لك السلام والتحية قرأتك كثيراً ولم أزل لسعة اطلاعك ولرجاجة عقلك نعمة من الله. وأذكر قبل سنوات عديدة كتبت عن الإسلام في أمريكا وذكرت أنه حتى الطرق الصوفية لها وجود وعدَّدت بعضها ومنها البرهانية، فقد صدقت، والبرهانية في أمريكا لكثرة عددهم لديهم موقع في الإنترنت ولهم بولوتين تطلع إخوانهم في أمريكا الشاسعة أنباءهم. وتطرقت اليوم لزيارة السفير الأمريكي لمشايخ الطرق الصوفية. أما فيما يخص الطريقة البرهانية فقد زارها قبله السفير الإيطالي وزارها بعده السفير الأسباني والزائر لأي موقع من ديار المسلم فهو ضيف لا يُرد (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره). وكانت زيارته ضحى يوم سبت وكان مولانا الشيخ محمد شيخ الطريقة في سفر خارج السودان فتنادينا مجموعة من البرهانيين ورحَّبنا به في القاعة الكبرى المعدّة للضيوف وأسمعناه بعض الأناشيد من منشدي الطريقة ثم ألقيت عليه كلمة باللغة الإنجليزية لأني أستاذ إنجليزي مع علمي بأنه يجيد العربية حتى لا يحدث لبس في المعاني. تحدثتُ فيها عن قيم الإسلام في المحبة والرحمة والسلام وذكرت له أن كل ما يقال عن حقوق الإنسان في الغرب لا يرقى لقدسية الإنسان في الإسلام «وترجمت له الآية» (إنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)، وإننا معشر المسلمين نؤمن بأنبياء الله موسى وعيسى ولا مشكلة لنا مع أتباعهم إلا عندما يحدث ما يسميه القرآن تحريفاً، فحوار الأديان الذي تنادت له المؤسسات الدينية الغربية لا داعي له إذا تفهموا الإسلام على حقيقته دون تعصب ودون أهداف سياسية ولم استفض بل ترجمت له بيت أحمد شوقي في رثاء عمر المختار: ما ضرك جعلوا العلاقة في غدٍ بين الشعوب مودة وإخاءَ وشكرت له زيارته نيابة عن الشيخ الذي لم يكن حاضراً. وكذلك ألقى الدكتور عبد الله محمد أحمد الأستاذ بجامعة الخرطوم كلمة بالعربية أفاض فيها في تلكم المعاني ثم تحدث السفير شاكراً ترحابنا به ومؤكداً قيم الإسلام الكبيرة وإنها حقيقة في كل الأديان وأثنى على الشعب السوداني المسالم المضياف وحديثاً عاماً دبلوماسياً وأهدانا كتاباً عن منتزهات أمريكا!! ذلك يا أخي الكرنكي كل ما دار فلم يكن هنالك خبر يسأل عنه. ويستحسن فعلاً أن تظن خيراً إذ ورد في الأثر (من ظن بي خيراً له خيران) كما ورد في الدين إن بعض الظن إثم أعيذك منه. ثم ما كان لمثلك أن يسخر من أشعار الصوفية فهي زفرات حرى ينفثها من وجدان يتلظى بحب الله وبحب رسوله صلى الله عليه وسلم وتضيق عنها العبارة قيرسلونها في إشارات ورموز وليلى التي سخرت منها والكثيرة الورود مع أخواتها في أشعارهم هي رمز لجمال الحضرة. قال سيدي الشيخ قريب الله: وليلى ولبنى من البرية قصدهم وما قصدهم ليلى ولا قصدهم لبنى ولم يعشق العشاق غير جمالها لكنهم تاهوا بأسمائها الحسنى وإنك لتعلم ويعلم التاريخ أن من وحّد هذا الشعب وجدانياً ومشاعر وغايات كبيرة صوفي سماني الطريقة هو الإمام المهدي رضي الله عنه، فالصوفية أصحاب ليلى وحجبها هم بناة هذه الأمة وإقامة دولة الإسلام فيها، وهو شأو لم تبلغه الإنقاذ ولها من العمر أربعة وعشرون عاماً تبشر الناس فيها بدولة الشريعة ذات الرحمة والعدل والرخاء. بل هي تبتعد عن مشروعها يوماً بعد يوم كما هو ظاهر في أدائها لعلها جبنت من فرط التربص بها. والطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية تقيم حوليتها السنوية في يوم الخميس الأول من كل أبريل ويؤمها البرهانيون أفراداً وأسراً من كل فج عميق وأنت ومن تصطحب مدعو لها في حب وترحاب وسترى مصداق قول شيخها محمد عثمان عبده البرهاني في تائيته: وجيت بلاد الله شرقاً ومغرباً بذرت بأقطار الأعاجم حنطتي دخلت قلوباً لم تر الله خالقاً فأضحت بفضل الله من أهل وحدتي وإن قلوب المشركين بربهم إذا قلت بسم لله حنّتِ فليت سفير الذكر والذاكرين برهانياً إذن لرأى بنور اليقين طغيان دولته وجبروتها وأيديها الملطخة بدماء الشعوب ولإستيقن بأن نور الإسلام لن يُطفأ وإن الله متمه وعد وحي صادق. لك شكري وحسن دعائي من المحرر: أجزل الشكر للأخ الكريم البروفيسور صلاح الكارب ونؤكد له أن لم يسخر أحد من اشعار الصوفية أو اشارات ورموز ليلى. قرأة نص المقال وسياقاته مرة وأخرى تفيد بذلك.