ظل في البادية: حبيب فضل المولي أرح لي كردفان خلي القعاد في الديم أطلع في القناف شم الدعاش والريم ومازالت دعوة الشاعر عمر الشيخ ابن البادية في ابياته مطلع القول تلقى وقعاً طيباً في النفس، حتى حملتنا الاقدار الرحيمة في رحلة عشق الى كردفان مع مجموعة نيرة من الزملاء، وكردفان حينها يشرفها النائب الأول علي عثمان محمد طه مفتتحاً لعدد من المنشآت فيها. ولعل وصف الشاعر لاجوائها وطبيعتها التي لبست ثوبا خريفيا جميلا، جعلت طه ورفاقه يهبطون بواديها وفرقانها مفتتحين مخيماً رعوياً كان قد أعد له بمنطقة الكبرة التابعة لادارية فوجا، التقت فيه جماليات البادية وثقافة اهلنا الرحل. والمخيم بعث الاطمئنان في قلوب كل الذين زاروه لكأنه يقول لهم إن السودان مازال بخير واقتصاده يتمتع بامكانات طبيعية مهولة تبحث عن التفعيل والاهتمام ورعاية الدولة. وربما لم يسعف الوقت النائب حتى يرى بعينه ما أعده الرحل من برنامج ثقافي تراثي، وكان أمير قبائل الحمر عبد القادر منعم منصور قد أصرَّ على ان يلقي طه نظرة على شؤون مجتمع البادية وقضاياه، ولكن حال دونهم البروتكول. الثروة الحيوانية التي تحتل مكاناً وسط أحداث الساعة لاعتبارات غلاء الأسعار وارتفاعها الذي يطول كل شيء، تحتاج الى رعاية خاصة، وبالرغم من تطلع منتجي الثروة الحيوانية بالولاية لسماع قرار يلقي الضرائب الباهظة على عاتق ثروتهم وغيرها من الاتاوات، وان يعلن لهم عن مشروعات صحية صغيرة تمتد على طول مناطق الرعي بجانب حماية المنتجين والرعاة من سماسرة السوق، حيث لم يكن لهم نصيب أو عائد من الارتفاع الذي جنى ثماره كبار التجار وتماسيح السوق وسماسرته، إلا أنهم حقا كانوا يحتاجون لوسائل حقيقية لتسويق وحماية مواشيهم. وبالرغم من هذه القضايا التي تحيط بهم، إلا أنهم لم يحظوا بحديث وافٍ لضيق الوقت كما اشار الى ذلك والي الولاية. ولكن النائب الأول وعدهم بقطع دابر العطش. والقيام على أمر الثروة الحيوانية وإنتاجها والحفاظ عليها مسؤولية لا يستشعرها إلا الذين يجعلوننا نتلذذ على الموائد ونرفل في نعيم منتجاتهم، فهم عماد اقتصادنا القادم، فثروتهم كما قال طه ليست أقل من الذهب.