اتخذت عدد من شركات النقل الجوي الأجنبية قراراً بتوقف الرحلات الجوية مع السودان. القرارات وصفت بالخطيرة إن تكررت وتبعتها شركات أخرى ربما ستؤثر فى حركة الملاحة الجوية الأوربية، من بين شركات الطيران التي أوقفت رحلاتها تأتي الخطوط الجوية الهولندية المعروفة (KLM) في المقدمة إذ أوقفت رحلاتها من أوربا إلى الخرطوم بشكل نهائي، وذلك بسبب عدم الجدوى الاقتصادية للرحلات عقب الارتفاع الجنوني لأسعار الدولار في السودان والمخاطر الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد السوداني. فقد أكد المدير القطري للخطوط الهولندية ديك فان نيونهويزن في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أن الرحلة من أمستردام إلى الخرطوم ثم أديس أبابا التي تنظم ثلاث مرات أسبوعيا ستتوقف اعتباراً من 31 مارس القادم. موضحاً أن ارتفاع أسعار الوقود والمرتبات ورسوم الهبوط بمطار الخرطوم وغيرها من الرسوم ستدفع العديد من شركات الطيران والمنظمات غير الحكومية لنقل عملها إلى جوبا عاصمة جنوب السودان. وأكد نيونهويزن عدم الجدوى الاقتصادية من الخط الناقل للخرطوم، مضيفاً أن القاعدة الشرائية والسوق في الخرطوم آخذة في التآكل المستمر، جراء الأوضاع الاقتصادية في السودان. وأوضح نيونهويزن أن «الخط لا يؤمن أي أرباح والنفقات تتزايد بسرعة أكبر من الإيرادات». مراقبون وخبراء اقتصاديون أكدوا أن عدداً من شركات الطيران العالمية، مهددة بإيقاف أو تقليل رحلاتها إلى السودان، بسبب صعوبة التكيف مع القيود المفروضة على العملة الصعبة في السودان التي تحول بينها وبين إعادة تحويل أرباحها. وحذروا من أن هروب شركات الطيران من الخرطوم سيتسبب في أزمة كبيرة، ويعد في حد ذاته مؤشراً خطيراً للتدهور الاقتصادي المستمر الذي تمر به البلاد. «لأن توقف الرحلات سيؤدي إلى معاناة كبيرة وعزلة للسودان، وستضطر مجموعات كبيرة للسفر إلى أوربا عبر دول الجوار». وبحسب الخبير الاقتصادي حسن ساتي خلال حديثه ل«الإنتباهة»، فإن العديد من شركات الطيران ستضطر إلى إغلاق مكاتبها في السودان إذا استمر هذا الحال، وأضاف أن وضع العملات الأجنبية لن يتحسن، وهناك العشرات من شركات الطيران الأجنبية لها مكاتب في السودان. وأرجع ساتي هذا التراجع إلى أن السودان فشل أن يوفر العملة الأجنبية لتلك الشركات، الأمر الذي دعاها لتتخذ قرار إيقاف رحلاتها، فعلى الحكومة أن تقاوم أي ضغوط فعلياً وليس بالحديث فقط، فحتى الآن الحكومة صامتة ولم تتخذ أية خطوات عملية تجاه لهذه الأزمة. وبتوقف رحلات الخطوط الهولندية لم تبق سوى شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» الناقل الوحيد الذي يؤمن رحلات مباشرة بين السودان والقارة الأوروبية. حيث رفعت الخطوط الجوية الألمانية رحلاتها إلى الخرطوم وأصبحت «5» رحلات أسبوعية وهي عوضاً عن ثلاث رحلات أسبوعية، حيث تستخدم الخطوط الألمانية طائرة من طراز b737-800. مدير شركة لوفتهانزا الألمانية بالسودان، هارتموت فولز أكد لوكالة «رويترز» للأنباء أن ملايين الدولارات عالقة داخل السودان، بسبب القيود المفروضة على تحويل عائدات الشركة من العملة الصعبة، ورأى أن جميع شركات الطيران تواجه نفس المشكلة، مضيفاً أن لوفتهانزا ستقرر ما ينبغي فعله مع السودان في هذا الشأن، وزاد: «نحن نتحدث إلى البنك المركزي والبنوك الألمانية ولكن لا توجد فرصة للحصول على المال للخروج في الوقت الحاضر». مضيفاً أن شركة طيران الإمارات وهي من أكبر الشركات في العالم العربي شرعت في تقييد مبيعات التذاكر داخل السودان بسبب نقص النقد الأجنبي، مشيرة إلى أن الأجانب يتعين عليهم أن يدفعوا بالعملة الصعبة أو عن طريق بطاقة الإئتمان والراكب السوداني عن طريق بطاقة الإئتمان فقط، الأمر الذي سيقلل حركة المرور باعتبار أن عدداً قليلاً من السودانيين يستخدمون بطاقات الإئتمان. إذاً على السلطات أن تسارع في وضع خطط وبرامج مستعجلة لعلاج تلك الأزمة التي ربما ستتفاقم إذا بدأت بقية الشركات فى اتخاذ تلك الخطوة وقررت إيقاف رحلاتها الجوية.