اشتعلت مصر وهي تحبس أنفاس العالم ترقباً للقادم، عقب أعمال العنف التي انطلقت في وقت واحد في القاهرة وعدة مدن أولها مدينة بورسعيد، تزامن ذلك مع تصاعد حركة التذمر في صفوف الشرطة بمختلف قطاعاتها، لتتحول إلى حركة عصيان وتمرد على أوامر قيادات الوزارة، فيما استمرت الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين في محيط ميدان التحرير ومدينتي المحلة والمنصورة. وانتقل التمرد في الشرطة من تشكيلات الأمن المركزي المكلفة بالتصدي للمتظاهرين إلى قطاع الأمن العام، وانتشر في محافظات عدة بينها القاهرة والجيزة والغربية والدقهلية وبورسعيد والإسماعيلية وشمال سيناء والاسكندرية، وفي سياق الأحداث رفضت قوات الإطفاء التوجه إلى مقر نادي ضباط الشرطة، لإخماد النيران التي اشتعلت بداخله، عقب الاعتداءات التي تعرض لها، أمس، من أعضاء رابطة ألتراس أهلاوي، مما حدا بالقوات المسلحة التدخل وإرسال طائرات لأجل إطفاء الحرائق المشتعلة في القاهرة، وفي الإطار نفسه قال مصدر عسكري مصري إن القيادة العامة للقوات المسلحة أصدرت توجيهاتها للمنطقة المركزية العسكرية، بقيادة اللواء أركان حرب توحيد توفيق، بحماية مبنى مجلس الوزراء، ومجلسي النواب والشورى، في وسط القاهرة، باعتبارها أهدافًا حيوية مهمة. يأتي ذلك بينما أوقف فيه مئات المحتجين من مدينة بورسعيد عمل العبّارات في قناة السويس أمس، وحاولوا تعطيل الملاحة في القناة بعد نحو ساعتين من صدور حكم بإعدام «21» متهماً في أحداث ملعب بورسعيد قبل عام، معظمهم من سكان المدينة التي تقع على المدخل الشمالي للقناة، وفي هذا الصدد، علق الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور وعضو جبهة الإنقاذ الوطني، على الحكم الصادر في قضية مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها «72» شخصاً من مشجعي النادي الأهلي، قائلاً: «ننتظر حيثيات الحكم لنعرف العقل المُدبر للمذبحة، لنفهم حقيقة ما يدور في مصر». كما اشتعلت مصر من جانب آخر عندما أكد اللواء أسامة إسماعيل، مساعد وزير الداخلية لمنطقة سيناء، أن الخدمات الأمنية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء انتظمت صباح أمس عدا قطاع الأمن المركزي بمدينة العريش، الذي رفض أفراده النزول إلى «15» خدمة فجر أمس. وتمت الاستعانة بخدمات من قوات الأمن بمديرية أمن شمال سيناء، ورجال القوات المسلحة لتغطية تلك الخدمات. وأضاف اللواء إسماعيل في تصريحات خاصة لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» أمس، أنه تم رفع حالة الطوارئ، عقب تلقي أجهزة الأمن معلومات حول اعتزام مجموعات جهادية القيام بأعمال عدائية، والهجوم على بعض المنشآت الشرطية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء. وأكد مساعد وزير الداخلية لمنطقة سيناء أن قوات الشرطة تواصل جهودها بالتنسيق مع شيوخ وعقلاء القبائل السيناوية الشرفاء؛ لتحقيق الأمن والاستقرار في الشارع السيناوي. وفي سبيل معالجة الأزمة نقلت صحيفة «الوطن» المصرية أن اللقاء تم وسط أنباء عن تكليف الرئيس ل «قنديل» بإجراء تعديل وزاري محدود في الحكومة، فيما أضافت المصادر أن قنديل قال للرئيس إنه مستعد لتقديم استقالته، إذا كان في ذلك سبيل لتهدئة الأجواء، إلا أن الرئيس رفض، وقال لرئيس وزرائه إن مطالب المعارضة لا تنتهي، ولو سرنا وراءها فسنغيّر كل شهر حكومة. وفي هذه الأجواء المضطربة، هاجم مجهولون مقر جريدة «الوطن» بشارع مصدق بمنطقة الدقي، في الساعات الأولى من صباح أمس، حيث قاموا بإلقاء زجاجات المولوتوف على المبنى، مما أدى إلى إشعال الحريق بالمدخل الرئيس للمقر، وفقاً لصحيفة «اليوم السابع» المصرية. في الوقت الذي صعد فيه البعض إلى الدور الخاص بالمقر الإداري لقناة «سي بي سي»، وقاموا بتكسير بعض الأجهزة الخاصة بالمقر. بدورها قالت ابنة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الدكتورة استشهاد حسن البنا في أول ذكرى لوالدها بعد وصول الإخوان للحكم في مصر، أعربت الدكتورة عن تخوفها من ثقل الأمانة والمسؤولية في عنق الإخوان قائلة، إن الجماعة لم تسع للسلطة. وأضافت في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» نشر أمس أن أخطاء الجماعة وكوادرها أحد أسباب زيادة حدة الهجوم على الإخوان في مصر، معترفة بتأثير ذلك سلبياً على شعبيتهم في الشارع المصري. بدوره قال الإعلامي المصري والكاتب الصحفي، عماد الدين أديب، إنه كان يتوقع أن ينجح الإخوان في حكم مصر، ولكن تحولت إجابته وأيقن أننا نعيش في زمن المسخ. أديب أوضح في مقاله اليومي: «منذ «6» أشهر عندما كان يسألني الناس في أي مكان أتوجه إليه يا أستاذ، مصر رايحة على فين؟ كانت إجابتي الفورية إن شاء الله على خير، ليس المهم من يحكمنا، ولكن الأهم كيف سيحكمنا». من جانبه استنكر الكاتب الصحفي، مصطفى بكري، أحداث الفوضى والحرائق المشتعلة في مصر بينما يقف الرئيس المصري محمد مرسي موقف المتفرج الصامت. بكري كتب في تغريدة على تويتر: «مؤسسات الدولة تحترق والمطافئ تتخوف من الذهاب لإطفاء الحرائق، مصر كلها يمكن أن تحترق واحنا بنتفرج، الأمور تخرج عن السيطرة». وأضاف: «أخاف عندما ينزل الجيش لتحقيق الاستقرار لن يجد شيئاً،