قررت قناة الحوار التونسي الفضائية الخاصة العمل بنصيحة ساخرة لأنصار حزب حركة الهضة في تونس وخصَّصت يوماً لبيع البقدونيس أمام مقرها بهدف تجاوز أزمتها المالية، وقالت إدارة القناة يوم الأحد الماضي على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إنها ستعرض ألف ربطة بقدونس للبيع أمام مقرها في العاصمة الخميس القادم في محاولة للحدّ من الضائقة المالية التي تواجهها وستُباع «الربطة» بمقابل عشرين ديناراً تونسياً «12» دولارًا للمساعدة في دعم السيولة في القناة، وقالت القناة إن المبادرة تأتي رداً علي مقترح تقدَّم به أنصار النهضة التونسية لبيع البقدونس إثر إعلان المسؤولين فيها عن حاجتهم إلى تبرعات أو مستثمرين لإنقاذ المؤسسة من الإفلاس». وبما أن التلفزيون السوداني يعاني منذ فترة نقصاً في السيولة حتي أنه لم يستطع الوفاء بسداد مستحقات العاملين مما أضطرهم إلى الاعتصام ناهيك من عجز التلفزيون عن شراء أجهزة حديثة وتمويل برامج جديدة وتطوير ما يقدَّم من مواد، وكان الكاتب الصحفي الطاهر ساتي قد رسم صورة محزنة للتردي في هذا الجهاز أول أمس الإثنين نورد بعضًا منها دونما ترتيب حيث قال «نصف المراسلين بالولايات يكتفون بإرسال أخبارهم وتقاريرهم نصاً مكتوباً فقط لا غير بعد أن تعطلت كاميراتهم.. «طابعات قسم الأخبار بلا عطاء بالعطل أو لأزمة الحبر ولذلك لم يعد مدهشاً أن الزملاء بالأخبار يكتبون أخبارهم بخط اليد منذ عام ونيف» ثم سرد الكاتب التردي المريع في بيئة العمل هناك فتحدث عن النفايات في «الحوش» التي تزكم الأنوف وعن الأطباق الفضائية التي تحولت إلى ركام وعن الفئران التي تزاحم العاملين في قسم الأخبار وعن الأحجار المستخدَمة في تثبيت ديكور الإستديو وعن الكراسي المربوطة بحبال البلاستيك. ونحن وفقاً لهذه الصورة التراجيدية في التفزيون نقترح بدورنا لإدارته أن تحذو حذو القناة التونسية التي باعت البقدونيس لفك أزمتها المالية الخانقة باعتبار أن تلك القناة فعلت هذا المسلك الرمزي كنوع من لفت النظر للرأي العام بأنها تواجه اختناقاً تتحمل الحكومة جزءاً من مسؤوليته كما أن بيع البقدونيس يتم وفق نهج التذاكر الإكرامية التي تُباع بفئات عالية نسسبياً للمتبرعين، وبما أن معظم السودانيين لا يحبون البقدونيس كما أنه غير متاح دائماً عليه نقترح على إدارة التلفزيون أن تعرض بيع الجرجير في حوش التلفزيون لكن دون توثيق المشهد تلفزيونيًا لتحقيق السترة، ويمكن أن تقسم «ربط» الجرجير إلى مجموعات وأحجام متنوعة فمثلاً «الربطة» الكبيرة المعتبرة تخصَّص لرجال الأعمال الكبار مثل أسامة داود وجمال الوالي وآل البرير والنفيدي وغيرهم، بينما تخصص الربط المتوسطة للتكنقراط مثل المهندسين والأطباء والفنيين، أما الربط الأقل حجماً فيمكن أن تخصَّص للصحفيين وبقية الإعلاميين وبائعات الشاي وفراشة الرصيف والحرفيين على اختلاف تخصصاتهم. وإلا فإذا استمرت الأزمة ومظاهر التردي المشار إليها فربما عاد التلفزيون قريبًا إلى نظام الإرسال عن طريق استخدام الكاميرات «الأبيض والأسود» وعندها لن يجد التلفزيون حاجة بعد اليوم أن يقدم برنامجاً باسم «من الأمس» وعليه سيعود التلفزيون إلى مرحلة السبعينيات حيث الديكور الخشبي الذي ينفذه النجارون في ورشة بالداخل، وربما شاهدنا صورة مكررة لسقوط خلفية خشبية في ظهر مذيع الأخبار على الهواء كما حدث يوماً لأحد المذيعين المخضرمين، كما أن المكيفات قد تتعطل وتظهر صورة مقدمي البرامج وهم يسوحون في بحيرة من العرق، كما أن الذبابة الشهيرة ستعود لتلاحق الضيوف ومقدمي البرامج على الهواء مباشرة، لكن ستكون الحسنة الوحيدة لهذا التحول الظلامي هو أن التلفزيون سيضطر إلى إعادة برامج قيمة مسجلة بنظام الأبيض والأسود «بلا ألوان» فسيستمتع المشاهدون بمشاهدة تسجيلات للبروفسير عبد الله الطيب وبرنامج صور شعبية للعصامي الراحل الطيب محمد الطيب وبرنامج طبيعة الأشياء الممتع للدكتور محمد عبد الله الريح وسهرة من برنامج تحت الأضواء للمخضرم المبدع حمدي بولاد والبرنامح الثقافي الرائع قوافل الزمان للأستاذ حسن عبد الوهاب والعديد من البرامج الجميلة الخالدة، وكان أيضاً من المتوقع أن نشاهد مباريات الدورة الإفريقية التي نظمها السودان وفاز ببطولتها لأول مرة وآخرها حتى الآن لولا أن أحدهم «شبح» قام بمسح الشريط وسجل عليه كما أظن سهرة غنائية ليضيع هذا الإرث الثمين. أخيراً «رأيكم شنو» يا ناس التلفزيون في فكرة الجرجير دي؟ لكن إذا وافقتم عليها لازم تطلبوا من محلية أم درمان عدم فرض رسوم على الجرجير وعلى السيارة التي ستحملة أو فرض نفايات جرجير ورسوم صحة للبائعين كذلك على الضرائب أن تعفي حصتها المعتبرة في هذه البيعة، ونسأل الله القدير أن يخضر ضراعكم بهذا الجرجير الأخضر المبارك بإذن الله.