إذا كانت النظرية الشيوعية لا تؤمن بالأديان السماوية وتعتبرها أصلاً أفكاراً اختمرت في أذهان البشر، فإن قيادتها وتشجيعها لحملات تنصير وسط بعض المسلمين لا تعني بالطبع إيمانها بدين سماوي دون الآخر.. إنما الأمر يدخل في إطار العمل المنهجي للاستقطاب لصالح عضوية الحزب الشيوعي أو لصالح وضعه السياسي في بلد من البلدان.. السودان مثلاً الآن على مستوى الدولة يتيح حرية العمل السياسي للحزب الشيوعي السوداني، لكن تبقى مشكلة أخرى اجتماعية تواجه هذا الحزب تتمثل في رفض المجتمع له وانكماشه منه بحكم تدينه وكريم أعرافه، وهذا ما جعله يحاول معالجة هذه المشكلة عبر بذل الاجتهاد الشديد في إبعاد بعض صغار السن والقاصرين والقاصرات عن حالة التدين الذي تشترطه «الراحة في القبر» وكريم الأعراف التي تشكل الهوية المشرّفة للمواطن السوداني. فإذا كانت النظرية الشيوعية تقول بأن الدين أفيون الشعوب، وهي أول ما قصدت الدين النصراني الصليبي فما معنى أن نطالع خبراً مؤكداً منسوبًا لأحد خصوم الحكومة يقول بأن الحزب الشيوعي السوداني يقود حملات تنصير واسعة للسودانيين ببريطانيا، جاء ذلك في رسالة بعث بها مواطن سوداني بارز يُدعى صلاح آل بندر إلى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني محمد الخطيب يقول بأن الحزب الشيوعي السوداني ببريطانيا يقود حملات تنصير للسودانيين هناك. ويبدو أن الحزب الشيوعي الذي استنكر عليه صلاح آل بندر هذا الأمر يريد أن يلعب لعبة سياسية ذكية لاستقطاب سودانيين هناك أو على الأقل لجعلهم خصومًا للنظام الحاكم في الخرطوم ولما سيأتي خلف له في المستقبل ما لم يكن شيوعياً. وتبقى فكرة التنصير في نظر الحزب الشيوعي السوداني مناسبة جداً في بلد مثل بريطانيا حتى يتسنّى له تحقيق ما يريد بدعم الدولة البريطانية «المملكة المتحدة» أو على الأقل لا تطوله يد قوانين البلد باعتبار أن الشيوعيين المقيمين هناك أجانب حضروا بصفات ما ولا يُسمح لهم ممارسة العمل السياسي لصالح حزب أجنبي أو ضد دولة ما. أي أن الحزب الشيوعي السوداني في لندن يخدع الحكومة البريطانية بالعزف المطرب لها على وتر التنصير. التنصير يمكن أن تباركه الحكومة البريطانية النصرانية ويجد المباركة أيضاً من البارونة كارولين كوكس التي قامت به من خلال منظمتها «منظمة التضامن المسيحي» التي ترأسها في جبال النوبة، وأخرجت فيلماً سيئ الإخراج هناك في جنوب كردفان عن ممارسة الرق. إذن الحزب الشيوعي السوداني يلعب بولتيكا في بريطانيا. يخادع في الدول الغربية وهو أصلاً عالمياً ضحية كبرى للدول الغربية، فهي التي اخترقت الاتحاد السوفيتي والاتحاد اليوغسلافي. وهي التي رفضت وصول الأحزاب الشيوعية إلى الحكم في دول العالم الثالث.. والسودان نموذج عام 1971م.. وهي التي سمحت لجنون قرنق أن يدّعي إيمانه بالشيوعية للاستفادة من أرض إثيوبيا في التمرد ضد السودان، وقد تظاهر جون قرنق ايضاً بإيمانه بالكتاب الأخضر الذي يحمل هوس القذافي وجنون عظمته، وذلك لكسب الدّعم. الآن الحزب الشيوعي السوداني هل يريد أن يستفيد من خطط المخابرات السوفيتية «كي جي بي»؟! إنها ذابت في انهيار الاتحاد لكن يبقى تاريخ ما اتصل بها من معلومات ومغامرات. الحزب الشيوعي السوداني يبقى الآن مثل عروسة على وجهها كل بصمات المكياج وترتدي ثوب الزفاف «الأحمر» هذا في نظر بعض القصّر والغافلين لكنها عروسة عمرها مائة عام. لذلك لا يصلح مع هذا الحزب التنصير لصالحه في أوروبا وأمريكا ولا يصلح التهويد وإن كان كارل ماركس معبود الشيوعيين من أسرة يهودية.. فهو ضاق ذرعاً بالنظام الكنسي ولم يعرف الإسلام. وغداً شهادة الراحل الخاتم عدلان بإذن الله.