د. حسن كيف تقرأ لنا الواقع الذي تعيشه البلاد الآن؟ حقيقة ما يجري الآن من تحديات ومؤامرات ضد السودان ليست بجديدة فالسودان بموقعه الجغرافى وموارده الطبيعية وبقراره المستقل اصبح مستهدفًا من الدول الكبرى والاستعمارية وخاصة الاستعمار الحديث لان الاستعمار القديم انتهى دوره فى الغزو العسكرى واضحى هناك الاستعمار الحديث الذى يسعى للسيطرة على سياسات الدول بوسائل مختلفة منها التدخل فى الكوارث عبر المنظمات وغيرها، فالسودان مستهدف منذ فترة والكل يعلم الدراسة التى قام بها معهد كسنجر والتى تعنى بترتيب الاوضاع فى الشرق الاوسط وفى القرن الافريقى واعادة ترتيب اوضاعه لتدعم المصالح الامريكية وتقسيم السودان لخمس دويلات «جنوب السودان، دارفور، جنوب كردفان، ووسط السودان والشرق» لخدمة المصالح الامريكية ولفصل السودان عن محيطه العربى والاسلامى حتى لايكون له تأثير على هذا المحيط، وبالفعل قد نجح المخطط فى فصل جنوب السودان ويسعى الآن لفصل اجزاء اخرى منه كجنوب كردفان ودارفور والنيل الازرق وربما شرق السودان لأن امريكا الآن تسعى لايجاد بديل لبترول الشرق الاوسط باعتباره منطقة مضطربة وقد يحدث فيها انفجار سياسى او حروب كبيرة بين ايران واسرائيل او بين الدول العربية واسرائيل وستؤثر تلك الحروبات على الامداد السهل للبترول نحو الدول الاوربية لذا تسعى امريكا لايجاد بديل للطاقة فى افريقيا باعتبارها ارضًا بكرة لم تستغل مواردها حتى الآن، وهناك مخطط لنقل بترول السودان ونيجيريا وتشاد عبر انبوب الى المحيط الاطلسى ثم الى امريكا. هل التقت طموحات الدول الاستعمارية بطموحات المتآمرين من الدول الافريقية فى تنفيذ مخططاتها؟ حقيقة طموحات الدول الاستعمارية التقت كثيرًا مع الطموحات الاخرى واستغلت فى فترة من الفترات معمر القذافى لعقليته وتفكيره المضطرب فى انه يسعى لان يكون زعيمًا للعالم وافريقيا والتى عبرها بدأ نظريته الثالثة فى الكتاب الاخضر، وكان يريد ان يتزعم العالم فالدول الاستعمارية رغم خلافها مع القذافى لكنها استغلته كمغفل نافع لتنفيذ سياساتها فى السودان والقذافى كما نعلم دعم كل الحركات الانفصالية فى السودان بدءًا بتمرد الجبهة الوطنية فى السبعينيات ومن ثم دعم حركة جون قرن ولولاه لانتهت حركة قرنق مبكرًا كما دعم حركات دارفور وخاصة العدل والمساواة التى قدم لها دعم من لايخشى الفقر مما جعلها ان تسند القذافى ضد ثوار ليبيا ردًا للجميل ولكن رغم ذلك انهار نظام الطاغية الذى خلق كثيرًا من الاحوال المضطربة حول العالم وافريقيا. اين توقف المخطط الاستعماري ضد السودان ؟ الآن الاستعمار الحديث استغل دولة جنوب السودان بعد الانفصال مرتكزًا للتآمر على السودان، وكلنا نعلم طموحات الحركة الشعبية وفلسفة السودان الجديد وهي تريد ان تحكم السودان بمفهوم علماني وعندما فشلت فى خطتها «أ» فصلت الجنوب والآن بدأت فى تنفيذ خطتها «ب» باستغلال جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور لزعزعة السودان و تنفيذ مخططات الدول الاستعمارية ومن هنا جاء اتفاق كاودا بين الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركة العدل والمساواة وحركتي مناي وعبد الواحد لكى تقوم بهذا العمل وتدعمهما حكومة الجنوب لكننى اقول انها لا تستطيع ان تحقق شيئًا لوجود اختلافات فى مبادئ تلك الحركات وهنا يجب على الدولة تمليك الشعب السودانى الحقائق الكاملة عن تلك المؤامرات. «مقاطعة» ماذا تعني؟ القائمون بأمر الدولة للاسف الشديد مازالوا يعرضون مشكلات السودان والمخاطر الضخمة التى تأتي اليه بصورة حقيقة مبسطة للشعب الذى سابق بوعيه وادراكه لما يجرى فى السودان وما يحيط به من مخاطر فكان ينبغى للدولة ان تعرض هذه المخاطر للشعب بوضوح وتعبئ هذا الشعب تجاه تلك التحديات القادمة لكن بكل اسف نرى التنوير للشعب السودانى يقتصر ويتركز فقط بالحديث عن المخاطر التى تحدق بالبلاد فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وينسون ان الدول العظمى بكل امكاناتها تتآمر على السودان وتريد اسقاط النظام الإسلامى من الحكم وابداله بنظام علماني يخدم مصالحها وللأسف الشديد هناك متآمرون على امن السودان من داخل بعض الأحزاب السياسية المسجلة، فبدلاً من ان تقف تلك الأحزاب فى صف الدولة وتتوحد للوقوف ضد هذا المنعطف الخطير نجدها تتآمر على السودان فيجب أن تكشف هذه الأحزاب ومواقفها للشعب السودانى كما ان هناك بعض الأقلام الصحفية ايضًا تدعم المجهود التآمري ضد البلاد وتقوم بتلوين الباطل بلون الحق فيجب كشفهم وايقافهم عند حدهم. لكن حسب مارشح يوجد متخاذلون ومتآمرون حتى داخل الحزب الحاكم نفسه.. كيف ترد على ذلك؟ صحيح حسب ماعرفناه ان هناك بعض القيادات بالوطنى فى النيل الازرق ضُبطوا متآمرين على السودان ووحدته ولكن يجب ان يحاسب هؤلاء حسابًا عسيرًا على فعلتهم لأن وحدة السودان هى الخط الاحمر ويجب الا نجامل فيه احدًا مهما كانت مكانته السياسية. دكتور كيف تنظر لواقع السلام فى دارفور بعد انهيار نظام القذافى الذى كان السند الفعلى للعدل والمساواة؟ ذهاب نظام القذافى سيدعم عملية السلام فى دارفور لان حركة العدل والمساواة كانت هى الحركة الفاعلة فى الميدان الا انها بعد الضعف الذى اصابها بعد احداث ليبيا وفقدانها للامداد عن طريق ليبيا ولا يوجد لها اى امداد آخر سواء كان من تشاد او افريقيا الوسطى وبالتالى لا تستطيع ان تصمد كثيرًا ولن يكون لها خيار آخر أو مجال غير الانضمام الى وثيقة الدوحة. هل لدخول خليل دارفور أي مخاطر محتملة؟ لا اعتقد ان تشكل عملية دخول خليل اى خطورة لانه دخل منهكًا مطاردًا بعد هزيمته فى ليبيا وهو الآن فى صندوق شبه مغلق لايستطيع ان يدعم لا من الجانب الليبي او التشادى ولا حتى افريقيا الوسطى لعلاقتهما الجيدة مع السودان بل يمكن ان تقضي عليه الدولة حال رفضه اللحاق بالسلام فجيش خليل الذى دخل به لا يستطيع ان يقاتل بعد انقطاع خط الامداد، ونقطة مهمة هنا يجب على الدولة وضع التدابير الاحترازية لمنع اى محاولة لخليل التسلل الى الجنوب عبر الحدود الشرقية لمحليات جنوب دارفور ووقتها ستكون تلك المحليات مرشحة للانفجار بعد النيل الازرق لانه سوف تقوى شوكته اذا لحق بتجمع تحالف حركات كاودا التى ستكون الحركة الشعبية داعمة وحامية لظهرها بعد ان تتجمع فى منطقة واحدة تنطلق منها لزعزعة امن السودان. كيف ترى تأثير علاقات حسن الجوار غير المستقرة تجاه قضية دارفور خاصة بعد دخول خليل الذي رجح دخوله عبر الحدود التشادية فى ظل وجود القوات المشتركة؟ اعتقد ان مصر بعد الثورات العربية التى حدثت اصبح موقفها جيدًا وتتلاقى سياستها مع سياسات الحكومة السودانية وايضًا بعد سقوط القذافى نتوقع ان يكون نظام الثورة الليبية مع السودان وتشاد اصبحت ايضًا لها جيش مشترك مع السودان يقوم بدوريات مستمرة على الحدود، ولكن الواحد يتساءل كيف استطاع خليل ابراهيم دخول الحدود السودانية كما تقول الصحف الآن ونحن نسمع بان الحدود السودانية الليبية محروسة فيكف استطاع الرجل ان يخترق هذه الحدود حتى يأتي وقالوا ايضًا انه جاء عبر الحدود المشتركة بين السودان وتشاد واذا صح لابد ان يكون هنالك شيء ما حدث فى الامر فيجب التقصي من هذه الخطوة اذا صحت. بمعنى هل تشكك في العلاقات السودانية التشادية في هذا الخصوص؟ حقيقة لا اشكك في هذه العلاقات ولكن كثيرًا من القوى المتنفذة فى تشاد تعمل حتى خلف ظهر حكومتها وعلمنا من قبل ان هنالك بعض الجهات المتنفذة فى تشاد كانت تدعم الحركات خلف ظهر حكومتها وحتى دون علم الرئيس دبى لذلك لا نستبعد ان تكون هناك ايضًا بعض الجهات المتنفذة ساعدت خليل فى أن ياتى الى دارفور من جديد وخاصة ما علمناه ان ما جاء به خليل يسيل له لعاب الكثير من الناس بانه جاء بعربات محملة بالذهب والدولارات وما الى ذلك ان لم يكن حديثًا فيه شيء من المبالغة. وصفت بعض الاحزاب بمشاركتها فى سلسلة التآمر هل لها علاقة بتحالف كاودا؟ نعم انا اظن ان هناك بعض الاحزاب لا اسميها لها علاقة ببعض الاتفاقات مع الحركة الشعبية سواء كانت في جنوب السودان او مايسمى بقطاع الشمال وهذه الاتفاقات معلومة ونستطيع ان نثبت وقوف تلك الاحزاب مع الحركة الشعبية من خلال تصريحاتها الاخيرة اثناء اندلاع الحرب فى النيل الازرق ومطالبتها للدولة بايقاف الحرب فكيف انت تطالب الدولة التى لها مسؤولية تاريخية وشرعية فى ان تحمى المواطنين وممتلكاتهم بايقاف الحرب ولماذا لاتطالب من بدأ الحرب بإيقافها فهذا دليل على وقوفهم مع حركات التمرد ولايريدون ان يصرحوا بذلك لانهم يعلمون بأن الشعب السودانى مع قواته المسلحة فى تأمين البلاد والعباد. برلمان دولة جنوب السودان حمّل الحركة الشعبية مسؤولية ماجرى فى النيل الازرق بنظرك هل هو تمويه ام حسن نية لأهمية السلام بين الدولتين؟ هذا ما قالته المعارضة فى برلمان الجنوب ولم تقله الحركة الشعبية لانها داعمة للتمرد ولاتستطيع ان تصرح بذلك. كيف ترى تجاوب المركز مع المشاريع التنموية بدارفور؟ حقيقة الناظر للسياسات الاقتصادية والتنموية للسودان منذ استقلاله يجد ان التنمية تركزت للاسف الشديد فى مناطق معينة فى وسطه وخاصة العاصمة ويمكن جزء من الجزيرة والمناطق الاخرى منه ومايسمى بالهامش تضررت تضررًا بالغًا من غياب التنمية ولاتوجد مشروعات كبيرة للتنمية بدارفور تستوعب الكم الهائل من العطالة والفاقد التربوى الموجود مما كان الوقود لهذا التمرد فالنشاط الاقتصادى الموجود هو نشاط تقليدى سواء كان زراعيًا او رعويًا وكان ينبغى للدولة تغييره لان نمط الاقتصاد الاكتفائى هو محرض على الحروب لانه ناشئ على التنافس حول الموارد الشحيحة المتناقصة والتى تحدث بموجبها الاحتكاكات والحروب فحتى الآن انا اقول ان تجاوب المركز مع جنوب دارفور سلبي!!! لأن الدعم الذى يأتى للولاية دون المستوى فهي تمر بعجز شهري حوالى خمسة ملايين جنيه حتى فى مرتبات العاملين فأين التنمية وماذا صرف لجنوب دارفور فيجب على المركز ان يراعى هذه المسألة التى تعتبر جزءًا من التظلمات التى خلقت الكثير من الغبن السياسي لكثير من مناطق الهامش.