أخيراً بعد حوالى عام ونصف العام وربما أكثر، أكملت اللجنة المعنية بالتحقيق في بيع خط هيثرو «لندن» أعمالها، وقامت برفع تقريرها إلى رئيس الجمهورية الذي وجه بحسب التصريحات الصحافية بمحاسبة الجهات الضالعة في فقدان السودان هذا الخط الحيوي وإعادة الخط أو قيمته، وأكد وزير النقل والطرق والجسور د. أحمد بابكر نهار توصل اللجنة إلى أدلة دامغة متهماً الإدارة السابقة لسودانير بالضلوع في هذا الأمر. إذن بعد هذه الفترة الطويلة ظهر الأشباح الذين باعوا الخط وقبضوا مبالغ دولارية طائلة، ولم يتبق إلا رفع قضية «الأشباح» إلى المحكمة بأسرع ما يمكن بعد التأخر الطويل في التحقيقات، وأخيراً سيرتاح الكاتب الساخر الفاتح جبرا الذي ظل يطرح تساؤلاً مكرراً في كل مقال له «أخبار خط هيثرو شنووو العند النائب العام؟»، لكن بالطبع فإن الكاتب لن يسكت إذا تأخرت المحاكمة، وعندئذٍ سيقول «أخبار محاكمة ناس خط هيثرو شنووو؟»، لكن لفائدة القراء الذين ربما الكثيرون منهم لا يعرفون ما هو بيع خط هيثرو وكيف تم؟ نعيد جانباً صغيراً من التحقيق القيم الذي أجرته الزميلة هنادي النور عن سودانير تحت عنوان «كان تعب منك جناح في المعاش أريح سكن» حيث جاء الآتى «عاودت سودانير العمل في مطار هيثرو في 15/7 /2006م بعد توقف دام سنتين، وبرحلتين في الأسبوع يومي السبت والثلاثاء، حيث منحت رحلة السبت في هيثرو ورحلة الثلاثاء بمطار قاتويك وتم تحويلها في اكتوبر 2006م إلى مطار هيثرو، حيث أصبحت الرحلتان بمطار هيثرو، إلا أنه تم إيقاف الرحلات الى لندن بعد دخول مجموعة عارف في الشركة بتوجيه من المستشارين الأجانب بحجة عدم وجود طائرات كافية، وأن الخط يخسر «150» ألف دولار في الرحلة الواحدة، وتم منح زمن الهبوط الخاص بالرحلتين لسودانير في مطار هيثرو الى شركة BMI وهي شركة بريطانية بدأت تسير رحلاتها إلى الخرطوم في يوم 28/ 10/ 2007م بخمس رحلات أسبوعياً بعد توقف سودانير، وكان ذلك عن طريق التبادل SLOTSWAP في 27/11/2007م، حيث تنازلت سودانير عن الرحلتين. رحلة السبت (130 SD) وصول 1605 مغادرة 1805 مقابل رحلة (790BD) BMI وصول 2300 مغادرة 2303، علما بأن مطارهيثرو يغلق أمام حركة الملاحة الجوية ليلاً وحتى الصباح من الساعة 23:29، أي الساعة الحادية عشرة مساء وحتى الساعة 5:30 صباحاً، أي من المستحيل عملياً استخدام هذه الرحلات التي منحت من شركة BMI، ولكن لتقنين التنازل عن الرحلات مقابل التبادل. وذكر «س» أنه قام بالاتصال بالإدارة المنسقة للهبوط والاقلاع بمطارهيثرو ACL للسؤال عن السفريات الخاصة بسودانير، وقال في إفادته إنه قدم تم التنازل عن هذه السفريات لصالح BMI، وأوضح انه طلب منه ارسال صورة منه، وقد تم ارسالها بالفاكس. وأضاف طلبنا منهم معاودة سودانير لسفرياتها الى لندن وطلبنا منحنا SLOT TIME أي وقت هبوط بهيثرو بمعدل رحلتين في الأسبوع، وكان ردهم بأن هيثرو ليس به زمن شاغر، ولكن يمكن أن نعطيكم ذلك في احد المطارات الأخرى بلندن» هذا ما ورد في التحقيق، ونفهم منه أن من قاموا بالصفقة لجأوا إلى أسلوب فهلوة، فهم بادلوا زمن الهبوط في مطار هيثرو الذي عادة لا يوجد فيه زمن هبوط شاغر، وذلك مع شركة بريطانية في زمن يقفل فيه المطار أبوابه وهوالحادية عشرة ليلاً، أي الصفقة عملياً هي تنازل، وظاهرياً بمفهموم الفهلوة و«الشطارة» هو تبادل في زمن الهبوط «المستحيل». بلطجة وضمان مدفوع القيمة وصف مدير جهاز حماية الأراضي اللواء «م» عابدين الطاهر الأسبوع الماضي الوسطاء «السماسرة» الذين استولوا على أراضي الدولة ب «الحرامية»، وتوعد بمحاسبة كل المتورطين المشاركين في بيع أراضي الكرمتة عقب انفصال الجنوب، وقال إن جهاز المخالفات منح مهلة لسكان المنطقة لإخلاء منازلهم بغرض الإزالة تميهداً لتسليمها لملاكها الأصليين، لكنه أشار إلى أن الولاية تتجه لتعويض المتضررين، وقطعاً من الصعب إحصاء عدد ضحايا احتيال وسطاء بيع الأراضي، فمنهم من يزور شهادات بحث أو أوراق ثبوتية تخص آخرين أو يبيع القطعة لأكثر من شخص، لكن الخطورة هي التطور الذي واكب هذه الجرائم من عناصر أجرامية أخرى أرادت أن تستفيد من وقوع المتورطين في هذه القضايا الاحتيالية، فقد نقل أن بعض المجرمين المحتالين عندما يعلمون باعتقال عدد منهم يتصلون بذوي المتهمين عارضين عليهن تقديم الضمان بمبالغ معينة، وبما أن لوائح الشرطة تقول إن الضمانة ينبغي أن تكون من نفس المنطقة، وكثيراً لا يوجد لذوي المتهمين معارف أو أقرباء في تلك المناطق الطرفية، فهم يضطرون لقبول الضمان المدفوع القيمة، بالإضافة إلى أن الضمان يمّكن أبناءهم المتهمين من الهروب لأطول فترة ممكنة باعتبار أن الضامن يمتلك أكثر من بطاقة هوية غير صحيحة، بينما لا يجد الضحية المحتال عليه غير الصبر والدعاء «تدفع كم بضمنك يا فردة.. علي الطلاق ولو لقفت مليار أنا بضمنك» ورأيكم شنو يا ناس العدل؟