالي: أجرته: منى النور شجاعة وقوة قلب تروي رانيا حسن/ موظفة ضاحكة قصتها مع الغش والبخرات في الامتحان كما يحلو لمستخدميها تسميتها، وتؤكد أن كل من يعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً لن يعرف الطريق إلى الغش في الامتحان فالأمر يتطلب توفر الشجاعة وقوة القلب، وعن نفسي كل تلك الصفات متوفرة لديَّ وأذكر في أحد الامتحانات قمت بتبخير مقالة تاريخ على درج صديقتي والأخرى على درجي وبالفعل زي ما بقولوا «ضربت» البخرة ولكن المشكلة كانت في الحصول على المقال الآخر من درج زميلتي وهو صاحب الدرجة الكبيرة فقمت من الكرسي المخصص لي وأثناء ذهابي لتسليم الورقة تظاهرت بأنني نسيت بعض الفقرات وقمت بالجلوس على مقعد زميلتي التي كان اسمها مشابهًا لاسمي ونجحت في كتابة بخرتي بكل بساطة. «طِرَح» مخصَّصة للبخرات وترجع هبة التوم بذاكرتها قليلاً وتقول في المرحلة الثانوية كنا وصديقاتي نتبارى في اختراع أساليب للغش في الامتحان وقد كنا نقوم بشراء طرح طويلة جدا للكتابة عليها وإسدالها خلف الظهر حتى تستقر على درج زميلتي بالخلف وكذلك يمكن لزميلتي كتابة الإجابات لي بدون أن نثير شكوك المراقب وهي من أجمل الفترات الدراسية، وتؤكد هبة أنها كانت تمارس تلك العادة وسط صديقاتها من باب تقديم المساعدة وهي اليوم لا يمكن أن تجامل لأن رأي الإسلام جاء صريحاً فيه فيقول الرسول الكريم «من غشنا ليس منا» ولذلك معظم الطلاب عندما تتوسع مداركهم يدركون أنهم يضرون أنفسهم والغير بالغش في الامتحان وللأسف هناك من يتمادى في هذا الأمر ويصل إلى مناصب عليا في التوظيف. وسيلة قديمة ويرى الأستاذ مبارك العاقب «معلم» أن الغش في الامتحانات وسيلة قديمة ولكنها أخذت أساليب وطرقًا مستحدثة ودخلت التلفونات والإنترنت وغيرها من وسائل العولمة مما عقد العملية التربوية فكم من طالب قدم بحثاً من الإنترنت قص ونسخ وتكلف مشقة كتابة اسمه على غلافه فقط وكم من طالب قدم مشروعًا يجهل مضمونه لذلك فالقضية أضحت أكثر تعقيداً مع وسائل الاتصال الحديث، وأذكر أثناء مراقبتي في أحد الامتحانات لاحظت الارتباك على إحدى الطالبات وتنامى إلى مسمعي صوت همس فقررت تتبع الصوت وقمت بإحضار معلمة لتفتيشها واكتشفنا أنها تتحدث بالهاتف بواسطة السماعة التي خبأتها داخل ملابسها بإتقان عالٍ، وهناك العديد من الروايات، فالغش من أكثر المشكلات تعقيدًا ومن أخطر الظواهر المتفشية في الوسط التعليمي التي يواجهها التعليم المدرسي والجامعي سواء. جرأة طلاب بينما يرى المعلم التربوي عبد العاطي محمد أحمد الخليفة أن هذه الظاهرة كانت في السابق تنحصر في فتح الكتاب أو الكراس ولكنها اليوم تطورت لتصوير وتصغير الكتاب بصورة غريبة ولفه بواسطة «لستك» ووضعها في الكوع مما يسهل عليه التعامل معها كذلك أسهمت الأفلام في توسيع مداركهم، والأولاد أكثر الفئات التي تستخدم البخرات، وأكد عبد العاطي أن الأستاذ أصبح مثل رجل الشرطة داخل غرف المراقبة يراقب سكنات وحركات الطلاب فطالب الثانوي أصبح أكثر جراءة فيمكن أن تأخذ منه بخرة وبخرتين وقد تصل إلى ست بخرات في الامتحان الواحد مستخدماً كل أطراف جسده إضافة إلى أن أسلوب الردع أصبح ضعيفاً، ففي الماضي يمكن أن تضرب الطالب ولكن اليوم القانون يجرم المعلم. اضطراب سلوكي وتؤكد الأستاذة زهرة أسحق أحمد الخبيرة في علم النفس أن الغش سلوك مرضي يبدر من الشخص بدافع التخلص من مأزق أو عقاب يبدأ مع الشخص منذ الصغر ولكن الغش في الامتحان سلوك تعود عليه الشخص منذ الصغر وهو شخص لا يثق بإمكاناته ومقدراته ودائماً ما نجدهم مستوياتهم الأكاديمية متدنية للغاية وهم موجودون بكثرة في الجامعات وعند طلاب الدراسات العليا وفي علم النفس الشخص الذي يغش شخصية ضعيفة تعاني من اضطرابات سلوكية ليس لديها المثابرة لتعويض النقص الذي بداخلها وليس لديها معايير أخلاقية وبالتالي الذي يغش يمكن أن يكذب ويسرق وغيرها من السلوكيات المضطربة ويعد الغش في الامتحانات من أكثر السلوكيات المنتشرة في المجتمع.