وُلد وترعرع بمدينة بورتسوادن الجميلة وتلقى فيها كل مراحله الدراسية ثم انتقل لجامعة الخرطوم كلية القانون التي برز فيها بجدارة حتى تسنم كمستشار قانوني في عمله بإمارة دبي بعد ان هاجر اليها لما يقارب العشر سنوات دون انقطاع، ورغم ذلك الا ان ملكة الادب الروائي والقصصي لم تخمد لدى اسامة رقيعة مع اتساع البون ما بين القانون والادب الا انه استطاع ان يجمع بينهما، التقته نافذة مهاجر في هذه السانحة ليحدثنا عن تقاطعات اغترابه فماذا قال: ما الفرق بين ممارسة مهنة القانون فى السودان وفى دولة الامارات؟ فيما يظل القانون هو القانون والعقلية القانونية هي ذاتها تأتي الانظمة القانونية بمميزاتها التطبيقية، فممارسة مهنة القانون في الإمارات تأخذ شكلها المختلف للوافد مثلي حيث الترافع امام المحاكم غير متاح للكل ويقتصر حق الظهور امام المحاكم على اصحاب البلاد مع عدد قليل من الذين رُخِّص لهم من الوافدين بالترافع، وعلى ذلك تبرز الممارسة في اطارها الاستشاري او اعداد مذكرات الترافع وضبط البيئة القانونية في الشركات وما شاكلها، وانا ارى ان ممارسة العمل القانوني قد تطورت في العالم فلم يعد القانون هو القضايا والنزاعات بل تخطاه ليأخذ شكل أن منع النار من النشوب خير من اخمادها، أما على صعيد آليات العمل فلا شك ان الاماراتودبي خاصة قد خطت خطوات واسعة في الحوكمة وإتمام العمل حيث اصبح بامكاننا الآن ان نودع طلباتنا لدى المحكمة عبر البريد الالكتروني وكثير من الاجراءات الأخرى تتم عبر المواقع الالكترونية مما يعني سلاسة منقطعة النظير في اداء العمل القانوني وبالتالي تصبح المقارنة بين السودان والامارات في هذا الجانب ضربًا من الخيال!! هل تعتقد ان الدولة انصفت المغتربين بحلها لقضاياهم والمعوقات التي تواجههم؟ اعتاد المغترب الّا ينتظر جهة ما، بل يعمل على تدبر امره، فلو تجاوزنا الرسوم والمساهمات الوطنية والإجراءات فلا يجد المغترب من يحمل معه الهم في مستقبل تعليم ابنائه، ورغم ان اعداد السودانيين بالامارات وطول عهدهم بها فلا توجد مدرسة سودانية واحدة وحتى الجامعات السودانية التى حاولت تقديم خدماتها فقد كانت محاولات باهتة لم تأتِ بالمستوى الذي يطمح اليه، وقد افهم الهوة التى بين مناهج المدارس السودانية وما عليه المدارس الاخرى في الامارات، ولكن ما الذي يمنع المبادرات الجادة؟ ولن اتحدث عن انصاف الدولة للمغترب لانني سوف استحي من اخوتنا الذين يعيشون داخل الوطن!! وكيف تنظر لأداء جهاز المغتربين؟ يخيل لي احيانًا اننا نخلق الكيانات في حماسة أو مجاملة، وشخصيًا لا يمثل لي جهاز المغتربين الا مكانًا لانهاء اجراءات السفر وسداد الالتزامات ولو خيروني لاكتفيت بان يتم المغترب جميع اجراءات سفره وسداد التزاماته في القنصلية الموجودة في بلد الاقامة وان كانت هناك خدمات تقدمها له تلك القنصلية ولا حاجة له بمراجعة جهة ما للخروج من السودان طالما استوفى الشروط المطلوبة للدخول اليه، وتحول ميزانية ومصروفات الجهاز للفقراء نرتق بها جيوبهم وللمرضى نشفي بها اوجاعهم. ما هي قراءتك للواقع الاقتصادى والسياسى فى السودان؟ ليس ثمة دولة في العالم لا تعاني الانتكاسات والاهتزازات الاقتصادية ولكنها تبادر للاستفادة من التخطيط السليم المشمول بالتوقعات والتنبؤات، وعلى الرغم مما يكتنف السودان من العالم المحيط به الا اننا نحتاج للمزيد من الحكمة والصبر والتخطيط السليم المشمول بالتوقعات والتنبؤات، اما عن الواقع السياسي فليس لدينا في داخل الوطن الا احتراب يقضى على اليابس ويتطلع الى الاخضر في نهم. واقع الجاليات السودانية بالخارج هل يسهم فى ترسيخ التراث السودانى الجميل؟ رغم ان السوداني محط ترحيب وقبول في كثير من البلدان التى يوجد فيها، ورغم قدرته على التداخل والتمازج مع الثقافات الاخرى الا اننا لا نلمح وجودًا بارزًا في المشهد ولا نجد تقديمًا يليق يعكس حقيقة وواقع السودانوية في ظل غياب التعامل الذكي مع مفهوم صراع الثقافات التى في كثير من الأحيان تسعى لاغتيال ملامح الشخصية السودانية ليس بمفهوم المؤامرة ولكن بمفهوم الصراع الطبيعي للثقافات، ورغم ما يميزنا الا ان البعض يصفنا بالكسل وارد واقول نحن غير كسولين ولكننا لا نتعامل بذكاء مع الاصطراع الحضاري ووجود الجاليات ونشاطهم لم يشفع في ازالة هذا الفهم الراسخ فكيف به ان يسهم في ترسيخ تراث بأكمله!! الثقافات الخارجية وتأثيرها على النشء السودانى فى الخارج؟ من المهم الانفتاح على الآخر في هذا العصر ولكن دون تشويه للملامح او تخلٍ عن الذات، والنشء السوداني في الخارج يتعرض لتيارات ثقافية مختلفة لا شك انها تؤثر في صياغة شخصيته بشكل او آخر ويحضرني هنا ذلك المهندس السوداني الذي التقيته في دبي قادمًا هو وعائلته من لندن للاقامة والعمل فقال لي ان الذي جعلني ترك لندن والقدوم الى دبي هو ما قالته لي بنتي ذات العشرة اعوام عندما دخلت غرفتها في بيتنا الصغير فما كان منها الا ان نظرت اليّ في صرامة وطلبت مني الاستئذان قبل الدخول وان عليّ الخروج الآن فقال لي انه لم يتردد في امرين، الاول انه اعتذر لابنته وخرج، والثاني انه جهز اوراق عائلته واصطحبهم الى دبي، والشاهد في الامر ان السوداني مشتت ان لم يكن مشردًا في دول العالم، وخير علاج هو صيانة البيت الوطن او قبول الواقع بسلبياته وايجابياته. هل يخالجك الحنين للوطن وتنتابك فكرة العودة النهائية له؟ لا شك انه ورغم كل العوامل التي لا تشجع اللون الوردي في أحلام العودة الا انه لا مناص، وحينما قال مثالنا صلى الله عليه وسلم ان ملك قوت اليوم مع الأمان في «السرب» تعدل الدنيا بحذافيرها لم يكن الا واقعًا وحقيقة لا يدركها الا من خرج عن السرب، ولكن يبقى السؤال ما الذي يمكن ان يقدمه الوطن للمغترب حتى يعود اليه؟ فاحلام الاستثمار تصطادها الضرائب والاجراءات المطولة والتعقيدات، والتسهيلات يقتلها الاحتكار وتفسدها الأنانية.