أثارت سياسات وزارة الصحة ولاية الخرطوم التي أصدرتها أخيراً، وقضت بنقل أقسام بالمستشفيات الاتحادية -التي آلت للخرطوم- إلى مستشفيات طرفية، عدم رضا وقبول من قبل كثير من الأطباء والاختصاصيين، وكان تبريرهم أن الخدمات الصحية التي تقدم في وسط الخرطوم يمكن أن تفتح أقسام خدمة مماثلة لها في الأطراف لتخفيف العبء عليها بدلاً من تجفيفها، باعتبار أن تلك المستشفيات الكبيرة لا تقدم خدمة لسكان الخرطوم فقط وإنما تمتد إلى الولايات الأخرى، واتهموا الوزارة بأنها تسعى لخصخصة القطاع العام، ووصفوا سياساتها بالعشوائية التي تهدد مستقبل الخدمات الصحية من مستشفيات وكادر صحي ودواء إلى جانب عدم استطاعة المستشفيات الطرفية من تقديم خدمات متميزة، وأكدوا رفضهم القاطع لتجفيف قسم الطوارئ بمستشفى جعفر ابن عوف. وحوادث النساء والتوليد بمستشفى الخرطوم ونقل المشرحة إلى مستشفى بشاير بل ذهب الأمر إلى الاعتصام وتنفيذ الوقفات الاحتجاجية بشارع الحوادث اعتراضاً على السياسات الجديدة التي بدأت الوزارة فعلياً في تنفيذها، لكن والي الخرطوم د عبد الرحمن الخضر لدى مخاطبته أكثر من مناسبة دعا بنقل مركز الخرطوم إلى الأطراف وذلك لتنفيذ الهيكل التنظيمي للولاية الذي تم بواسطة خبراء من الخارج والداخل وصرفت عليه مبالغ طائلة، كما أن الوالي تحدث عن شارع الحوادث والاكتظاظ الذي يشهده ووصفه بأنه من أسوأ الشوارع في الخرطوم، ودعوته دائماً إلى تحقيق العدالة في توزيع الخدمات الطبية بالأطراف والنهوض بقطاع الصحة واهتمام ولايته لأمر الصحة وتخصيص «25%» من ميزانية الولاية، كلها أسباب أدت إلى أن تنتهج الولاية والوزارة معاً هذه السياسة التي لم تسبق لحكومة ولائية انتهاجها. وأوضحت أن هدفها الأساسي هو تنمية الأطراف في تقديم خدمات ذات جودة عالية بالقرب من سكن المواطن، وكان مبرر وزارة الصحة بالخرطوم بنقل قسم المخ والأعصاب لتوسيع مستشفى الشعب ليكون متخصصاً في القلب، إضافة إلى أن سعته لا تكفي لإجراء عمليات المخ والأعصاب في موعدها المحدد، لذلك تطول قائمة انتظار المرضى لأكثر من ستة أشهر فأنشأت الوزارة وحدة متكاملة للقسم بمستشفى إبراهيم مالك، أما نقل حوادث مستشفى جعفر ابن عوف إلى مستشفيات إبراهيم مالك وبشاير والأكاديمي كان بهدف تحويله لمستشفى تخصصي بعد إعادة تأهيله بالأجهزة والمعدات الطبية وصيانة مبانيه. ويؤكد وزير الصحة ولاية الخرطوم د. مأمون حميدة بأنه سيتم نقل قسم المخ والأعصاب من مستشفى الشعب إلى مستشفى إبراهيم مالك و تعيين كبير الاختصاصيين د. محمد عثمان أرباب مديراً للقسم الذي يضم الباطنية وجراحة المخ والأعصاب. وذلك تحقيقاً لسياسة الوزارة الرامية إلى تنمية المناطق الطرفية والريفية، وأوضح أن قرار أيلولة المستشفيات إلى ولاية الخرطوم مكن الوزارة من إدارة المستشفيات من غير ثنائية، الأمر الذي أدى إلى تنفيذ الخريطة الصحية وتفعيل دور المراكز الصحية بنسبة «75 %» وانعاش المستشفيات الطرفية. وقال لدينا رؤية بأن المباني والمعدات لا يمكن وحدها أن تكون مستشفى، وأشار إلى أن المستشفيات الكبيرة تستقبل حالات يمكن لمركز صحي أن يعالجها. كبير استشاريي الجراحة بمستشفى الخرطوم د. محمد عبد الرازق أكد عدم إخطاره كاستشاري بنقل قسم المشرحة من موقعة بشارع الحوادث بالخرطوم إلى موقع آخر بمستشفى طرفي. وأشار أن اختيار موقع مبنى الجراحة الجديد تم وفقاً لموقع المشرحة للاستفادة منه في نقل الأعضاء من المتوفين إلى الأحياء خاصة مرضى الفشل الكلوي، والبالغ عددهم أربعة آلاف مريض. وأضاف أن المشرحة هى أساس العمل التدريبي الطبي، وأيضاً تم نقل مركز العلاج الطبيعي المنوط به تأهيل مرضى جراحة العظام والجلطات من مستشفى الخرطوم إلى موقع طرفي، مما أدى إلى معاناة المرضى في تلقي العلاج، وقال إن المستشفيات الطرفية لم يتم تأهيلها، فبعد أن تم افتتاح مستشفى إبراهيم مالك حولت حالات لإجراء عمليات بسيطة، وأبدى قلقه من تعيين عدد من الأطباء غير مؤهلين للقيام بدور الجراح فى تلك المستشفيات الطرفية، وهذا يعني أن مستشفى الخرطوم هي مركز لا يمكن هدمها، خاصة وأن المستشفيات الطرفية تفتقر لأساسيات الكشف، وطالب بضرورة إيقاف القرار بشأن تحويل مستشفى الخرطوم إلى المستشفيات الطرفية التي تكلف المرضى فقدان أرواحهم. وبدا كبير استشاريي طب الأطفال د. جعفر ابن عوف حديثه عن المرضى الوافدين إلى المستشفى الذي بلغ عددهم بين 800 إلى 1000 مريض يومياً من المركز والولايات. وأشار إلى أن هذا المستشفى قد تم بناؤه بالدعم الخاص من الخيرين والأجانب. ودعا إلى ضرورة التراجع وإيقاف قرار تحويل الأطفال المنومين بقسم الحوادث إلى المستشفيات الطرفية، باعتباره يقدم خدمات علاجية لأطفال من الولايات.