«اطلعي برة.. قلتا ميه مره شاي منك ما عايزين.. انتي حيوانة ولا شنو». جمعت سمية حطام اكواب الشاي في حسرة وخرجت.. لم تطاطئ رأسها.. خرجت شامخة ولكنها تتداعى من الداخل مثل قلعة الرمل التي عبثت بها امواج الشاطئ فجعلت تتلاشى في بطء.. عادة ما يصرخ في وجهها سعيد مدير المكتب ويحقرها امام ضيوفه.. تعرف اين علته وتصر على الصمود.. لن تتنازل وتتجاوب مع اغراءاته ابدًا «سميه اديك الخمسين جنيه دي مشي بيها حالك تكوني فلستي» ولانها تعرف جيدًا ان لا احد يعطي شيئًا مجانًا لذا رفضت دائمًا مثل هذه التمهيدات المغرية وكثيرًا مارفضت مساعدات سعيد وهي تعلم ان امها المريضة في حاجة ماسة لثمن دواء السكري.. وكرد فعل عنيف يطردها سعيد ويخاصم مشروباتها حتى لا ينفعها بطريقة نظيفة.. وهي صامدة محتسبة.. «سمية بالله شغلك بس، ما تبيعي تاني شاي، فراشة وبس» مسحت دموع حرمانها من المصاريف اليومية واحتسبت عند ربها وظلت صامدة. دخلت المكتب متوجسة.. وجدت شخصًا مكان المدير قابلها بابتسامة.. «ازيك ياسمية..انا المدير الجديد.. سعيد نقلوه الأرياف..انا عايزك اضافة لشغلك تعملي شاي وفطور للعاملين حفظًا للوقت»، رفعت عيونها لاعلى تشكر من يسمعها في صمتها ويجيب دعواتها ويساندها في الخفاء.